الاستخبارات الإسرائيلية : هل دور الأسد هو التالي
صنارة نيوز - 30/09/2024 - 9:30 pmيتزايد الجدل في إسرائيل حول الخطوة المطلوبة من إسرائيل الآن، هل تلتزم بهدف الحرب المعلن، والمتمثّل باستعادة النازحين، أم تتّجه نحو محاولة الإجهاز على كل محور المقاومة بعد نجاحاتها في لبنان؟
يتساءل رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين؛ هل تتجه إسرائيل لإنهاء الحرب واحتوائها، أم التصعيد نحو حرب إقليمية طمعاً بتحطيم “سوار النار” بالكامل؟ داعياً إسرائيل للتفكير بتدمير نظام بشار الأسد.
ويقول عاموس يادلين، في مقال ينشره موقع القناة 12 العبرية، إنه، بعد عام من التراشق على نار هادئة نسبياً على الحدود اللبنانية، انتقلت إسرائيل مؤخراً من النهج المستند إلى الرد، إلى إستراتيجيا مبادِرة ومفاجِئة. أمّا النجاحات، فقد كانت على قدر الجهود: ضرباً قاسياً، ومسبباً للشلل، جاء من العدم، فأصاب آلاف ناشطي التنظيم من حَمَلَةِ أجهزة الاستدعاء والاتصال اللاسلكي، وتحييداً عن طريق الجو لآلاف الصواريخ والمقذوفات المخبأة داخل المنازل المدنية في القرى، والموجهة نحو إسرائيل، ثم جاءت الذروة؛ اغتيال حسن نصر الله في الحصن القيادي تحت الأرض التابع لـ “حزب الله”، بعد سلسلة من عمليات الاغتيال التي “جزّت” رؤوس القيادة العسكرية للتنظيم.
وعلى غرار مراقبين إسرائيليين آخرين، يتساءل يادلين؛ إلى أين ستكون وجهتنا من هذه النقطة؟ هل نحن ذاهبون إلى حرب إقليمية، أم إلى احتواء الحدث، بل أيضاً ربما إلى استثمار هذا النجاح في إنهاء الحرب؟
يجيب يادلين: تُعدّ التطورات الأخيرة نقطة تحوّل حربية على سبع جبهات، إذ تُخاض الحرب بأغلبها بوتيرة منخفضة، منذ نحو عام، وهناك أربعة عناصر ستحسم مصير الحرب، وترسم مستقبل الإقليم على مدار السنوات المقبلة: إسرائيل، ثم “حزب الله”، ثم إيران، فالولايات المتحدة.
تحديث أهداف الحرب
ويمضي في تساؤلاته ومقترحاته بالقول إنه على إسرائيل أن تقرر ما إذا كان عليها التمسك بهدف إعادة سكان الشمال بأمان، أو المضي نحو هدف أكثر طموحاً، يتمثل في إسقاط “حزب الله”، كما قال رئيس الحكومة نتنياهو، في خطابه أمام الأمم المتحدة، بل أيضاً ربما استمرار “تهشيم الحلقة النارية” التي حاصرتنا إيران بها، وبعد ذلك البدء بالعمل ضد الخلية التي تدير هذا كلّه في دمشق.
مخطط سياسي
ويقول أيضاً إنه إذا ما قرّرت إسرائيل التمسك بالهدف الذي حددته قبل أسبوعين (إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان)، فإن عليها أن تسمح للولايات المتحدة بأن تقودها نحو معاهدة مع لبنان تضمن تطبيقاً مختلفاً تماماً لقرارَي مجلس الأمن رقم 1559 و1701؛ بحيث يستند التطبيق هذه المرة إلى منظومات رقابة وإنفاذ أقوى كثيراً، وإلى إغلاق الحدود السورية اللبنانية، ومنع عمليات تهريب السلاح. كما يضمن نزعاً تاماً للسلاح في المنطقة الواقعة جنوب خط الليطاني، والتعامل مع هذه المطالب بصفتها مطالب لا تقبل التفاوض أو المهادنة، وتوفر لإسرائيل شرعية العمل ضد تنامي العمل العسكري في لبنان، كما فعلت في سورية قبل الحرب.
الانسحاب في أوج المعركة
واستناداً لتجارب سابقة يضيف: “لو كنا قد أنهينا حرب لبنان الثانية، سنة 2006، بعد الإغارة على الضاحية، لكانت نتائج الحرب مختلفة تماماً. وعلى إسرائيل الآن أن تضع شروطاً لإنهاء الحرب، وتنهيها على الجبهتين الشمالية والجنوبية.
اجتياح بري واسع النطاق
ويرى ما يراه مراقبون إسرائيليون آخرون بأن الاجتياح البري سيكون خطأ يستغله “حزب الله”، وفي المقابل، يقول إنه على القرى التي تمثّل البيئة الداعمة للحزب على الحدود أن تدفع الثمن الأقصى، ويجب تنظيف هذه القرى من شبكات “الإرهاب”، سواء من ناحية الإغارات البرية، أو الهجمات الجوية، ولاحقاً، بواسطة قوة دولية تملك صلاحيات كبرى، ويتم نشرها على الحدود.
-حرب إقليمية
وحول احتمالات نشوب حرب إقليمية، يرى يادلين إنه من يحسم في هذا الشأن هو إيران، وقد كان نصر الله هو الرقم الثاني في معادلة المحور، كما كان هو “قلب المحور النابض”، وقد استثمر الإيرانيون مليارات الدولارات في حزبه، بصفته الجهة العسكرية الأهم في المحور المناهض لإسرائيل. ويتوقع أن يأخذ الإيرانيون وقتهم للتفكير، لكن إمكان قرارهم ضرب إسرائيل هو أمر قائم وحقيقي، ويضيف: “علينا أن نهتم بألاّ يكون الرد الإيراني قفزة نحو القنبلة النووية”.
الولايات المتحدة
وحول موقف أمريكا، يوضح يادلين أن هناك مشاعر مختلطة في واشنطن، حيث يسود غضبٌ مكبوت ضد نتنياهو، الذي ردَّ مقترح الإدارة الأمريكية لوقف إطلاق النار. ويقول إن هناك شكوكاً لدى الإدارة بأنه يعمل من أجل تقديم العون لترامب في الانتخابات. وفي المقابل، هناك دم أمريكي كثير على يدَي حسن نصر الله، وضرب هذا التنظيم يُعدّ خطوة مهمة من أجل إنشاء تغيير يؤدي إلى التوازن في الشرق الأوسط لمصلحة المعسكر المعتدل الذي تقف الولايات المتحدة على رأسه. ويتمثل الهدف الرئيسي للإدارة الأمريكية الآن في الحؤول دون نشوب حرب إقليمية قبل الانتخابات، ولذا، فمن المقبول الاعتقاد أن هذه الإدارة سترسل رسالة ثانية للإيرانيين بصيغة “إياك لا تفعل”.
ويدعو يادلين للتذكر أن الولايات المتحدة هي حليفة إسرائيل الأكبر، بل أيضاً، في بعض الأحيان، حليفتها الوحيدة، وأننا في حاجة إليها في مجلس الأمن، وفي توفير السلاح، وفي ردع إيران من أجل إنهاء ما يحدث بطريقة تضمن المحافظة على الإنجاز الإستراتيجي الإسرائيلي لوقت طويل. ومن الملائم التوصل إلى حالة من التنسيق مع الأمريكيين بشأن سيناريوهات إنهاء المعركة، ومنظومات هذا الإنهاء، التي سيكون الأمريكيون هم من يقودونها.
الانفصال عن السنوار؟
وبخصوص الرابطة بين الجبهتين، يرى يادلين أنه على “حزب الله” الآن أن يقرّر إذا ما كان الأوان قد آن للتخلي عن الصيغة التي أصرّ عليها نصر الله، والتي تربط جبهة الشمال بغزة. ويقول يادلين إن هذا الإصرار أدى إلى حدوث كارثة لحقت برأس التنظيم، وردوده الضعيفة نسبياً حتى الآن تشير إلى عمق الضربة التي تلقّاها، وإلى عدم قدرته على توفير رد عملياتي على القدرات الاستخبارية، والهجومية، والدفاعية الإسرائيلية.
هل دور الأسد هو التالي؟
وضمن مقترحاته، يقول يادلين أيضاً إنه، في إطار فكّ حلقة النار الإيرانية المحيطة بإسرائيل، علينا التفكير في ضرب نظام الأسد، الذي مثّل الجسر الأساسي للإمدادات العسكرية وتنامي “حزب الله”.
ويمضي في الحضّ على المزيد من استخدام القوة الآن: “على الأسد أن يختار الآن إذا ما كان يريد مواصلة العمل في خدمة الإيرانيين، ليعرّض بذلك بقاءه للخطر، أم أن عليه أن يغيّر سلوكه، ويغلق الحدود السورية أمام عمليات تهريب السلاح الإيراني. كما أن إسرائيل لديها أيضاً “فاتورة مفتوحة” مع الحوثيين في اليمن، والميليشيات في العراق”.
العودة إلى المنابع
ويدعو يادلين لتغيير طريقة القتال: “على إسرائيل، بعكس ما تصرفت به خلال العام الماضي، أن تعود إلى أسس تصورها الأمني الكلاسيكي: الحروب القصيرة، والحسم الواضح، وعدم التنازل في مسألة تنامي جيوش العدو على حدودها. سيكون النصر حليفنا في الشمال إذا تصرفنا وفقاً للعقيدة الأمنية الإسرائيلية، بعكس هذا الاستثمار الكبير في حرب غزة، وتلك الأثمان الهائلة التي تبذلها إسرائيل هناك اليوم، وهذه الأثمان ظهرت، على سبيل المثال، في خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل، قبل أيام، من جانب “موديز”.
تحرير الاسرى
وحول الصفقة مع “حماس”، يشير يادلين إلى أنه لا يزال هذا هو هدفنا الأعلى، وواجبنا الأخلاقي اليوم، أكثر من أي وقت مضى.
ويضيف: “اليوم، ضعفت ركائز الادعاء بأن وقف الحرب سيضرّ بالردع الإسرائيلي، وسيؤدي إلى وقوع سيناريو يشبه 7 تشرين الأول/أكتوبر في الشمال أو الجنوب. كما أن ادعاء أن إسرائيل لن تعود قادرة على العودة إلى محور فيلادلفيا نتيجة الضغط الدولي المكثف هو ادعاء غير صحيح كما ثبت”.
ويختتم يادلين بالقول إنه بعد تصفية قيادة “حزب الله” و”حماس”، والعملية في مصياف في سوريا، والغارة على مرفأ الحديدة في اليمن، عادت إسرائيل مجدداً لتظهر كقوة إقليمية كبرى، ومن شأنها أن تعود إلى مكانها بصفتها قوة عظمى قادرة على التوصل إلى اتفاق يضمن استعادة الأسرى، حتى لو أتاح ذلك لحركة “حماس” الحصول على إنجازات معينة ومؤقتة ويمكن سحبها.
ويزعم: “شعب إسرائيل لا يخاف من الطريق الطويل، وخصوصاً بعد أن أثبت أن يده هي الراجحة”.