غوغل تشتري “ويز” لتمنع الكارثة المقبلة: حين يصبح الأمن السحابي سلاحًا استراتيجيًا
صنارة نيوز - 23/05/2025 - 11:10 am
الصناره نيوز - خاص
غوغل تشتري “ويز” لتمنع الكارثة المقبلة: حين يصبح الأمن السحابي سلاحًا استراتيجيًا
حين دفعت غوغل 32 مليار دولار نقدًا للاستحواذ على شركة "ويز" الإسرائيلية، لم تكن تشتري مجرد برمجيات حماية، بل كانت تشتري المستقبل نفسه. هذا الرقم الهائل، وهو الأكبر في تاريخ غوغل، ليس مبالغة، بل انعكاس لقلق عالمي متصاعد: أين تُخزن أسرار العالم؟ ومن يحميها؟
في عصر ما بعد الكابلات، لم تعد البيانات محفوظة في درج مكتب أو خزانة ملفات. كل شيء أصبح سحابيًا: أسرار الدولة، أبحاث الأدوية، خرائط أنابيب النفط، وخطط الجيوش. وعندما تعيش هذه المعلومات في “السحابة”، فإن أمنها لا يعود تفصيلًا تقنيًا، بل مسألة وجودية.
تأتي أهمية "ويز" من خلفيتها. فقد أسسها خبراء من نخبة السيبرانية الإسرائيلية، خريجو وحدة 8200 العسكرية، والذين سبق أن طوّروا أدوات اختراق ودفاع على مستوى الدول. هؤلاء لم يأتوا من وادي السيليكون بل من عمق معارك الظل الرقمي، فحملوا معهم عقلية هجومية تُعيد تعريف ما يعنيه أن "تحمي شيئًا".
غوغل تعرف أنها في سباق وجودي مع عمالقة آخرين مثل مايكروسوفت وأمازون. لكن خلف هذه المنافسة التجارية، تكمن حرب باردة من نوع جديد. إذ لا يكفي أن تملك البنية التحتية، بل عليك أن تثبت قدرتك على حمايتها من اختراقات الدولة العميقة، ومن الذكاء الاصطناعي المعادي، ومن الهجمات المركبة التي لا تطلق رصاصة واحدة.
صفقة ويز تقول شيئًا آخر: إن الشركات الكبرى بدأت ترى الأمن السحابي كجزء من سيادتها الذاتية. كما كانت الدول تستثمر في الجيوش التقليدية، تستثمر الآن في جيوش رقمية. فالمسألة لم تعد: هل ستُهاجم؟ بل: متى؟ وما حجم الأضرار؟
ما تخشاه غوغل حقًا ليس أن يخترق أحد محرك البحث، بل أن تنفجر فجأة “سحابة” بيانات، فيها مفاتيح أنظمة صحية، ومراسلات حساسة، ومعلومات ملايين المستخدمين. أي اختراق من هذا النوع لن يضر غوغل وحدها، بل قد يطلق العنان لكارثة معلوماتية على مستوى العالم.
وهكذا تتحول الشركات التكنولوجية إلى دول أمنية مصغرة، والسحابة إلى ساحة معركة غير مرئية. وما صفقة “ويز” سوى اعتراف معلن بأن من يملك الأمن السحابي، يملك مفاتيح الغد.
الذكاء الاصطناعي ليس الخطر الأكبر. الجهل بالأمن، هو الكارثة التي ننتظرها.