أين العدالة في قرارات الإعسار والتصفية؟ المساهمون يدفعون الثمن
صنارة نيوز - 01/06/2025 - 10:33 am
الصنارة نيوز – خاص
تحيل دائرة مراقبة الشركات بين الحين والآخر شركات مساهمة عامة إلى الإعسار أو التصفية، بسبب تعثرها المالي وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها. لكن هذه القرارات تعيد إلى الواجهة سؤالاً جوهرياً طالما تردد في أوساط المستثمرين والمراقبين: أين كانت الرقابة على الشركات الأخرى، وهي كثيرة، والمدرجة في بورصة عمّان، والتي تعاني منذ سنوات طويلة من أوضاع مالية متردية دون أن تُمس أو تُحاسب؟
من المؤسف أن قرارات الإعسار أو التصفية تبدو وكأنها تطال فقط الشركات التي يسهل استهدافها، بينما تُترك شركات مساهمة عامة تمتلك أصولاً ضخمة ومحافظ عقارية هائلة، وتتكبد خسائر مزمنة منذ أكثر من عقدين، دون أي تدخل يُذكر. بل إن هذه الشركات تواصل صرف رواتب ضخمة لمديريها، وأتعاب مرتفعة لمجالس إداراتها، وتُثقل كاهلها بالقروض البنكية وفوائدها المتراكمة، دون أن تحقق أي أرباح أو نمو يُذكر.
لماذا تُترك هذه الشركات للمضاربين، يلعبون بأسهمها في السوق لغايات شخصية ومنافع ضيقة؟
ولماذا لا تُجبر على اتخاذ إجراءات تصحيحية، مثل تسييل جزء من ممتلكاتها العقارية، أو تخفيض رأسمالها، أو إعادة هيكلة إدارتها؟
ما يحدث يُعد إخلالاً جوهرياً بعدالة السوق وشفافيته. فالمساهم، وهو الحلقة الأضعف، يتحمل وحده كلفة هذه القرارات. في حالات الإعسار أو التصفية، يخرج بخسارة مضاعفة، بينما ينجو من تسبب في الكارثة.
وليس خافياً أن عدداً من الشركات الكبرى في قطاعات الصناعة والتجارة لم تحقق نمواً أو أرباحاً تُذكر منذ سنوات، بل تحولت إلى عبء على السوق المالي، ومرتعاً للمنتفعين، دون أن تتحرك الجهات الرقابية لوقف هذا النزيف.
الإصلاح يبدأ بالرقابة الحقيقية
على دائرة مراقبة الشركات وهيئة الأوراق المالية أن تفعّلا أدواتهما الرقابية بشكل عادل ومنهجي، بعيداً عن الانتقائية. يجب إخضاع كل شركة مساهمة عامة لتقييم شامل، ومساءلة إداراتها عن الأداء المالي، واستراتيجية النمو، وحماية أموال المساهمين.
وأخيراً، لا بد من إعادة النظر في آلية عقد الاجتماعات العامة للمساهمين، التي تحوّلت إلى لقاءات افتراضية عبر “الزوم”، في تغييب واضح لدور المساهم الحقيقي، وتقييد لحقه في الرقابة والمساءلة.
إن ما يحدث يتطلب صحوة حقيقية من المساهمين، والإعلام، ومؤسسات الرقابة، لحماية السوق من التلاعب، ورد الاعتبار للعدالة الاقتصادية، قبل أن نجد أنفسنا أمام بورصة بلا ثقة… وشركات بلا مستقبل