خبراء: أين الإصلاح الاقتصادي في برنامج "النقد الدولي"؟
صنارة نيوز - 2016-06-12 08:04:40عمان- يجمع خبراء اقتصاديون على أنّ البرنامج الاصلاحي الذي طبق على مدار 3 سنوات سابقة ابتداء من 2012 مع صندوق النقد الدولي لم ينجح في حل المشكلات الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد الوطني لسنوات، رغم التبعات التي تحملها المواطن جراء تطبيق هذا البرنامج.
يأتي هذا في الوقت الذي يقبل فيه الأردن على تطبيق برنامج جديد مع الصندوق سيتضمن بالضرورة زيادة على أسعار الكهرباء والمياه وقد يتجاوز ذلك لاجراءات أخرى، مقابل تخفيض أرقام العجز في الموازنة والمديونية الى 77 % من الناتج المحلي الاجمالي بدلا من 93 % في الوقت الحالي.
وكان الأردن في 2012 طبق برنامج الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد الدولي شمل عدة اجراءات تمثلت بتحرير أسعار المحروقات ورفع أسعار الكهرباء لتعويض انقطاع امدادات الغاز المصري؛ حيث حصلت المملكة على قرض على عدة دفعات بلغت قيمته الاجمالية في نهاية عمر البرنامج في آب (أغسطس) 2015، ما مقداره 2 مليار دولار.
وتعكس الأرقام أهم المؤشرات الاقتصادية تراجعا واضحا في الاقتصاد منذ 2013 وحتى اليوم فهناك تراجع في معدلات النمو؛ حيث بلغ في 2013 حوالي 2.9 % ليرتفع في 2014 الى 3.1 % ويعود للتراجع في 2015 ليصل الى 2.4 %، وسط توقعات بأن لا تزيد معدلات النمو لهذا العام عن 3 % بأفضل الاحوال.
أما عجز الموازنة فقد كان في 2013 حوالي 1.3 مليار دينار، وتراجع في 2014 الى 585.3 مليون دولار، ثم عاد للارتفاع العام الماضي ليقترب من 2013؛ حيث قدر العجز بـ928 مليون دولار، ومن المتوقع أن يصل العجز في 2016 حوالي 907 ملايين دينار.
وبلغ صافي الدين العام في 2013 حوالي 19 مليار دينار ليشكل 80.1 % من الناتج المحلي الاجمالي، وزارد في 2014 ليصل الى 20.55 مليار دينار، وارتفع العام الماضي ليصل الى 22.8 مليار دينار ويشكل 84.2 %، فيما أنّ الدين العام وصل العام الماضي الى 24.4 مليار دينار أي ما نسبته 90.3 % من الناتج المحلي الاجمالي.
وقدرت البطالة في 2013 بـ 12.6 % لتنخفض في 2014 بنسبة بسيطة؛ حيث قدرت بـ 12.3 % وتعود في 2015 للارتفاع حيث قدرت بـ 13.6 %. وتعمل على أن يصل في 2016 الى 11 %.
أما معدل الفقر (وان كانت آخر احصائية قبل 2013) فتشير الأرقام الرسمية الى أنّ معدل الفقر يقدر بـ 14.4 % وفقا لاحصائيات 2010، إلا أنه وصل الى 20 % وفق معلومات سربت في وقت سابق وذلك بناء على مسوحات الدخل وانفاق الأسر في 2013.
ويرى الخبراء بأنّ الشيء الوحيد الذي استفاد منه الأردن من البرنامج الأخير كان الحصول على القروض والحفاظ على حجم الاحتياطي من العملات الصعبة والذي ساهم في الاستقرار المالي.
الخبير الاقتصادي وزير تطوير القطاع العام سابقا، الدكتور ماهر مدادحة، أشار الى أنّ ما يطبقه الأردن من برامج مع صندوق النقد الدولي لا "يرتقي الى أن يسمى اصلاحا" بل هو وفق المدادحة "اجراءات وترتيبات الهدف منها تحقيق الاستقرار المالي وتمكين الحكومة من الاقتراض".
ويرى المدادحة بأن الحكومة أمام مشكلة اقتصادية كبيرة تتمثل بارتفاع العجوزات في الموازنة وخوف من انخفاض الاحتياطيات، مؤكدا ضرورة ان تكون الاصلاحات متركزة على ايقاف الاقتراض مضيفا بأنّ مثل هذه الاصلاحات ستعمق المشاكل الاقتصادية.
وأكد على ضرورة اطلاق اصلاح اقتصادي على مستوى القطاعات وازالة التشوهات واتخاذ القرارات الصعبة التي من المفترض أن تعالج التشوهات في الاقتصاد.
الخبير الاقتصادي، زيان زوانة، أشار إلى أنّ البرنامج الجديد لن يختلف عن القديم، خصوصا في ظل استمرار نفس الظروف الخارجية والداخلية التي تحيط بالأردن. فيرى زوانة بأنّ مشاكل الفقر والبطالة وتواضع النمو والمديونية العالية باتت ذات المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد منذ سنوات، وزاد من هذه المشكلات الظروف الاقليمية المحيطة واغلاق الحدود مع سورية والعراق وحتى الظروف الاقتصادية الخليجية التي باتت تنهي خدمات كثير من الأردنيين والتي أثرت وتؤثر على الأردن.
وأضاف زوانة بأنّ الصندوق يعي هذه الظروف التي تمر بالأردن لكنه يطالبه بخطوات صعبة، والمسؤولون يتعاطون مع هذه الطلبات وكأنه ليس هناك أي مشكلة في تطبيقها، مشيرا الى أنّ المواطن هو من سيتحمل تبعات هذه المشكلات بشكل أساسي.
استاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور قاسم الحموري، اتفق مع ما سبق حول تعمق مشكلات الاقتصاد مع تطبيق وصفات صندوق النقد الدولي.
وأشار الى أنّ المواطن هو من بات يتحمل أي اجراءات أو سياسات يتم تطبيقها مع الصندوق. ويرى الحموري بأنّ الحكومة تسير بالاتجاه الخاطئ نحو الاصلاحات وأنّ ما طبق أو سيطبق من برامج مع الصندوق بعيدة عن مراعاة الأمور الاجتماعية وفاقمت الفقر والبطالة والتباين في توزيع الدخل.
ودعا الحموري الى ضرورة اعادة النظر فيما يتم تطبيقه من هذه البرامج، مع ضرورة أخذ رأي المواطنين ومشاركتهم بالقرارات بكل شفافية.
ويشار هنا الى أنّ الأردن كان طبق برنامج التصحيح الاقتصادي في الفترة الواقعة بين 1989 و2004، وطبق خلالها البنك المركزي سياسات نقدية متشددة لمواجهة الضغط على العملة الوطنية، وأزمة ميزان المدفوعات التي كان يعاني منها الأردن العام 1989.
وقد كان البرنامج الإصلاحي بمساعدة صندوق النقد الدولي، وساعد الأردن بسحب 125 مليون دولار من موارد الصندوق. وكان من أهداف البرنامج تخفيض عجز الموازنة بنسبة 24 % من إجمالي الناتج المحلي الى ما نسبته 10 % بحلول العام 1993، وتشجيع النمو الاقتصادي الذي يدعمه التصدير، وتخفيض معدل التضخم.
كما كان الأردن طبق برنامج التحول الاقتصادي والاجتماعي الذي انطلق العمل به العام 2002 وانتهى العام 2005، والذي قام على فلسفة الاستثمار في عمليات الإصلاح التي تساعد على الوصول إلى التنمية المستدامة وفي تنفيذ الإصلاحات المالية والإدارية والقضائية وفي تحسين الخدمات الحكومية الأساسية المقدمة للمواطنين، خصوصا في المناطق النائية مع التركيز على قطاعات الصحة والمياه والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتنمية المحافظات ومحاربة الفقر والبطالة بمنهجية قائمة على مبدأ تعزيز الإنتاجية.