حين تتضخم سلطة الاستشارات وتتآكل سيادة القرار… فضيحة PwC تفضح الوجه الخفي لتحالف المال والمعلومة

صنارة نيوز - 29/04/2025 - 9:04 am

حين تتضخم سلطة "الاستشارات" وتتآكل سيادة القرار… فضيحة PwC تفضح الوجه الخفي لتحالف المال والمعلومة

الصناره نيوز  – خاص

في واحدة من أكبر الفضائح التي ضربت قطاع الاستشارات العالمي، كُشف النقاب عن قيام شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" (PwC) – وهي من بين أكبر أربع شركات خدمات مهنية في العالم – بتسريب معلومات حكومية أسترالية سرّية إلى عملائها من الشركات متعددة الجنسيات، ما فتح الباب أمام تحقيقات جنائية وهزّ ثقة الرأي العام بالدور المتنامي لتلك الشركات في صنع القرار السياسي والاقتصادي.

القضية بدأت عندما تبيّن أن أحد شركاء PwC، وكان يعمل مستشارًا لحكومة أستراليا في ملفات ضريبية حساسة، قد نقل تفاصيل خطط تشريعية قيد الإعداد إلى زملائه في الشركة، مما مكّن فريق الاستشارات الضريبية من منح عملاء كبار مثل Google وUber استراتيجيات مسبقة للتهرب من الإجراءات الضريبية الجديدة قبل تطبيقها فعليًا. تم تداول هذه المعلومات داخليًا في الشركة، في سلوك يوصف اليوم بأنه خيانة للثقة العامة واستخدام مشبوه للنفوذ المؤسسي.

مع تصاعد الضغوط، استقال الرئيس التنفيذي لـ PwC أستراليا، وأُقيل عدد من كبار الشركاء، وتم بيع وحدة الاستشارات الحكومية مقابل دولار رمزي، في مشهد يشي بمدى عمق الأزمة الداخلية، ويفضح تداخل المصالح بين من يصوغ السياسات ومن يُفترض أن يلتزم الحياد في تقديم المشورة.

هذه الفضيحة لا تخص أستراليا وحدها، بل تكشف هشاشة العلاقة بين الحكومات وشركات الاستشارات الكبرى حول العالم، حيث يتحول بعض المستشارين إلى "مهندسي نفوذ"، يتاجرون بالمعلومة قبل أن تُصبح قانونًا، ويوظفون خبرتهم لا لخدمة السيادة الوطنية، بل لمراكمة الأرباح وتأمين مصالح نخبوية عابرة للحدود.

وإذا كانت دولٌ كثيرة في المنطقة قد فتحت أبوابها أمام هذه الشركات لتنفيذ مشاريع إصلاحية وتخطيطية كبرى، فإن ما جرى يطرح تساؤلات عميقة عن الحدود الفاصلة بين الشراكة المهنية وفقدان السيطرة على القرار المحلي، خاصة حين تغيب الرقابة المؤسسية أو تتراجع الكفاءات الوطنية أمام سطوة "الخبير الأجنبي".

إن انفجار هذه الفضيحة يجب أن يدفع نحو مراجعة شاملة لعلاقة الدول بمكاتب الاستشارات العملاقة، وتحديد قواعد أخلاقية صارمة تضمن ألا يتحول الخبراء إلى صنّاع ظلّ للسياسات، خارج رقابة المؤسسات الديمقراطية.