عندما كانت كريستينا كوستال رئيسة لبعثة صندوق النقد الدولي في الأردن خلال الفترة 2012-2015، كان الصندوق يتعامل مع الأردن بمنتهى المرونة، أي غض النظر عن التجاوزات، والتماس الأعذار أو قبول بدائل في حالة عدم الالتزام.
الحكومة الأردنية كانت قادرة خلال السنوات الثلاث الماضية أن تتجاهل برنامج الإصلاح الاقتصادي وتتصرف كما تشاء بصرف النظر عن التزاماتها بموجب البرنامج.
الأردن لم يخضع لإرادة الصندوق وتوجيهاته لسبب بسيط هو أنه ليس مضطراً طالما أنه يسدد أقساط قروضه في مواعيدها ولا يطالب بإعادة الجدولة، أما التعاون مع الصندوق فيأتي لإقناع الدول المانحة بأن الاقتصاد الاردني سليم، ويدار بكفاءة، ويسير بالاتجاه الصحيح ويستحق المزيد من المساعدات.
لا يبدو أن هذه الحالة المريحة سوف تستمر في مرحلة البرنامح الجديد 2016-2019 الذي سيتم إقراره قريباً. ليس فقط لأن رئاسة البعثة انتقلت إلى شخص آخر ِحـِمش، بل أيضاً لأن تطبيق البرنامج أصبح مطلوباً حتى لا نقول مشروطاً من الدول المانحة، وخاصة في مؤتمر لندن الأخير، الذي التزم بمبالغ طائلة لدعم اللاجئين السوريين في الأردن، ويجب التأكد من إنفاق المال بالطرق والأهداف المقررة.
من ناحية أخرى فإن مرونة أو تساهل أو رخاوة الصندوق خلال فترة تطبيق البرنامج السابق أدت إلى نتائج سلبية، فلم ينجح البرنامج في تحقيق أهم الأهداف المرسومة، بل تحقق عكسها في الحالات.
كانت نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي في 2001 (سنة الأساس) 71%، وبدلاً من تخفيض هذه النسبة ارتفعت أربع عشرة نقطة مئوية لتزيد عن 85% مع أن السيطرة على المديونية تأتي في مقدمة أهداف البرنامج. ومثل هذا يمكن أن يقال عن عجز موازنة القطاع العام (الحكومة ومؤسساتها المستقلة) الذي ارتفع بدلاً من أن ينخفض.
أما من الناحية الاجتماعية فلم ينخفض معدل البطالة، ولم تهبط نسبة الفقر، ولم يتحسن أسلوب توزيع الدخل، وارتفعت حصة الديون الأجنبية من 20% إلى 41% من إجمالي المديونية.
الرئيسة السابقة لبعثة الصندوق كوستال أظهرت مهارة عالية في التماس الأعذار والمبررات، فهناك الهزات الإقليمية، وتقطع الغاز المصري، وإغلاق الأسواق السورية والعراقية، واللجوء السوري الكثيف، وبشكل عام تفاقم الربيع العربي وتداعياته السلبية.