اقتصاديون: الحكومات فشلت بمعالجة البطالة

صنارة نيوز - 2016-05-14 07:17:01

عمان– ما تزال البطالة تتصدر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة رغم إعلان الحكومات المتعاقبة منذ عقود عديدة عن جملة استراتيجيات لحلها.
وبعد أن سجلت في الربع الأول من العام 2006 أعلى مستوى لها حيث وصلت لـ14.4 %، عادت بعد عشر سنوات لتسجل رقما مشابها خلال الربع الأول من العام الحالي 14.6 %، وفقا لأرقام نشرتها دائرة الإحصاءات العامة مؤخرا.
خبراء اقتصاديون أجمعوا على اعتبار السياسات الحكومية المتعاقبة لحل البطالة بـ"الفاشلة"، أو أنها "لم تطبق أصلا وبقيت حبرا على ورق"، معتبرين أن "الحكومات المتعاقبة لم تبذل جهودا كافية لحلها، لا بل ساهم بعضها من خلال سياساته بتأزيم المشكلة، لا سيما تلك المتعلقة بمخرجات التعليم الجامعي الذي لا ينسجم مع متطلبات سوق العمل، أو تركيز وزارة العمل على الدعاية في التوظيف بدلا من التوظيف الفعلي وخلق فرص عمل في الاقتصاد.
نائب رئيس الوزراء السابق العين الدكتور جواد العناني أشار إلى أنّ مقاييس البطالة في الأردن ماتزال غير معروفة وغير واضحة، وهذا يؤدي إلى عدم معرفة الحكومات بحقيقة المشكلة ومداها، مشددا على أهمية التخطيط الشامل ووضع أهداف محددة لحل المشاكل التي تواجه سوق العمل، منتقدا "رؤيا 2025" في هذا السياق.
وربط العناني بين مخرجات التعليم الجامعي ومتطلبات سوق العمل "غير متلائمة"، حيث لا بدّ أن تقوم الاستراتيجيات التي توضع بتحديد المطلوب من الكفاءات والتخصصات لسوق العمل.
وذهب العناني إلى أن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي أطلقت العام 2012 لم يتم الالتزام بها أو حتى قراءتها، مؤكدا أنّ مثل هذه الاستراتيجية كانت لتساعد في حل هذه المشكلة.
وطالب العناني الحكومات بأن تعطي الأولوية للمواطن الاردني في التوظيف، مشيرا إلى أنّ دخول السوريين إلى الأردن خلق حالة من عدم التوازن في سوق العمل، بحيث أصبح العرض في هذا السوق "بلا حدود"، وبات سوق العمل في الأردن "غير منظم".
وزير تطوير القطاع العام سابقا ماهر المدادحة أعاد البطالة إلى تراجع النمو الاقتصادي، موضحا أن عدم وجود نمو اقتصادي يعني عدم خلق فرص عمل جديدة، خصوصا إذا كانت معدلات النمو في الاقتصاد أقل من النمو السكاني.
واعتبر المدادحة أن معدل النمو المطلوب يجب أن يكون أكثر من 7 % في الأردن، بحيث يخلق فرص عمل جديدة، موضحا أن عدم تحقيق نمو يأتي بسبب عدم قدرة الحكومة على حشد المدخرات الوطنية لزيادة الاستثمار المحلي وعدم قدرتها على جذب استثمارات أجنبية جديدة، مع عدم قدرتها على معالجة البيروقراطية.
أما السبب الرئيس الآخر الذي ركز عليه المدادحة فهو "البطالة الهيكلية" التي تتعلق بعدم توافق مخرجات التعليم الجامعي مع متطلبات السوق.             
مدير عام مركز الفينيق للدراسات والأبحاث أحمد عوض قال إن "البطالة في الأردن ليست مشكلة جديدة ولم تأت فجأة، وإنما هي نتاج لسياسات اقتصادية تمّ تنفيذها خلال العقود الماضية".
وقال إنّ هذه السياسات الحكومية ركزت على تحرير الاقتصاد الوطني، ما أضعف من القدرة على إيجاد سياسات تشغيل فعالة، إضافة إلى توقيع الأردن لاتفاقية التجارة الحرة والتي لم تكن، وفق عوض، عادلة لكثير من القطاعات المشغلة، موضحا أنّ كثيرا من القطاعات الاقتصادية التي كانت توظف أعدادا كبيرة تضررت من هذه الاتفاقية، و"لم يكن الأردن مضطرا لتوقيع مثل هذه الاتفاقية".
وأضاف أنّ الحكومة في السنوات الأخيرة أصبحت تقلص دورها في التوظيف، ونسيت أنها هي المعنية بخلق فرص عمل، مشيرا إلى أنّ الاقتصاد في 2007 نجح في خلق 70 ألف فرصة عمل، فيما انخفض هذا الرقم ليصبح 50 ألف فرصة العام 2014. 
وخلص إلى القول "لقد أثقلت السياسات الحكومية كاهل القطاع الصناعي بالضرائب والرسوم".  
وربط عوض بين ارتفاع نسب البطالة و"فشل النظام التعليمي الذي يخرج سنويا بين 100 إلى 120 ألف طالب عمل جديد، مع عدم مواءمة ذلك مع سوق العمل ومتطلباته"، مشيرا إلى أن النظام التعليمي في "فوضى كاملة"، فالجامعات تعمل دون أي مسؤولية اجتماعية ودون اهتمام بحاجات سوق العمل، مع الإشارة إلى عدم الاهتمام أيضا بنوعية التخصصات ومضامين المواد التي يتلقاها هؤلاء الطلاب، ما أدّى إلى ضعف الخريجين".
وأشار عوض إلى أن "المرصد العمالي" سجل العام الماضي 30 احتجاج للمطالبة بتوفير فرص عمل، أي ما يشكل 12.7 % من مجمل الاحتجاجات التي تمت في نفس العام.
وقال إن الحكومة لم تتعامل مع عملية خلق الفرص بجدية، وإنها ركزت على الدعاية في التشغيل رغم أن وظيفتها هي خلق فرص عمل حقيقية من خلال زيادة الاستثمار. 
ودعا عوض لتغيير في سياسة وزارة العمل وتحويل تركيزها من الدعاية على الوظائف إلى إيجاد الآليات الحقيقية التي تخلق فرص عمل.