خبير قمرة داريوس خنجي يؤكد على قوة السرد البصري من خلال الضوء - أو غيابه

صنارة نيوز - 06/04/2025 - 10:27 pm


أشار خبير قمرة داريوس خنجي، المصور السينمائي الإيراني-الفرنسي الشهير الذي شكّلت أفلامه (سبعة، مأكولات فاخرة، جواهر غير مصقولة، ميكي 17) بعضاً من أكثر التجارب البصرية تميزاً في السينما المعاصرة، إلى أهمية الضوء ودوره المحوري في صناعة الفنّ الأصيل.

 

مسترجعاً تجربته في أول تعاون له مع قمرة 2025، الحاضنة السينمائية السنوية للمواهب التي تنظمها مؤسسة الدوحة للأفلام، صرّح قائلاً: "تقدم المؤسسة دعماً حقيقياً لصنّاع الأفلام. كم أتمنى وجود مثل هذا النموذج في بلدان أخرى".

 

وفي ندوته التي استمرت لمدة ساعتين، أخذ خنجي الجمهور خلف كواليس بعض مشاريعه، بما في ذلك فيلم "طوبى" للمخرجة شيرين نشأت، وهو عمل فني رائع "يستكشف حركة الناس من وطنهم إلى المدينة الفاضلة المتخيلة.

 

ويقول خونجي أنّ القصص الرمزية القوية عن الحياة التي صوّرها على الشاشة لفيلم "طوبى" تأتي من المخرجة. ويضيف: "أتذكر كلماتها عندما كانت تصف لي ما أرادت تحقيقه في الفيلم، وقمت أنا بالتصوير. كمصورين سينمائيين، نحن مثل الموسيقيين، نعزف الصوت والموسيقى التي يقدمها الملحن".

 

تنوّع الإطارات المظلمة والكئيبة التي يعتمدها خنجي كما في فيلم "سبعة" (1995)، وتلك الحيوية في فيلم "أوكجا" (2017)، تنيع من شغفه المبكر بالتصوير الفوتوغرافي. يسترجع قائلاً: "أتذكر ذهابي إلى متحف اللوفر والتقاط صوراً للتماثيل، مستمتعاً بانعكاس الضوء عليها. كنت مهتماً جداً بالبساطة وكنت دائماً اختزل الأشياء إلى أبسط الأشكال باستخدام الضوء".

يطور خنجي، المرشح لجائزة الأوسكار مرتين، من مهارته من خلال نهج إبداعي يتفوق على الجانب التقني، مبتكرًا باستمرار بطريقة تتحدى القولبة. تتجلى مرونته المثيرة للإعجاب كمدير تصوير في فيلم "مدينة زي المفقودة" (2016)، حيث صوّر ظلام الغابة تحت الضوء الطبيعي، في حين صوّر الذروة الساحرة بين ألسنة اللهب في فيلم "جواهر غير مصقولة" (2019)، الذي تم تصويره باستخدام الضوء الموجود داخل الشقة.

قال خنجي إنّ ذكرياته المبكرة عن السينما كانت تدور حول "الاستماع إلى الموسيقى التصويرية للأفلام المصرية، وأفلام الواقعية الجديدة الإيطالية، والأفلام الأوروبية السائدة، والأفلام الهندية. أذكر أنني نشأت محاطًا بهذه الأصوات والمشاعر. وحتى هذا اليوم، تلعب الموسيقى دور محوري في أعماله، فيقول: "إذا لم تعجبني الموسيقى، يمكننا أن ننجز تصويرًا مقبولًا، لكن ذهني لن يكون حاضرًا بالكامل".

 

عندما بلغ الثانية عشرة من عمره، كان قد بدأ في صناعة الأفلام، مفتونًا بأفلام الرعب مثل مصاصي الدماء، وأراد حينها أن يصبح مخرجًا، لكنّه في النهاية أدرك شغفه في مجال التصوير السينمائي. من خلال موقعه مدير تصوير، تضمنت رحلته المهنية المتنوعة أيضاً مقطع الفيديو الموسيقي لأغنية "المتجمدة" للمغنية مادونا والمخرج كريس كانينغهام. قال خنجي: "كان كلُّ إطار مرسوماً في ذهنه، وكنا أنا ومادونا ننفذ رؤيته فقط. لقد كانت طريقة رائعة للعب في هذا المجال وتجربة أشياء جديدة".

أضاف خنجي: "الأفلام تتمتع بطبيعة فنية تشكيلية، الأمر كلّه يتعلق بكيفية ترجمة قصتك على الشاشة، سواء باستخدام الفيلم أو التقنيات الرقمية". وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، علّق قائلاً: "أحب صناعة الأفلام مع الناس، وأحب أن يكون حولي فريق العمل، والمخرجين، رجالاً ونساءً، وأن نصنع الأفلام سوياً. ومع ذلك، لا أريد تقييد عقول الناس، يجب على الناس أن يستمروا في الاكتشاف".

 

وفي نصيحته لصُناع الأفلام الناشئين الذين يسعون للتميز، قال: "لكل شخص صوتًا داخليًا مميزًا. من المهم أن نفهم ونقبل اختلافنا. إذا كان عليّ أن أصنع فيلمًا بنفسي اليوم، رغم أنني لست صانع أفلام ناشئ، سيكون من الصعب العثور على صوت فني فريد. علينا أن نجد هذا الصوت داخل أنفسنا، ثم نترجمه على الشاشة."

 

في حديثه عن قبول اختلافاته الشخصية، أضاف: "عندما كنت طفلاً، كنت أرغب في أن أكون مثل الجميع. كنت أرغب في أن أبدو فرنسيًا أو باريسيًا. ولم أدرك إلا لاحقًا أنني مختلف، وتقبلت أن اختلافاتي قد تكون شيئًا جيدًا".

 

سواء كان يعمل على فيلمه الرائد في الكوميديا السوداء "مأكولات فاخرة" (1991) مع جان-بيير جونيه ومارك كارو، أو يلتقط الصور المؤلمة لفيلم "سبعة" للمخرج ديفيد فينشر، يعتقد خنجي أن التصوير السينمائي يجب أن يخدم هدفاً أسمى، قائلاً: "لا يقتصر الأمر على التصوير الجميل فحسب، بل على رواية القصص". كان هذا بوصلة منهجه عبر أربعة عقود من العمل الرائد، بدءًا من الأعمال الفنية الكلاسيكية وحتى الروائع المعاصرة.