البنك الدولي : الأردن تحمل المسؤولية فتراجع أداؤه الاقتصادي

صنارة نيوز - 2016-02-07 08:54:31

- قال البنك الدولي، إن الأردن تحمل المسؤولية الدولية عن استضافة اللاجئين السوريين، مما أثر سلبا على المديونية العامة وتراجع  الاستثمارات وارتفاع نسب البطالة. 
وأضاف التقرير الذي حمل عنوان «الآثار الاقتصادية للحرب والسلام»، أن البلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الاوسط  وشمال افريقيا لم  تحقق الاستفادة الكاملة من انخفاض اسعار النفط لأنها تواجه اما الاثار غير المباشرة للحروب الاهلية والصراعات في المنطقة، او غياب الامن بسبب الهجمات الارهابية (او الامرين معا).
 وبحسب التقرير، يستضيف الاردن اكثر من 630 الف لاجىء سوري مسجل، بينما يؤلف اللاجئون ربع السكان في لبنان، موضحا أن معدلات البطالة في الأردن  ارتفعت    الى 12.5 %  في النصف  الأول من العام 2015   بالمقارنة مع 11.4%  في الفترة نفسها من عام 2014، وأدى غياب الأمن والشكوك المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط الى تراجع الاستثمارات الاجنبية والمحلية في كل من لبنان والأردن . ففي الاردن، انخفضت الإستثمارات كنسبة من اجمالي الناتج المحلي الى ما يقدر بنحو   27.4 %  في عام 2015، من ذروتها البالغة 28.1 % في 2013.
وتوقع التقرير أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في الأردن بنسبة 3.5% في العام 2016 و 3.8% في العام 2017.
 وعَّدل البنك الدولي، تقديراته للنمو الاقتصادي العالمي في عام 2015  بالنقصان الى 2.4 % اي ما يقل بواقع 0.4 نقطة مئوية عن توقعاته في /حزيران 2015. وتتمثل العوامل التي اسهمت في هذا التعديل بالنقصان في تدهور افاق النمو للبلدان النامية، ولا سيما الصين، وتراجع اسعار السلع الاولية ، ومنها النفط، وتصاعد الصراعات والهجمات الارهابية في منطقة الشرق الاوسط  واماكن اخرى. وتراجع معدل النمو الاقتصادي في اسواق البلدان النامية والصاعدة من 4.9 % في عام 2014 الى 4.2 % في 2015، ويعزا  ذلك الى حد كبير الى ضعف افاق النمو في البلدان الرئيسية المصدرة للسلع الاولية . فروسيا والبرازيل تشهدان حالة ركود اقتصادي، كما تتعرض المملكة العربية السعودية وبعض البلدان الرئيسية المصدرة للنفط لضغوط من جراء انخفاض اسعار النفط. وما زالت افاق النمو لهذه المجموعة من البلدان قاتمة،  مع توقع  ان يستمر ضعف اسعار النفط لبعض الوقت.
وأشار التقرير أن  النمو في البلدان  مرتفعة الدخل اكتسب  زخما في عام 2015، بفضل قوة الطلب المحلي وتحُسن ظروف الائتمان . الا  ان التوقعات الخاصة بعام 2016 في هذه البلدان شهدت تعديلات  بالنقصان بفعل اثار تباطؤ حركة التجارة في اسيا على اليابان، وصعود الدولار الامريكي على الولايات  المتحدة.
وتوقع البنك الدولي ان ينتعش النمو الاقتصادي العالمي قليلا ليصل الى 2.9 % في عام 2016، و3.1 %  2017- 2018   ويعزى  هذا الانتعاش المتوقَّع الى اعادة التوازن المنظم في الصين، واستمرار التعافي في البلدان مرتفعة الدخل، والضبط التدريجي لاوضاع التمويل، واتجاه اسعار السلع الاولية  نحو الاستقرار. وتتمثل المخاطر الرئيسية لهذه الافاق في تباطؤ النشاط في البلدان الرئيسية الصاعدة والنامية، وتوقعات مسار اسعار الفائدة الامريكية في المستقبل التي تبطئ تدفقات راس المال في العالم، وتراجع اسعار السلع الاولية  الى مستوى دون المتوقع. 
ولفت الى أن   تراجع اسعار النفط  استمر بسبب اختلالات  جانبي العرض والطلب، حيث انخفضت الاسعار بنسبة 35 % في عام  2015، وهوت دون 30 دولار  للبرميل من خام برنت في منتصف  كانون الثاني 2016 أي ربع  ذروتها في  حزيران 2014، واقل من المستوى المتدني اثناء الازمة المالية والبالغ 36.20 دولار للبرميل. 
وكانت العوامل الرئيسية في هذا الهبوط الحاد لاسعار  النفط هي ضعف الطلب من الصين وتباطؤ النمو في منطقة اليورو. ولم يكن للمخاطر الجيوسياسية مثل الخلاف الذي دب في الأونة الاخيرة  بين المملكة العربية السعودية وإيران  تاثير على اسعار النفط الا  لساعات قليلة بعد تصاعد   التوترات. وتتردد تكهنات بان «تخمة المعروض النفطي» مع صعود الدولار  الامريكي قد يؤديان الى مزيد من التراجع للاسعار هذا العام ، بل قد تصل الى 20 دولارا  للبرميل حسب تقدير مورغان ستانلي
 وتذهب تقديرات وكالة الطاقة الدولية وادارة معلومات الطاقة الامريكية الى ان اسعار النفط قد تبلغ في المتوسط نحو 40 دولارا  للبرميل في عام 2016. ومن المحتمل ايضا بنهاية عام 2016 او منتصف عام 2017، ان يخرج بعض منتجي النفط الاعلى تكلفة مثل منتجي النفط الصخري من السوق وان يبدأ انتعاش اسعار النفط. وانعكاسا لهذا الاحتمال، يتوقع البنك الدولي متوسط 37 دولارا  للبرميل هذا العام وزيادة الى 48 دولار للبرميل في 2017. 
كما عدل  البنك الدولي تقديراته للنمو الاقتصادي في عام 2015 في منطقة الشرق الاوسط  وشمال افريقيا الى 2.6 %  اقل قليلا من النمو في   العام  2014، ومنخفضا 0.2 نقطة مئوية عن توقعاته في  تشرين الاول 2015. وترجع الاسباب الرئيسية لهذا التعديل الاخير في تقديرات النمو الى استمرار الحروب الاهلية، والهجمات الارهابية، وتراجع اسعار النفط.
وأوضح التقرير أن المواجهة  التي نشبت في الاونة الاخيرة  بين المملكة العربية السعودية وايران  زادت من التوترات المستمرة التي تشهدها المنطقة. وإ ذا اشتدت هذه المواجهة فانها قد تؤدي الى زيادة الانفاق العسكري، لاسيما في  البلدان المعنية بشكل مباشر وحلفائها. وفي ظل مستويات الانفاق الحكومي الحالية، ومع تراجع اسعار النفط، قد تؤدي مثل هذه الاستجابة الى زيادة الضغوط على هذه الاقتصادات. وفضلا عن ذلك، من المحتمل ان تزيد المواجهة التي نشبت في الاونة الأخيرة من المخاطر الجيوسياسية، لتؤثِّر على الاستثمار، والسياحة، والتجارة   في منطقة هشة بالفعل. 
ونظرا لأنه لا يبدو ان عوامل ضعف النمو في منطقة الشرق الاوسط  وشمال افريقيا ستنحسر قريبا، فان الافاق على الامد القصير لا تزال «تبعث على تشاؤم يشوبه الحذر»، وسيبقى متوسط معدل النمو الاقليمي عند هذا المستوى المنخفض. بيد انه مع ايجاد حل سياسي للصراعات في اليمن وليبيا ،والى حد ما في العراق وسوريا، ورفع العقوبات عن ايران، سيتحسن معدل النمو الاقليمي ، من خلال انشطة اعادة الاعمار واستئناف الاستثمار وصادرات النفط. 
 وفي ظل هذا السيناريو الذي يتسم بدرجة اكبر قليلا من التفاؤل، يتوقع البنك الدولي ان يبلغ متوسط معدل النمو في المنطقة 4.1 و4.4 في المائة في عامي 2016 و2017، اي ما  يزيد نحو نقطة مئوية واحدة عن الاعوام الثالثة المنصرمة . ويتوقف الكثير من هذا النمو الاضافي على عودة ايران الى الاسواق العالمية، واستتباب الامن في ليبيا والعراق بدرجة تتيح زيادة صادرات النفط. وسيبقى النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ثابتا في الفترة التي تغطيها التوقعات، حيث ان هذه البلدان ستضطر الى التعامل مع اسعار النفط المنخفضة لبعض الوقت.
 كما أشار الى أن  الهجمات الارهابية ألحقت  اضرارا بالاقتصادين المصري والتونسي. واظهرت بيانات لمنظمة السياحة العالمية التابعة للامم المتحدة ان انشطة السياحة (وهي مصدر رئيسي لعائدات الصادرات والتوظيف)  تراجعت بشدة في اعقاب الهجمات التي وقعت في الاونة الاخيرة  في البلدين، وتسببت في ابطاء خطى النمو وخلق الوظائف  . ومن المحتمل ان تكون تحويلات المغتربين قد تضررت ايضا في تلك البلدان (مصر ولبنان والاردن)  التي تعتمد اعتمادا كبيرا على التدفقات الوافدة من دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى وجه الاجمال، من المتوقع ان يحوم معدل النمو حول 3.8 في المائة في مصر و2.5 في المائة في تونس في عام 2016 وان يتحسن تدريجيا في عام 2017. 
وفي الوقت نفسه، تتعَّرض البلدان المصدرة للنفط في المنطقة لمصاعب من جراء انخفاض اسعار النفط. وتفقد كل البلدان المصدرة للنفط تقريبا ولا سيما دول مجلس التعاون الخليجي مبالغ هائلة من ايرادات المالية العامة، حيث بلغت اسعار النفط الآن اقل من ثلث مستوى سعر التعادل اللازم لتحقيق التوازن في ميزانياتها .  وفقدت المملكة العربية السعودية نحو نصف ايرادات ماليتها العامة في عام 2015 في اعقاب هبوط الاسعار من 96 دولارا  للبرميل في 2014 الى 53 دولارا  في  2015  او ما يعادل 110 مليارات دولار او نحو 15 في المائة من اجمالي الناتج المحلي.
 ومع استمرار الانفاق عند مستوى مرتفع، من المتوقع ان يبلغ عجز الميزانية 140 مليار دولار في عام 2015. وتذهب التقديرات الى ان الدين العام سيزيد زيادة كبيرة ليصل الى 20 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في المملكة العربية السعودية في عام 2017، اي عشرة امثال مستواه ُ البالغ 2.2 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في عام 2013. ويقَّدر ان احتياطات النقد الاجنبي انخفضت بمقدار     96 مليار دولار في عام 2015 وان تشهد مزيدا من الا نخفاض العام القادم.   
وإذا بقيت الاسعار عند حوالي 30 – 35 دولارا  للبرميل هذا العام، فان هذه البلدان ستخسر المزيد بالمقارنة بعام 2015. فالمملكة العربية السعودية ستفقد 55 مليار دولار أخرى، او نحو ربع إيرادات ماليتها العامة في العام  2016 . ويقدر أن العراق سيفقد  إجمالا بين  عامي 2015 و2016 ما يزيد على 40 مليار دولار .
وتتطلع  بعض هذه البلدان الى اصلاح نظام دعم الوقود من اجل السيطرة على نفقاتها،  ومع ذلك، فان الانفاق الحكومي ما زال مرتفعا، اذ ان عددا كبيرا من السكان يعمل بالقطاع العام ويحصل على العديد من المزايا والمنافع. وفي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، وصلت فاتورة اجور القطاع العام الى مستوى لم يسبقه مثيل بلغ 18 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في عام 2015 بسبب صرف منحة للموظفين تعادل راتب شهرين اضافيين، ومن المتوقع ان تنخفض هذه النسبة في عام 2016.
وتمتلك اغنى البلدان المصِّدرة للنفط في المنطقة، وهي المملكة العربية السعودية وقطر والكويت والإما ارت العر بية المتحدة، احتياطيات نقدية كبيرة ستمكنها من تحُّمل عجز الميزانية خلال السنوات الاربع او الخمس القادمة، ولكن ليس بعد ذلك. وتذهب تقديرات البنك الدولي الى انه اذا استمرت المستويات الحالية للانفاق وكان سعر النفط 40 دولارا  للبرميل، فان المملكة العربية السعودية ستستنفد احتياطاتها بنهاية هذا العقد.
وعند هذا المستوى من الانفاق، وإذا  لم تحدث اية تغييرات للسياسات، فان دول مجلس التعاون الخليجي وغيرها من مصدري النفط سيشهدون  عجزا في ميزانياتهم يصل الى 9.4 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في عام 2015 .
وبالنسبة لعامي 2016 و2017، قد يحدث بعض التحسن في اوضاع الميزانية بفضل سياساتها لخفض اعانات الدعم وتقليل الانفاق. غير ان ضبط اوضاع المالية العامة قد يساعد هذه البلدان على مواجهة اثار انخفاض اسعار النفط، لكنه قد يكون عبئا على نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي العام القادم. 
وتشهد اربعة من البلدان النامية المصِّدرة للنفط حروبا اهلية او صراعات كبيرة. ومن غير المتوقع ان ينتعش النمو في هذه البلدان-سوريا واليمن وليبيا والعراق-قريبا اذا لم يتم التوصل الى تسوية سلمية. 
وفضلا عن ذلك، فان انخفاض اسعار النفط قد اضر بشدة بهذه البلدان ولذلك فانها جميعا تسجل ارقام عجز كبيرة في ماليتها العامة  ، ومن المحتمل ان يبلغ عجز المالية العامة في ليبيا اكثر من 55.2 في المائة من اجمالي الناتج المحلي. وقد الحقت الحرب الاهلية اضرارا بالغة بالاقتصاد السوري. ولا تتوفر حاليا بيانات رسمية، لكن التقديرات من المركز السوري لبحوث السياسات تشير الى ان عجز الميزانية بلغ 40.5 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في عام 2014 مع زيادة الدين العام الى مستوى لم يسبقه مثيل بلغ 147 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في الربع الاخير من عام 2014، ويواجه العراق ايضا عجزا كبيرا في المالية العامة. 
وقد ادى هبوط اسعار النفط والنفقات الكبيرة لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الى عجز كبير في المالية العامة قدره 14.5 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في عام 2015.  ويقدر أن معدل  النمو ظل دون واحد في المائة في 2015. وبالنظر الى استمرار العنف والصراع، فان الافاق الاقتصادية  للبلدين لا تزال قاتمة. وسيستمر ضعف وضع المالية العامة في البلدين كليهما، بسبب تراجع اسعار النفط وزيادة النفقات في المجالات الانسانية والامنية، فضلا عن ازمة التشرد القسري . 
 ان الوضع السياسي في ليبيا هش ويعاني النشاط الاقتصادي من الضعف. وثمة علامات على انه من المحتمل التو ُّصل الى اتفاق سلام بين البرلمانين المتنافسين في ليبيا في الاشهر القليلة القادمة. وإذا حدث هذا، فانه سيساعد على  تعزيز صادرات النفط الليبية، لأن مرفاين مغلقين يبلغ نصيبهما قرابة 50 في المائة من صادرات البلاد من النفط الخام قد يستانفان عملياتهما. ومع ان زيادة صادرات النفط ستعود بالنفع على الاقتصاد الليبي  فانها ستؤدي على الارجح الى مزيد من الهبوط لاسعار النفط العالمية. وتملك ليبيا امكانيات لإنتاج ما يصل الى 1.8 مليون برميل يوميا من النفط، لكن انتاجها هبط الى الثلث بعد تفجر الصراع. 
وما زال الوضع في اليمن شديد الهشاشة. وعلى الرغم من الهدنة التي اعلن عنها في اوائل كانون الاول 2015 لفترة قصيرة، فان الحرب الاهلية قد ادت الى توقف شبه كامل النتاج النفط والغاز في بلد يعتمد اعتمادا كاملا تقريبا على عائدات تصدير النفط. وقد تقلص النشاط الاقتصادي بمقدار الربع وادى الإفتقار الى الخدمات الاساسية الى تفاقم معاناة الناس.  وتدهورت  اوضاع المالية العامة وميزان المعاملات  الخارجية ويقدر أن الدين العام وصل الى  74 في المائة من اجمالي الناتج المحلي في عام 2015، مرتفعا 20 نقطة مئوية عن مستواه العام السابق. وتضاعف معدل التضخم، اذ بلغ 21 في المائة في عام 2015.  وهوت احتياطيات النقد الاجنبي الى مستوى قياسي متدن قدره ثلاثة مليارات دولار في عام 2015 قَّدر انها ستهبط الى 2.2    مليار دولار في 2016.