فريق "فداء" .. يستعيد لأذهان العرب قضية كانت مقصيّة عن ذاكرتهم

صنارة نيوز - 2016-03-13 08:29:46

بثينه السراحين

 

لم يكن الشاب الأردني "أنس أبو خضير" يعلم بأن حضوره حفل زفاف شقيقته سيدفعه نحو تشكيل فريق عربي للإهتمام بالأسرى في سجون "الصهاينة"، وتسليط الضوء على معاناة الآلآف ممن يقضون زهرة شبابهم خلف القضبان؛ يذودون عن ديننا وأرضنا وعرضنا؛ ويخطون بأعمارهم حروف الأمل بالحرية والتحرر من قيد الغاصب.

ففي العام 2006م سافر "أبو خضير"، وهو ناشط في القضية الفلسطينية، إلى الضفة الغربية، بنيّة حضور حفل زفاف شقيقته الذي أقيم في مدينة الخليل، وهناك اعتقلته قوات الإحتلال بتهمة التخطيط للقيام بأعمال تهدد أمن ما يسمى بإسرائيل ولتمتد فترة إعتقاله للعام 2009م، إلا أنّ اللافت في الأمر أن تجربته مع الأسر لم تمر مرور الكرام، بل دفعته، بُعيد تحرره، للعمل على تشكيل فريق مساند للأسرى بدأت فكرته تراوده إبان سنوات أسره.

ويعلق الثلاثيني أبو خضير :" جمعتني سنوات الإعتقال في سجون الإحتلال بأسرى أردنيين، بعضهم محكوم بعدة مؤبدات، واستمعت منهم لملاحظات واستنتاجات تفيد بأنّ الجانب الإعلامي في قضيتهم غير مفعّل، وبأنه يتوجب إيجاد آلية لتوعية الشعب الأردني بقضية الأسرى من أبناء جلدتهم. وكان هؤلاء يحمّلونني مسؤولية تشكيل إطار إعلامي يسلط الضوء على قضيتهم ومعاناتهم، وذلك بالطبع بعد إنقضاء مدة محكوميتي".

بُعيد تحرّره من سجون "الصهاينة" وعودته للأردن، باشر "أبو خضير" في ترجمة الفكرة لواقع ملموس.. ويبين :" كان أول مشروع إعلامي من نوعه لجهة إهتمامه بقضية الأسرى في سجون الإحتلال عموماً؛ والأسرى الأردنيين على وجه الخصوص، وتمت ترجمة المشروع بعد عام كامل من التحضير وإستشارة ذوي العلاقة، وإشهاره في العام 2012م تحت إسم (فريق دعم الأسرى الإعلامي)، في حين اختزلنا إسم الفريق بكلمة (فداء)، والتي أشتقت من الحروف الأولى للكلمات الأربع التي تشكل إسم الفريق. حيث كان الهدف من هذه التسمية هو أن الفريق يفتدي الأسرى بوقته وجهده".

ولم يكن تاريخ الإعلان عن تشكيل فريق "فداء" محض صدفة، حيث يبين رئيسهُ أبو خضير أن " موعد الإعلان كان بتاريخ 18/10/2012م، والذي صادف الذكرى السنوية الأولى لصفقة وفاء الأحرار بين المقاومة والإحتلال، والتي أفرج من خلالها عن (1027) أسير فلسطيني وعربي. كما أنّ لموعد الإشهار رمزية أخرى لكونه قريب من تاريخ 20/10، والذي يمثل يوم الأسير الأردني".

وكان فريق فداء، حسبما يذكر رئيسه أبو خضير، اختار عبارة ملازمة لشعار (لوغو) الفريق وهي (الحرية حق مشاع لبني الإنسان وغاصبها مجرم)؛ وهي عبارة أطلقها المناضل المغربي الأمير محمد عبد الكريم الخطابي. في حين تشكلت النواة الأولى للفريق من خمسة أشخاص جمعهم همٌ واحد عبر صفحات التواصل الإجتماعي، ألا وهو مناصرتهم لقضية الأسرى في سجون الإحتلال، وسرعان ما استقطب الفريق ما مجموعه (26) متطوعاً ينتمون لعدة بلدان؛ الأردن وفلسطين ولبنان والكويت وتونس وغيرها من الدول.

"أبو خضير" يشدد على أن " هدف الفريق تشكيل وعي عام بقضية الأسرى والعمل على تدويلها في إطار إنساني وإعلامي يبتعد عن الأطر القانونية والسياسية التي تعمل عليها لجان شعبية أخرى يتم التعاون والتنسيق معها لتغطية أنشطتها إعلامياً من قبل فريق فداء، والذي حظي بإقبال إعلامي جيد في حفل إشهاره الذي أقيم في العاصمة عمان. وقد لحظنا أن وسائل الإعلام التي أبدت تجاوباً معنا كانت بحاجة بالفعل لمن يزودها بالمعلومات الخاصة بأسرانا، وهذا ما نقوم به، ما جعلنا نلحظ تزايد الإهتمام من قبلها بتتبع قضية الأسرى وتسليط الضوء عليها".

ويزيد أبو خضير:" قياساً بحجم التضحيات الكبيرة لأسرى الحرية كان الإعلام الأردني والدولي مقصراً في إلقاء الضوء على قضيتهم ومعاناتهم، وكانت المجهودات الإعلامية المبذولة لا ترتقي لحجم تضحيات الأسرى. وكان سبب هذا القصور شح المعلومة عنهم وعدم وجود جهة مختصة تزودهم بهذه المعلومة. واليوم بات فريق فداء بمثابة الجسر الذي يربط الأسرى بالإعلام الأردني، ويغذيه بكل ما هو جديد حول قضيتهم".

ولترجمة هدفه بتدويل قضية الأسرى، ينفذ فريق فداء منذ تأسيسه حملة توعية بقضية الأسرى في سجون الإحتلال بوسائل ونشاطات عدة، يذكرها رئيسه أبو خضير:" نستثمر كافة الوسائل المتاحة لهذا الغرض، عبر الترويج للفعاليات وإصدار النشرات التعريفية بالقضية، وإصدار المواد الصوتية والمرئية التي تتحدث عن الأسرى والمفقودين الأردنيين، حيث تم إصدار ألبوم إنشادي خاص بقضية الأسرى وهو الأول من نوعه الذي يتناول قضية المفقودين الأردنيين من خلال سبعة أناشيد أشرفنا على كتابتها".

ويواصل أبو خضير :" قمنا كذلك بإنتاج البرامج الإذاعية مثل (القمر السجين)، والذي تمّ بثه عبر أثير إذاعة (الفجر) اللبنانية وإذاعات محلية فلسطينية. ومؤخراً أنتجنا برنامج (قيد الياسمين) والذي يتناول قضية الأسيرات؛ سيتم بثه قريباً عبر إحدى الإذاعات المحلية. كما يجري الإعداد لإطلاق برنامج تلفزيوني سيعرض عبر إحدى الفضائيات الأردنية تحت عنوان (قامات)، ويحوي هذا البرنامج لقاءات مع أهالي الأسرى الأردنيين. ناهيك عن أننا نواظب على نشر أخبار وتقارير متخصصة وإطلاق حملات إعلامية وإقامة حفلات إشهار كتب لمؤلفين أسرى، وكما نُسهم في طباعتها، مثل؛ حفل إشهار كتاب (الماجدة) للأسير عبد الله البرغوثي. و(درب الأشواك) للأسير سليم حجة".

ويستعين فريق "فداء" بوسائل عدة لترجمة أهدافه سالفة الذكر، منها؛ الفيس بوك، وتويتر، وإنستغرام، وغوغل بلس، ويوتيوب، وتليغرام، والرسائل النصية القصيرة. بحيث يعتقد "فداء"- وفقاً لرئيسه أبو خضير- أن هذه النشاطات بمجملها قد تُفضي لتشكيل وعي عام شعبي بقضية الأسرى وبما يُحدث ضغطاً على صناع القرار، والذين بإمكانهم بدورهم الضغط على المؤسسات الدولية والإحتلال الإسرائيلي لجهة الإفراج عن الأسرى. وما يدفع بفريق "فداء" لعقد الآمال على نشاطاتهم هو أن الحكومة الأردنية سبق وأن تجاوبت مع ضغوطات أهالي الأسرى في سجون الإحتلال وأمّنت لهم زيارة جماعية لأبنائهم عام 2008م.

ويُعرّف رئيس فريق "فداء" الأسرى الأردنين في سجون الإحتلال بأنهم " من حملة الرقم الوطني الأردني، وإقامتهم بالدرجة الأولى في الأردن، وجميعهم تمّ إعتقالهم خلال زيارتهم لفلسطين. ويبلغ عدد الأسرى الأردنيين في سجون الإحتلال (26) أسيراً، منهم ستة يقضون حكماً بعدة مؤبدات، وهم؛ عبد الله البرغوثي، منير مرعي، مرعي أبو سعيده، هشام الكعبي، محمد الريماوي، هاني خمايسه. وأعلاهم حكماً صاحب المحكومية الأعلى بالتاريخ الأسيرعبد الله البرغوثي ممن حكم عليه بالسجن لمدة (67) مؤبداً. فيما يعتبر الأسير عمر عطاطرة أقدم الأسرى في سجون الإحتلال؛ وهو من تمّ إعتقاله العام 2000م ومحكوم بالسجن لمدة عشرين عاماً".

ويتابع أبو خضير:" أصغر الأسرى الأردنيين في سجون الإحتلال هو الطفل محمد مهدي سليمان، والذي أعتقل في سن السادسة عشرة، وعمره الآن ثمانية عشرة عاماً، وحوكم بالسجن مدة (18) عاماً بتهمة رمي الحجارة!. وكان آخر المعتقلين الأردنيين من قبل الإحتلال الأسير المهندس ثائر الحويطي ممن أعتقل بتاريخ 24/12/2015م، وهو بالمناسبة عضو في نقابة المهندسين الأردنيين. ويضاف لهؤلاء الأسرى (30) مفقوداً أردنياً، أغلبهم من أفراد الجيش الأردني اختفى أثرهم عاميّ 67م و68م، وكان آخرهم المفقود ليث الكيلاني، وليس لدينا معلومات حول مصير هؤلاء سواءً أكانوا شهداء أو أحياء".

وحول آلية تواصل فريق "فداء" مع الأسرى الأردنيين في سجون الإحتلال، يبين رئيس الفريق أن ذلك يتم من خلال محامي الدفاع عنهم. منوها إلى أن " الأسرى يعانون من شتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي؛ وما يضاعف من ألمهم هو حرمانهم من زيارات الأهل أسوة بالأسرى الفلسطينيين. ولقد حاول الأسرى الأردنيون الضغط على حكومتهم الأردنية للقيام بواجبها والدفع لجهة تأمين زيارات لهم من قبل عوائلهم؛ وذلك عبر خوضهم لتجربة الإضراب عن الطعام لأكثر من مرة، وكان أطول إضراب لهم مدته (102) يوماً. فيما أضرب الأسير علاء حماد منفرداً ولأكثر من (200) يوم. وإجمالاً فإن هؤلاء الأسرى ورغم ثقتهم بالله وبعدالة قضيتهم إلا أنهم يستشعرون بأنهم مُهملين من قبل شعبهم وحكومتهم".

.. وأما بعد فهذا مرور سريع على نشاطات فريق مسعاهُ إسناد الحق ودفع الجور والظلم عن أصحاب قضية عادلة وليكن حال فريق "فداء" في وقفته ضد فريق الطغيان والظلم مُجسداً لقوله تعالى (فريقاً هدى وفريقا حقّ عليهم الضلالة).. هذا فريق يفتدي بوقته وجهده مَنْ بعثوا من داخل معتقلهم لدى فريق الضلالة برسالة إلى الشعب الأردني قالوا فيها الكثير ممّا يستحق التوقف عنده والتمعن فيه.. وكان من بين ما قالوا " يا أهل العزة والكرامة.. نوصيكم بأن لا تضيعوا تضحياتنا دون وقفة إعتبار، فأجعلوها لكم ولأبنائكم من بعدنا طريقاً ودستوراً حتى لا يُقال أن الشعب الأردني لم يقدم التضحيات على أرض قلسطين. نستودعكم الله، ولنا لقاء في يوم لا يظلم فيه أحد، يوم يقف الشهداء شهوداً على الظلم والجور والحرمان".