على الأقل.. والله أعلم يا شيخ جمعة
صنارة نيوز - 2015-03-16 09:06:19اسامة الرنتيسي
على جدول أعمال القمة العربية المنتظر عقدها في مصر نهاية الشهر الحالي قرار يتعلق بالاعلام وفرض "ميثاق الشرف الإعلامي العربي" على وسائل الاعلام، حتى تلتزم بأخلاقيات المهنة.
إذا كان بعض وسائل الاعلام أو أكثرها قد انجر الى لغة المرحلة الطائفية والتقسيمية وغير الاخلاقية، فإن صنّاع السياسة، ورجال الدين هم الأكثر حاجة إلى ميثاق شرف يمنعهم من استخدام لغة منحطة، واتهامات لا يمكن ان يتقبلها عقل محترم.
نعترف نحن المشتغلين في الاعلام العربي عموما من الانحدار المهني الذي أصاب وسائل إعلامية، كبيرة ومؤثرة، تعمل على الاستقطاب والتناحر الإقليمي، وقدمت أجندات سياسية للدول التي تملكها على أية أجندة مهنية، فلم يعد للخبر مصدر، ولا للتحليل معلومات، ولا للتحقق عناصر معروفة، فقط خبير في الشؤون العسكرية، وما أكثرهم، وفي التيارات الاسلامية، حيث يتحولون إلى مفتين في كل شيء حتى في اقتصاد المعرفة، والأنكى أن مصادر الأخبار أصبحت تعليقات وخزعبلات في صفحات الفيسبوك وتويتر، ومن يرد اثباتات لذلك يَعُد إلى كيف تعاملت وسائل اعلامية مع مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، الذي "غابت عنه قطر، وحضره الفاشلون" كما ذكرت وسائل اعلامية.
بسهولة؛ تفقد هذه الوسائل الاعلامية جمهورها وتأثيرها، والمستمع الجيد يستطيع ان يُفرّق بين الغث والسمين، لكن أن يتورط شيخ جليل (شخصيًا أحترمه وأجلّه) بحجم مفتي جمهورية مصر السابق علي جمعة فيهاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مؤكدا أنه اعتمد في الانتخابات السابقة التي ترشح فيها على "المومسات" والأشخاص الذين يأتون بقصد "الزنا"، فهذه الفاجعة الكبرى، مع عدم اتفاقي بمستوى 180 درجة مع سياسات اردوغان ومواقفه.
ويزيد جمعة خلال مشاركته في برنامج "والله أعلم"، على قناة "سي بي سي" إن أردوغان يسهِّل في بلاده ممارسة الدعارة، وإدخال "الدواعش".
وإن تركيا بقيادة أردوغان تكرم سنويا سيدة "الدعارة" الأولى في البلاد لمسارعتها في تسديد الضرائب المستحقة عليها كاملة قبل الموعد المحدد، وفق قوله.
هذا الانحطاط في الخطاب، لا ينعكس فقط على المستمعين، بل يتبناه للأسف كثيرون، بما أن سماحة المفتي نطق به، فكيف نعالج انحطاط اللغة في الاعلام، اذا كان بعض رجال الدين يتبرعون بهذه التغذية المؤذية.
لنرعوي قليلًا، خاصة الذين يحملون سيوفهم الخشبية في وسائل الإعلام الحديثة، في الفيسبوك وتويتر، وبعض الفضائيات، ويمارسون ابشع أصناف الحقد والكراهية واللغة البذيئة، ضد من يعارضون أفكارهم، لا بل وصل المستوى في اللغة إلى هبوط لا يمكن معالجته إلا بالبتر ونزع الأوساخ من عقول عفنة، منقوعة بالبؤس والعتمة والضلال والسوء.
تقرأ تعليقات وعبارات منحطة في الفيسبوك والتويتر، فتتساءل من أي مستوى تافه خرج أصحابها، ومن أية منظومة أخلاق ينضحون كل هذا العفن، وتحزن على حالنا نحن الذين نؤمن بحرية الرأي والتعبير وحق الآخر في إبداء رأيه مهما اختلفت معه، لتكتشف أن لا علاقة بين حرية الرأي وما ينشر في هذه الوسائل، حتى يدفعك هؤلاء إلى التشكيك في اصل وجود هذه الوسائل، والهدف من فتحها للعامة ومن دون أية رقابة قانونية أو أخلاقية.
الاختلاف في الموقف السياسي مهما كان، لا يجب ان يجر الى انحطاط في استخدام مصطلحات والفاظ غير لائقة أخلاقيا، والأهم أن لا تنشر أو تبث كلمات الطائفية والكراهية والتقسيمية عبر وسائل الاعلام مهما كان مصدرها ومطلقها.