تعويض عاملة منزل تم ايقافها اداريا لثلاث سنوات.. ما القصة؟‏

صنارة نيوز - 27/03/2024 - 12:04 pm

الصنارة نيوز-‏
حكمت محكمة استئناف عمان بتعويض قيمته (20,880)دينار لصالح عاملة منزل ‏اندونيسية الجنسية، تم ايقافها اداريا ثلاث سنوات ونصف، لتقرر المحكمة الزام وزير الداخلية ‏ومحافظ المفرق، بالاضافة الى وظيفتهما، بتعويض العاملة ماليا ومعنويا، مبينة المحكمة ‏في نص قرارها ان "قرار المحافظ مخالفا لاحكام القانون لتجاوزه الصلاحيات التي منحه اياها ‏القانون وما ترتب عليه من بقاء المدعية في السجن لمدة 3 سنوات ونصف يعد خطأ جسيما ‏يرتب المسؤولية المدنية عما لحق بالمدعية من اضرار جراء حجز حريتها دون مسوغ ‏قانوني، و انه لا يعد فعل المحافظ من قبيل الافعال المشروعة باستعماله للحق، لكون الخطأ ‏الحاصل لا يدخل ضمن نطاق المشروعية‎ ".‎

القرار الذي صدر الشهر الماضي في قضية رفعتها للعاملة وحدة المساعدة القانونية في ‏‏"تمكين" للمساعدة القانونية وحقوق الانسان يعد سابقة قضائية ستؤسس لمراجعة ملف ‏التوقيف الاداري في الاردن بحيث تحد منه خاصة في الحالات التي لا يراعى فيها احكام ‏قانون منع الجرائم، الذي يستند اليه الحكام الاداريون عادة عند اصدار قرارات التوقيف ‏الاداري‎.‎


وكانت "تمكين" وصلت لهذه العاملة من خلال زيارات ميدانية يقوم بها فريق تمكين للسجون ‏ومراكز الاصلاح حيث تم تحويل ملفها الى وحدة المساعدة القانونية في "تمكين" التي بدورها ‏رفعت قضية للعاملة‎.‎

وجاء في قرار المحكمة ان المحكمة اتخذت قرارها بعد اعتمادها لتقرير الخبرة، الذي قدّر ‏للعاملة مبلغ 5880 دينار ضررا مادياً، و 15000 بدل ضرر معنوي لما تسبب لها التوقيف ‏الاداري من حرمانها للعيش بشكل طبيعي ومستقر‎ .‎

وأضاف قرار الاستئناف: "حضرت العاملة الى المملكة في عام 2006 طلبا لكسب العيش ‏للعمل كعاملة منزل .وكان عمرها عند ذلك احدى وعشرون سنة وكانت بكرا . و تعرضت ‏العاملة للاغتصاب بالاحتيال على يد مجرمين حيث تشكلت على ضوء ذلك قضية جنائية ‏لدى محكمة الجنايات الكبرى والتي ادانت المغتصبين بجرم الاغتصاب "، و على اثر ذلك ‏تم احتجاز العاملة بموجب قرار من محافظ المفرق وبتنسيب من ادارة حماية الاسرة /المفرق ‏بمديرية الامن العام .وذلك من تاريخ 8/5/2012 "بحجة حمايتها وتم نسيانها وتركت ‏محجوزة حتى 7/10/ 2015‏‎.‎


وتنص المادة (3) من قانون منع الجرائم رقم 7 لسنة 1954 على "إذا اتصل بالمتصرف أو ‏كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بوجود شخص في منطقة اختصاصه ينتسب لأي صنف ‏من الأصناف المذكورة أدناه ورأى أن هنالك أسباباً كافية لاتخاذ الإجراءات، فيجوز له أن ‏يصدر إلى الشخص المذكور مذكرة حضور بالصيغة المدرجة في الذيل الأول لهذا القانون، ‏يكلفه فيها بالحضور أمامه ليبين إذا كان لديه أسباب تمنع من ربطه بتعهد، إما بكفالة كفلاء ‏وإما دون ذلك، حسب الصيغة المدرجة في الذيل الثاني لهذا القانون يتعهد فيه بأن يكون ‏حسن السيرة خلال المدة التي يستصوب المتصرف تحديدها، على أن لا تتجاوز سنة واحدة ‏‏1_كل من وجد في مكان عام أو خاص في ظروف تقنع المتصرف بأنه كان على وشك ‏ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه 2_ كل من اعتاد اللصوصية أو السرقة أو حيازة ‏الأموال المسروقة أو اعتاد حماية اللصوص أو إيواءهم أو المساعدة على إخفاء الأموال ‏المسروقة أو التصرف فيها 3_ كل من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة خطراً ‏على الناس‎".‎

العاملة التي تم الحكم لصالحها بقيت في السجن لمدة تجاوزت الثلاث سنوات ونصف دون ‏مسوغ قانوني، حيث استندت محكمة الاستئناف الى قرار محكمة التمييز في ذات الدعوى و ‏الذي جاء فيه:"فان المدعية عند صدور قرار محافظ المفرق كانت ضحية و مجني عليها، ‏ولم تتحقق بها اي صفة من صفات اصناف الاشخاص الجائز للمحافظ اتخاذ الاجراءات ‏بحقهم و الوارد ذكرها على سبيل الحصر في المادة (3) من قانون منع الجرائم حيث لم توجد ‏المدعية في مكان او ظروف توحي بأنها على وشك ارتكاب اي جرم او المساعدة على ‏ارتكابه ولم يثبت كذلك اعتيادها او ارتكابها لأي جرم وكذلك لم ترد بينة على ان وجودها ‏طليقة بلا كفالة فيه خطراً على الناس، اي لم تتحقق بالمدعية اي من الحالات المحددة ‏حصرا لفئة الاشخاص الجائز للمحافظ اتخاذ الاجراءات المنصوص عليها في قانون منع ‏الجرائم بحقهم‎".‎

واضاف قرار محكمة الاستئناف:"وعلى اثر ذلك، فان قرار المحافظ مخالفا لاحكام القانون ‏لتجاوزه الصلاحيات التي منحه اياها القانون وما ترتب عليه من بقاء المدعية في السجن ‏لمدة 3 سنوات و نصف يعد خطأ جسيما يرتب المسؤولية المدنية عما لحق بالمدعية من ‏اضرار جراء حجز حريتها دون مسوغ قانوني ، و انه لا يعد فعل المحافظ من قبيل الافعال ‏المشروعة باستعماله للحق ، لكون الخطأ الحاصل لا يدخل ضمن نطاق المشروعية‎ ".‎

العاملة، ومن خلال وحدة المساعدة القانونية في "تمكين"للمساعدة القانونية وحقوق الانسان ‏اقامت دعوى صلحية حقوقية لدى محمكة صلح حقوق عمان ضد الجهات التي تسببت ‏بطريقة او بأخرى باحتجازها، مطالبة بالتعويض عن الاضرار التي لحقت بها جراء احتجازها ‏مدة تتجاوز ثلاث سنوات ونصف دون وجه حق، ومن ثم تحولت الدعوى الى محكمة بداية ‏حقوق عمان بعد احالتها في 3/11/2020 كون قيمة التعويض تزيد عن 10000 دينار مما ‏يجعل اختصاص النظر في الدعوى لمحكمة بداية حقوق عمان‎.‎

المديرة التنفيذية ل"تمكين" لندا الكلش اكدت ضرورة وقف العمل بقانون منع الجرائم، ‏واقتصار التوقيف على السلطة القضائية فقط، مؤكدة ان حكم محكمة الاستئناف بتعويض ‏العاملة سيؤسس لقرارات اخرى من هذا النوع حيث تعتبر "تمكين" هذه القضية والحكم الذي ‏صدر بها قضية استراتيجية ستعيد النظر بملف التوقيف الاداري في الاردن، وستلقي الضوء ‏من جديد على قانون منع الجرائم وكيفية تطبيقه على ارض الواقع، فضلا عن التكاليف ‏المالية الكبيرة على خزينة الدولة جراء توقيف اعداد كبيرة في السجون ومراكز الاصلاح‎.‎

وقالت كلش:" إنّ الاحتجاز الإداري يعد انتهاكًا للحق في الحرية الشخصية، في ظل استمرار ‏السلطة التنفيذية من خلال الحكّام الإداريين وقراراتهم بممارسة صلاحية واسعة بالتوقيف ‏الإداري، رغم ان الدستور الاردني ينص على ان الحرية الشخصية مصونة، وان كل ‏اعتداءعلى الحقوق والحريات العامة هي جريمة يعاقب عليها القانون كما كفلت الاتفاقيات ‏الدولية الحرية والامان وعدم توقيف اي شخص تعسفاً، فقد نص العهد الدولي الخاص ‏بالحقوق المدنية والسياسية انه لكل فرد الحق في الحرية وفي الامان على شخصه و بأنه لا ‏يجوز توقيف احد او اعتقاله تعسفا،ولا يجوز حرمان احد من حريته الا لاسباب ينص عليها ‏القانون، كما يتوجب إبلاغ أي شخص يتم توقيفه بأسباب هذا التوقيف لدى وقوعه كما ‏يتوجب إبلاغه سريعا بأية تهمة توجه إليه، كما انه لكل شخص كان ضحية توقيف أو ‏اعتقال غير قانوني الحق في الحصول على تعويض‎"‎

وتشير تصريحات صحفية سابقة لوزير الداخلية ان مراكز الاصلاح والتأهيل استقبلت حتى ‏نهاية عام 2023 ما يقارب 21 الف و500 نزيل بنسبة إشغال 109%، حيث أن الطاقة ‏الاستيعابية في هذه المراكز نحو 13 ألفًا و500 نزيل، فيما يوجد في مراكز الإصلاح ‏والتأهيل 6214 موقوفًا قضائيًا، و1772 إداريًا منهم حوالي 300 موقوف إداري متعلقة ‏قضيتهم بالأتاوات و 800 تم الافراج عنهم ، و13 ألفًا و245 إصلاحيًا‎.‎

فيما يتعلق بالتكلفة الاقتصادية للنزيل الواحد في مراكز الإصلاح والتأهيل نجد أنها تبلغ نحو ‏‏750 دينارًا شهريًا ، ما يقارب 9000 دينارًا سنويًا، وفقًا لبيانات مديرية الأمن العام، ما يعني ‏أن كلفة التوقيف الإداري للموقوف ليوم واحد تقدر بحوالي (25) دينارًا‏‎.‎

على سبيل المثال تصل تكلفة 21 ألف نزيل نحو 15.7 مليون دينارًا شهريًا ، بواقع 189 ‏مليون دينارًا سنويًا، مع ذلك فإن عمليات التوقيف الإداري لا تزال مستمرة دون وجود أسباب ‏واضحة، هذا يعني أن زيادة حالات التوقيف الإداري سيؤدي بالضرورة إلى زيادة الإنفاق ‏العام على السجون‎.‎

بخصوص العاملة التي حكمت لصالحها محمكة الاستئناف بتعويضها جراء نسيانها ثلاث ‏سنوات ونصف في السجن، تشير كلش الى ان هذه العاملة وحدها واستنادا الى حسابات ‏مديرية الامن العام كلف وجودها في السجن خزينة الدولة (31,500)دينارا. ما يؤشر على ‏المبالغ الكبيرة التي تتكبدها الدولة نتيجة ملف التوقيف الاداري‎.‎

فيما يتعلق بتوقيف العمال/ات المهاجرين/ات إداريًا، يقوم مركز تمكين خلال عمله بتنفيذ ‏زيارات إلى مراكز الاصلاح والتأهيل لمقابلة العمال/ات الموقوفين/ات، إداريًا حيث بلغ عدد ‏المقابلات من العام 2012 حتى شهر حزيران من العام 2023 (409) مقابلة‏‎.‎

وبمقابلة (409) موقوفًا إداريًا من العمال المهاجرين أفادوا بعدم معرفتهم سبب توقيفهم أو ‏بحقهم بالاستعانة بمحامي، كما لا تتوافر الترجمة عند مقابلة الموقوفين، أما فيما يتعلق ‏بمعاملة المحتجزين فلم يبلّغ عن أي معاملة غير إنسانية أو أي نوع من التعذيب داخل ‏أماكن الاحتجاز إلا أن بعض المهاجرات أبلغن عن إجبارهن على تنظيف المراكز الأمنية ‏عند احتجازهن، وفيما يتعلق بمدد التوقيف كانت تتراوح بين الشهر و أكثر من سنتين.‏

رؤيا