لماذا تتعمد هذه الصحيفة هذا السلوك الشاذ ؟ ولماذا تحرص على استفزاز الإرهاب وخلق مبررات له تحت غطاء حماية الدين أو الإسلام أو غير ذلك من تلك المبررات غير المقبولة ؟

وكنت أنا كاتب هذه السطور قد تساءلت وقتذاك عن سر هذه العلاقة المريبة بين شارلي ابيدو و«عش الدبابير الإرهابي» ، وفيما إن كانت هناك منفعة متبادلة بين الطرفين تتمثل في قيام كل طرف بأفعال شاذة تبرر رد فعل الطرف الآخر عليها ؟

في تظاهرة الحادي والعشرين من شباط العام الفائت في باريس كان التضامن في الأساس ضد الإرهاب وليس تضامنا مع المجلة أو نهجها الاستفزازي أو العنصري الذي دأبت على ممارسته على مدى سنوات وتحديدا ضد الإسلام والمسلمين والعرب بحجة «واهية وقميئة» وهي الرد على ما يسمي « بالإرهاب الإسلامي».

وهانحن بعد عام من تلك الأحداث تعود الصحيفة مرة أخرى للتحرش بمشاعرنا كعرب ومسلمين ولكن هذه المرة عبر «اتهام البراءة المطلقة» بالتحرش الجنسي عبر الكاريكاتير المشين والمعيب الذي تناول الطفل السوري « ايلان» الذي تحول رمزا للمأساة السورية ، حيث تساءل ذاك الرسم عن مستقبل ايلان فيما لو قدر له أن يعيش... وأجاب راسم الكاريكاتير إجابة تحمل خطيئتين اثنتين :

الأولى: عندما أجاب الرسام أن ايلان سيكون متحرشا جنسيا في ألمانيا ، وهو توظيف منعدم الأخلاق لطفولة بريئة أبكت العالم بأجمعه.

أما الخطيئة الثانية: فهي التصوير العنصري بأن اللاجئين السوريين الذي لجأوا لألمانيا ما هم إلا مجرد متحرشين جنسيا في توظيف عنصري فاضح لحادثة مدينة كولون الألمانية في احتفالات رأس السنة ، حيث عمم هذا الرسام وبدم بارد صفة « الاعتلال النفسي والسلوك المنفلت والشاذ لبعض الشبان السوريين هناك « على عموم اللاجئين السوريين الهاربين من هول الدمار والقتل والجوع.

لم يعد لدي من شك في أن « شارلي ابيدو « أرادت من ذلك الكاريكاتير استدراج ردود فعل غاضبة ضدها للاستفادة منها وتوظيفها نحو المزيد من ممارسة الإرهاب الفكري ضد الآخرين تحت مسمي حرية الرأي.. ولكن هذا الإرهاب الفكري لا يعالج بالإرهاب الدموي الذي تمارسه الجماعات الإرهابية ، بل يعالج بالفكر وتعرية الأفكار الهدامة والعنصرية... فالكلمة بالكلمة والكاريكاتير بالكاريكاتير والفيلم بالفيلم ، وهذا تماما ما قامت به جلالة الملكة رانيا العبد الله عندما ردت على كاريكاتير « العار « برد حضاري إنساني استشرف الخير والحياة والنجاح في حياة أي طفل في هذا العالم وألغت التطرف والسوداوية والعنصرية التي أنتجها رسام الصحيفة والذي حاول أن يعممها على حياة  «الهاربين من الجحيم» للعيش في امن وأمان من أبناء الشعب السوري الشقيق.

كانت العبارات التي استخدمتها جلالة الملكة عن مستقبل «ايلان» رمز المأساة السورية « منتقاة بعناية قالت: فايلان كان من الممكن أن يكون «طبيبا أو معلما أو أبا حنونا» أما كتابتها باللغة العربية والانجليزية والفرنسية فتشكل إضافة نوعية لقوة الحجة والرد ولتعميم الفائدة وفضح الفكر الظلامي للصحيفة الذي تتستر « بالحرية «

كان لهذه الفكرة الكاريكاتورية الخلاقة التي نفذها الفنان المبدع أسامة حجاج صدى كبير في وسائل الإعلام العربية والعالمية ، حيث أضاف شخص جلالة الملكة للرد الإبداعي قيمة فكرية ومعنوية أعطتها ميزة «الرد الإنساني الحضاري» بكل المقاييس ، تماما مثلما فعلت جلالتها عندما «هنأتنا» كأردنيين مسيحيين ومسلمين أواخر الشهر الماضي بعيد الميلاد المجيد وعيد المولد النبوي الشريف بالرسم الإبداعي أيضا الذي جمع اسم سيدنا محمد مع اسم عيسى المسيح.

نفخر بجلالة الملكة التي أعطت للقب الملكة بعدا إنسانيا غير مسبوق سواء على صعيد الوطن أو على صعيد العالم.

Rajatalab5@gmail.com