دراسة: ازدياد العواصف الترابية والرملية في دول المنطقة وبينها الأردن

صنارة نيوز - 2018-02-17 11:10:55

عمان- كشفت دراسة حديثة، عن ازدياد وتيرة العواصف الترابية والرملية في دول المنطقة، وبينها الأردن، وهي ناجمة عن أنشطة بشرية، تشمل خلخلة سطح التربة والتصحر وتدهور الأراضي والتغير المناخي.
وكانت عاصفة غبارية عنيفة ضربت مناطق واسعة من بلاد الشام سنة 2015، بلغت أشدها في مناطق شمال شرق سورية، اذ انعدمت الرؤية وتوقفت حركة السير في مناطق: الحسكة ودير الزور، في حين أعاقت الاجواء المغبرة الرؤية على غالبية الطرق الصحراوية والخارجية في الأردن، وأدت لتعليق الدراسة ببعض المدارس، بينما طالت مدن مناطق أردنية عدة، لا سيما محافظة الطفيلة ولواء القصر.
وأشارت الدراسة المنشورة في مجلة "البيئية والتنمية"، حصلت "الغد" على نسخة منها، إلى أن الصحراء الكبرى والمنطقة، من أبرز مناطق العالم التي تتعرض لعواصف ترابية ورملية، وتشهد زيادة ملحوظة في التعرية الريحية والعواصف المرتبطة بها، بخاصة في مناطق شبه الجزيرة العربية وشرق البحر المتوسط وجنوب بلاد الرافدين.
وكانت العاصفة الرملية الكثيفة التي ضربت الأردن في آب (اغسطس) 2015، اجتاحت مخيم الزعتري للاجئين السوريين في محافظة المفرق، مخلفة إصابات، وأدت لتعطيل رحلات جوية، وتصاحبت مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، وصلت إلى 45 درجة مئوية.
وتسببت العاصفة الرملية في حالات اختناق وضيق تنفس عند اجتياحها لـ"الزعتري"، ثاني أكبر مخيمات اللجوء في العالم، ويحتضن أكثر من 400 ألف لاجئ سوري، وفق مواقع إلكترونية حينها.
وأرجعت الدراسة الصادرة ضمن تقرير صدر مؤخرا عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، حول وضع العواصف الرملية والغبارية، إذ تعد من أبرز التحديات البيئية المستجدة، أسباب العواصف لعوامل طبيعية مرتبطة بوجود الصحارى والمناطق الجرداء، ومنها الأنشطة البشرية المسؤولة عن نحو 25 % من انبعاث الغبار العالمي.
وتتضمن الأنشطة البشرية؛ تغيّر استخدامات الأراضي، وما يتصل بها من استنزاف للمياه الجوفية وتحويل المياه السطحية لأغراض الري، وتجفيف المسطحات المائية، وإزالة الغابات وتراجع خصوبة الأراضي الزراعية، ما يعرض التربة للتعرية بفعل الرياح.
وتُظهر محاكاة حاسوبية، نشرت نتائجها العام 2010، أن انبعاث الغبار عالميا، ارتفع بين 25 إلى 50 %، منذ العام 1900 لأسباب مجتمعة، وأهمها تغير استخدام الأراضي وتغير المناخ. 
وأظهرت سابقا، نتائج تقرير الأردن الأول، لتحديثات بلاغات التغير المناخي خلال ترة عامين، وأعد بدعم مالي من مرفق البيئة العالمي، وأعلنت وزارة البيئة نتائجه في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الانمائي، ارتفاع مجمل الغازات الدفيئة، في المملكة الى 27.99 مليون طن، مقارنة بـ23.14 مليون طن العام 2010.
ويشار الى أن المناطق الجافة التي تنشأ فيها عواصف رملية وغبارية، تتعرض حاليا لمزيد من الجفاف بفعل أنشطة بشرية وتغير المناخ، وسيسهم ذلك بمزيد من الغبار في الجو، وبدوره، يؤثر تزايده فيها على منظومة المناخ، ويعزز حدة الجفاف في المناطق القاحلة، كما يمكن للغبار أن يسهم بزيادة فرص هطل الأمطار في مناطق تكثر فيها السحب.
كما ان العواصف الرملية والغبارية، ترتبط بمجموعة قضايا بيئية وتنموية، تمتد عبر الحدود الوطنية والإقليمية والقارية، برغم أن التغير المناخي سيفاقم مشاكل الإدارة غير المستدامة للأراضي ومصادر المياه، في مناطق تولد العواصف الرملية والغبارية، لكن بالإمكان تقليص هذا التهديد عبر التعاون بين الدول واتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمواجهة هذا التهديد.
وبالنسبة للبشر، فيمكن أن يؤدي استنشاق جزيئات الغبار الدقيقة، مع ما تحمله من ملوثات وبكتيريا وفطريات، للإصابة بالربو الذي يتسبب عند تفاقمه، بأمراض تنفسية خطرة، بالاضافة الى أن من مشاكل الغبار الشائعة، التهاب العين وتهيج الجلد.
وتسهم العواصف الغبارية بتردي نوعية الهواء، علما بأن منظمة الصحة العالمية، تقدر أن سبعة ملايين شخص يموتون سنويا نتيجة تلوث الهواء.
ولا يقتصر ضرر الغبار على الجانب الصحي، فالعواصف الغبارية تتسبب بحصول خسائر اقتصادية واسعة، أما على المدى القصير، فتتسبب بأمراض الماشية ونفوقها، وتلف المحاصيل، بالاضافة لأضرار تلحق بالمباني والبنى التحتية، وتعطل وسائط النقل، وتكاليف ترحيل أطنان الرمال المترسبة. 
أما على المدى الطويل؛ فتتضمن تعرية التربة وتلوث النظم الإيكولوجية والتصحر، بالإضافة لتكاليف العلاج الصحي وخسارة اليد العاملة. 
وتقدّر إحصائية نشرتها الأمم المتحدة العام 2016، أن الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة العربية يخسر نحو 13 بليون دولار كل عام، نتيجة العواصف الغبارية.
ولمواجهة مخاطر العواصف الرملية والغبارية، دعت الدراسة لأن تتوجه الجهود على السياسات الوقائية، كنظم الإنذار المبكر والحد من الكوارث، والتوعية العامة وتعزيز خدمات الطوارئ في المستشفيات، ولا بد من شمول التأهب لتوفير الوقاية عن طريق زرع الأشجار أو نصب الحواجز في اتجاه الرياح، لحماية المناطق المأهولة بالسكان.
وعلى المدى البعيد؛ يجب أن ينصب الاهتمام على الاستراتيجيات التي تعزز الإدارة المستدامة للأراضي والمياه في سائر البيئات الطبيعية، بما فيها الأراضي الزراعية والمراعي والصحارى والمناطق الحضرية.
وتبقى هذه الاستراتيجيات قاصرة ما لم تتكامل مع تدابير التكيف مع التغير المناخي، وتلطيف آثاره، إلى جانب الحفاظ على التنوع الحيوي والموائل الطبيعية.