نجح البنك المركزي في القيام بدوره المرسوم في رسم السياسة النقدية ، والإشراف على الجهاز المصرفي ، والقيام بالواجبات المنصوص عليها في قانون البنك المركزي. لكن هذا لا يعني أن ُتلقى على كاهل البنك المركزي مسؤوليات خارجة عن نطاق المهمات التي تقوم بها البنوك المركزية ، إلا إذا كان المقصود استهلاك الثقة العالية التي يتمتع بها البنك المركزي وهي رأسماله الحقيقي.
تحت هذا الباب خطر ببال البعض في وقت ما تحويل مهمة هيئة الاوراق المالية وسوق عمان المالي إلى البنك المركزي والآن تأتي مهمة جديدة هي تحويل سلطة الإشراف على شركات التأمين إلى البنك المركزي ، وهي مهمة لا تمارسها البنوك المركزية ، وكانت من اختصاص وزارة الصناعة والتجارة.
بعثة صندوق النقد الدولي ، التي زارت الأردن مؤخراً ، التقطت هذا الاقتراح المتداول وجعلته جزءاً من مقترحاتها لإصلاح قطاع التأمين بوضعه تحت إشراف البنك المركزي!.
مشاكل التأمين عديدة وأهمها الخلافات بين الشركات والمؤمنين أو المتضررين ، فهل من واجب البنك المركزي ان يتلقى الشكاوى ضد شركات التأمين التي ترفض الدفع ، أو تماطل ، أو تبالغ في إعادة التامين لدرجة تجعلها مجرد وكيل لشركات إعادة التأمين الاجنبية ، أو تأخذ على عاتقها مخاطر تفوق قدراتها وإمكانياتها.
ليس مستبعداً والحالة هذه أن تحال إلى البنك المركزي جميع القضايا المستعصية بما فيها مراقبة الشركات المساهمة ، وموازنات الجامعات الرسمية ، وتنظيم سوق العمل وهيئة تشجيع الاستثمار ، لمجرد الاعتقاد بأن البنك المركزي قادر على القيام بهذه المهمات بكفاءة لتوفر الخبراء الأكفاء في جهازه الإداري.
البنك المركزي غني بالكفاءات ، والاستفادة من هذه الكفاءات في مجالات مختلفة كان يتم بانتداب هؤلاء الأكفاء إلى الجهات ذات العلاقة ، وهذا ما كان يحصل فعلاً حيث أن رئيس وزراء وعدداً من أفضل الوزراء والمدراء في مختلف أجهزة الدولة هم من خريجي البنك المركزي.
القرار اتخذ فعلاً لنقل المسؤولية عن شركات التأمين إلى البنك المركزي ، وتم تشكيل لجنة رسمية لتنفيذ هذه التوصية الخرقاء. وليس معروفاً ما إذا كان البنك المركزي يقبل هذه المهمة بدلاً من وزارة الصناعة والتجارة.
البنك المركزي لا يمتلك أية خبرة في إدارة شؤون التأمين ولذلك طلب من الصندوق إرسال خبير لتطبيق التوصية ، فلماذا لا يذهب الخبير مباشرة إلى وزارة الصناعة والتجارة وهي جهة الاختصاص؟.