تطورات أرباح البنوك الأردنية في النصف الأول 2025
صنارة نيوز - 07/08/2025 - 3:46 pm
الصناره نيوز - الدكتور عدلي قندح
يشكل القطاع المصرفي عصب الاقتصاد في أي دولة، ويعكس أداؤه بشكل مباشر مدى استقرار ونمو البيئة الاقتصادية الكلية. في الأردن، أظهرت البيانات المالية المجمعة للبنوك عن النصف الأول من العام 2025 صورة واضحة لمدى مرونة هذا القطاع وقدرته على التكيف مع التحديات الاقتصادية المتغيرة. يهدف هذا المقال التحليلي إلى تسليط الضوء على التطورات الرئيسية في أرباح البنوك الأردنية خلال النصف الأول من عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، مع التعمق في الأسباب الكامنة وراء هذه التغيرات، مستندين إلى بيانات موثوقة ومصادر دقيقة.
الأداء العام للقطاع المصرفي
وفقًا للبيانات المالية، حققت البنوك الأردنية صافي أرباح بعد الضريبة بلغ 800.17 مليون دينار أردني في النصف الأول من عام 2025، مسجلة نموًا ملحوظًا بنسبة 9.19% مقارنة بـ 732.82 مليون دينار أردني لنفس الفترة من عام 2024. هذا النمو الإجمالي يعكس أداءً إيجابيًا للقطاع ككل، ويؤكد على قدرته على تحقيق الربحية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
تحليل أداء البنوك الفردية
تفاوت أداء البنوك الأردنية بشكل فردي، حيث شهدت بعض البنوك نموًا استثنائيًا، بينما واجهت أخرى تحديات أدت إلى تراجع في أرباحها. يمكن تلخيص أداء البنوك الرئيسية على النحو التالي:
البنوك ذات النمو الأعلى:
• بنك القاهرة عمان: تصدر القائمة بنمو استثنائي بلغ 180%، حيث قفزت أرباحه إلى 13.8 مليون دينار مقارنة بـ 4.9 مليون دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
• كابيتال بنك: جاء ثانيًا بنسبة نمو 34%، محققًا صافي أرباح بلغ 94.1 مليون دينار.
• بنك صفوة الإسلامي: سجل نموًا بنسبة 33%، مسجلًا 11 مليون دينار.
البنوك ذات الأرباح المطلقة الأعلى:
• مجموعة البنك العربي: احتل المركز الأول بصافي ربح بلغ 379.5 مليون دينار، بنسبة نمو 6% عن العام الماضي.
• بنك الإسكان: جاء في المرتبة الثانية من حيث الأرباح المطلقة بأرباح بلغت 85.6 مليون دينار، على الرغم من تراجعها بنسبة 5%.
البنوك التي شهدت تراجعًا في الأرباح:
• البنك الأردني الكويتي: سجل تراجعًا بنسبة 5% في أرباحه.
• البنك التجاري الأردني: كان الأكثر تراجعًا بين البنوك المدرجة في القائمة، بنسبة 12%، حيث بلغت أرباحه 5.23 مليون دينار مقارنة بـ 5.94 مليون دينار في النصف الأول من 2024.
المؤشرات الاقتصادية الكلية ذات الصلة
وفقًا للبنك المركزي الأردني، تشير المؤشرات الاقتصادية الكلية إلى استقرار ونمو نسبي في الاقتصاد الأردني، مما يدعم أداء القطاع المصرفي. من أبرز هذه المؤشرات:
• معدل التضخم: بلغ 1.98% في الفترة من يناير إلى يونيو 2025، مما يشير إلى استقرار الأسعار وقوة شرائية مستقرة.
• معدل النمو الاقتصادي الحقيقي: بلغ 2.7% في الربع الأول من عام 2025، مما يعكس نموًا اقتصاديًا إيجابيًا قد يؤدي إلى زيادة الطلب على الائتمان والخدمات المصرفية.
• إجمالي الاحتياطيات الأجنبية: بلغ 22007.3 مليون دولار في يونيو 2025، مما يدل على قوة ومتانة الوضع المالي للمملكة.
هذه المؤشرات تدعم بيئة أعمال مواتية للبنوك، حيث يسهم استقرار الاقتصاد الكلي في تقليل المخاطر الائتمانية وزيادة فرص الإقراض والاستثمار، مما ينعكس إيجابًا على أرباح البنوك.
أسباب التغيرات في أرباح البنوك
يعزى النمو الإيجابي في أرباح غالبية البنوك الأردنية خلال النصف الأول من عام 2025 إلى عدة عوامل رئيسية، منها:
• تحسن مخصصات خسائر الائتمان: أشارت بعض المصادر إلى تحسن وتراجع في مخصصات خسائر الائتمان، مما ينعكس إيجابًا على صافي أرباح البنوك. هذا يعني أن البنوك تتوقع عددًا أقل من القروض المتعثرة، مما يقلل من الحاجة إلى تخصيص أموال لتغطية الخسائر المحتملة.
• نمو التسهيلات الائتمانية: سجلت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك نموًا بنسبة 3.9% على أساس سنوي، لتبلغ نحو 35.5 مليار دينار. يشير هذا النمو إلى زيادة في الإقراض، مما يولد المزيد من الإيرادات للبنوك من الفوائد والرسوم.
• ارتفاع ودائع العملاء: ارتفع إجمالي ودائع العملاء في البنوك بمقدار مليار دينار منذ بداية عام 2025، ووصلت إلى 47.3 مليار دينار بنسبة نمو 6.8%. زيادة الودائع توفر للبنوك سيولة أكبر لتقديم القروض والاستثمار، مما يعزز قدرتها على تحقيق الأرباح.
• استقرار أسعار الفائدة: قرر البنك المركزي الأردني تثبيت أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية، مما يوفر بيئة مستقرة للبنوك للتخطيط لأعمالها ويقلل من تقلبات تكلفة الاقتراض والإقراض.
• النمو الاقتصادي المستقر: تشير التوقعات إلى استمرار نمو الاقتصاد الأردني بمعدلات مستقرة، مدعومًا بتحسن الطلب المحلي والخارجي. هذا النمو الاقتصادي يخلق بيئة مواتية لزيادة النشاط التجاري والاستثماري، مما ينعكس إيجابًا على أداء القطاع المصرفي ككل.
على الجانب الآخر، فإن تراجع أرباح بعض البنوك مثل البنك الأردني الكويتي والبنك التجاري الأردني قد يعود إلى عوامل خاصة بكل بنك، مثل زيادة المخصصات أو تحديات في إدارة الأصول والخصوم، أو المنافسة الشديدة في السوق. يتطلب فهم هذه التراجعات تحليلًا أعمق للبيانات المالية لكل بنك على حدة.
الخلاصة
يُظهر الأداء المالي للبنوك الأردنية في النصف الأول من عام 2025 مرونة وقوة ملحوظة، حيث حقق القطاع نموًا إجماليًا في الأرباح بنسبة 9.19%. هذا النمو مدفوع بعدة عوامل إيجابية، أبرزها تحسن مخصصات خسائر الائتمان، ونمو التسهيلات الائتمانية وودائع العملاء، بالإضافة إلى استقرار أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي الكلي. ورغم التحديات التي واجهتها بعض البنوك بشكل فردي، إلا أن الصورة العامة للقطاع المصرفي الأردني تبدو واعدة، مما يعزز دوره الحيوي في دعم التنمية الاقتصادية في المملكة. من المهم الاستمرار في مراقبة هذه المؤشرات لضمان استدامة هذا النمو في المستقب