في النموذج الرأسمالي يتم التركيز على النمو بمعنى التوسع والتمدد وتكبير الحجم وارتفاع الأرقام الكمية. وفي نموذج بلدان العالم الثالث يتم التركيز على معايير أخرى مثل عدالة التوزيع ، تحسين الخدمات ، التوازن ، التكامل ، والإصلاح الإجتماعي مما يدخل تحت باب التنمية.
بلدان العالم الثالث لم تحقق النمو بمعنى التوسع ، ولم تنجح في تحقيق التنمية بمعناها الاجتماعي والإنساني ، وما زالت متخلفة بجميع المقاييس بالمقارنة مع الغرب.
في المجال الصحي مثلاً يحسب نمواً أن تبني مستشفى اخر ، ويحسب تنمية أن يتم تحسين كفاءة العمل في المستشفيات الموجودة وتقديم الخدمة الجيدة لأوسع الجماهير بأقل التكاليف.
وفي المجال التربوي بحسب نمواً أن يزداد عدد المدارس والمعلمين والطلبة ، ويحسب من التنمية تحسين قدرات الطالب على التفكير والإبداع.
في مجال التنمية نجد مشاريع قد لا تدر ربحاً أو دخلاً مثل مشاريع الطرق والجسور والسدود ومصادر المياه والطاقة والقدرة على التكيف ومواجهة المتغيرات.
مفاهيم التنمية في العالم الثالث موضوعة على الرف ، فالمهم هو النمو الذي يستطيع المسؤول أن يفخر بتحقيقه, نقول مثلاً ان الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بنسبة 5% ونعتبر ذلك إنجازاً حتى لو صاحبه ارتفاع في أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل.
ونقول أن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ارتفع حتى لو صاحب ذلك ارتفاع في العجز والمديونية الأجنبية.
في الحالتين تحقق النمو بالمقياس الكمي ، ولم تتحقق التنمية بالمقياس النوعي ، فالتنمية تعني تخفيض الفقر والبطالة وتحسين مستوى التعليم والخدمات الصحية.
هذا لا يعني أن النمو مرفوض ، بالعكس فهو مطلوب ومستهدف شريطة أن تصاحبه تنمية ، وأن يستخدم النمو في دعم التنمية بجميع أبعادها الاجتماعية والإنسانية.
الناتج المحلي الإجمالي ليس المقياس الوحيد للتقدم الاقتصادي والاجتماعي ، فهناك نوعية الحياة ، ولها مقاييس أخرى إلى جانب حصة الفرد من الدخل. وليس هناك ما يمنع أن تكون نوعية الحياة في بلد محدود الموارد كالأردن أفضل من نوعية الحياة في بلد يطفو على بحر من الثروات الطبيعية.
التنمية عملية اقتصادية واجتماعية ، وقد ابتكر الأردن اصطلاحاً جديداً هو التنمية السياسية التي لم يقدم لها حتى الآن نموذجا معرفيا محددا.