ليس كل نبع من المياه المعدنية الحارة، او حائط عمره خمسة قرون، أو بعض الاعمدة الرومانية هو: اثر سياحي.
قد يكون اثرا تاريخيا.. وقد يستدعي التنقيب حوله، وقد تكون مياه النبع مفيدة. ولكن انفاق مئات الآلاف عليه بانتظار قدوم الزوار والسياح، فذلك تبديد للمال العام، وتشجيع المواطن الذي يجاوره على بناء احلام وهمية.
في اقصى الشمال الاردني هناك ينابيع كثيرة العدد كثيرة المياه موزعة بين الاردن وسوريا وفلسطين هي موقع الحمّة المعروف. وقد تعثر هذا الموقع اكثر من مرة:
-استغلته الحكومة مباشرة فخسر. رغم البرك المتعددة، والشاليهات والمطاعم. واشترته او اشترت استثماره شركة كبيرة، لكنها لم تجد جدوى في استغلاله.
وفي اقصى الجنوب هناك نبع البربيطة في محافظة الطفيلة. وقد عرضت احدى صحفنا، بالصور، الوضع المزري الذي وصله الموقع نتيجة فشل مستثمر من القطاع الخاص, تركه للعبث رغم استثمار عشرات آلاف الدنانير. ويقول التقرير الصحفي إن اعادته كما كان سيكلف مئتي الف دينار.
وكما هي العادة, فالمواطن هناك يقيم الدنيا على رأس وزارة السياحة, والحكومة على الاهمال الذي تقابل به الامكنة السياحية, وعدم الاكتراث بايجاد وظائف للمواطنين في تلك المحافظة.
ليس من السهل اقناع الناس بأن الدولة لا تستطيع احضار السواح باطلاق القوى الامنية والجيش على اوروبا واميركا واليابان. فهناك شرق اوسط يعتقد العالم أنه مسلخ تقطع فيه الرؤوس, ويقتل الناس بالآلاف.. وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها. والسواح لا يعتقدون أن المنطقة هذه مكان آمن للزيارة والاستمتاع.. والسياحة في بلدنا سياحة ثقافية وهي تشكل 3% من مجموع السياحة في العالم.
لا توجد منطقة في اوروبا لا توجد فيها مياه معدنية ساخنة. وكلمة Bad في اسم مدن المانية ونمساوية وتشيكية تتكرر بالمئات. فيها سياحة واستشفاء.. لكن ليس فيها..داعش.
وقلاع اوروبا بالآلاف، وقديمة كالكرك والطفيلة وعجلون.. وهي مصانة كما لو ان البنائين انتهوا منها قبل عام. فلماذا يبحثون بين الركام على قلاعنا وهي مبنية بالطراز ذاته، وعلى جبال متشابهة؟؟.
نتمنى قبل رجم السياحة ووزارتها، ورجم الحكومة وموازنتها ان نفهم ان ليس كل جدار قديم، وكل نبع مياه ساخن هو «اعجوبة» سياحية ويكفي ان عندنا من عجائب الحضارة البترا وجرش وام قيس، وان عندنا من عجائب الطبيعة وادي القمر، ووادي الموجب الذي لم نتعرف عليه بعد.