دراسة تكشف اسباب تزايد حالات الجلطات القلبية بين الشباب في الاردن

صنارة نيوز - 17/02/2025 - 12:59 pm

بقلم/ د جمال الدباس 

شهدت الأوساط الطبية مؤخرًا حالة صادمة بوفاة شاب في الثلاثينات من عمره إثر جلطة قلبية مفاجئة، مما أعاد تسليط الضوء على تزايد حالات الجلطات القلبية بين الشباب في الأردن والمنطقة. فبينما كان يُعتقد سابقًا أن أمراض القلب تصيب كبار السن بشكل أساسي، تكشف الدراسات الحديثة عن اتجاه مقلق، حيث باتت هذه الحالات تصيب أشخاصًا في مقتبل العمر، حتى من دون تاريخ مرضي واضح.

دراسة حديثة: معدل الجلطات في الأردن أقل عمرًا من الغرب

كشفت دراسة طبية موسعة، نشرتها جمعية أطباء القلب الأردنية، أن معدل عمر المصابين بالجلطات في الأردن أقل بعشر سنوات مقارنة بالغرب، حيث يبلغ متوسط عمر المصابين في الأردن 57 عامًا، بينما يصل في الغرب إلى 67 عامًا. وأظهرت البيانات أن أكثر من نصف المصابين من الرجال لم يتجاوزوا سن 55 عامًا، وأن التدخين هو أحد العوامل الأبرز، إذ شكّل المدخنون نحو 70% من الحالات.

هل كورونا سبب رئيسي في زيادة الجلطات؟

أشارت دراسات طبية إلى وجود ارتباط بين الجلطات القلبية والإصابة بفيروس كورونا، حيث إن شدة الإصابة بالفيروس، وخاصة لدى من تلقوا اللقاح، كانت تترافق مع حدوث تجلطات في الشرايين، سواء في القلب أو الرئة، بالإضافة إلى التهابات في عضلة القلب وغشاء القلب. ورغم أن هذه الحالات كانت شائعة خلال فترة الجائحة، فإن المناعة المجتمعية المكتسبة من التطعيم وإصابة معظم الناس بالفيروس جعلت هذه المضاعفات أقل خطورة اليوم.

المحفزات النفسية والجسدية للجلطات القلبية

أشارت الدراسة إلى أن المحفزات الحادة، سواء النفسية أو الجسدية، لعبت دورًا كبيرًا في حدوث الجلطات، حيث أبلغ 40% من المرضى عن تعرضهم لضغط نفسي أو جسدي شديد قبل الإصابة بساعات أو أيام. ومن أبرز هذه المحفزات:
    •    الغضب الشديد (28%)
    •    الضائقة المالية (13.9%)
    •    موت شخص عزيز (5.1%)
    •    أخبار مزعجة (2.9%)
    •    حزن شديد (2.4%)
    •    خوف شديد (2%)
    •    فرح غامر (0.9%)
    •    جهد جسدي شديد (10%)
    •    تناول وجبة طعام كبيرة جدًا (3%)

لماذا لا يُصاب الجميع بالجلطة؟

ليس كل من يتعرض لضغط نفسي أو جسدي شديد يصاب بجلطة قلبية، فالأشخاص الذين يتمتعون بشرايين سليمة يكونون أكثر قدرة على تحمل هذه الضغوط دون مشاكل صحية خطيرة. العوامل التي تساهم في صحة الشرايين تشمل:
    •    الامتناع عن التدخين
    •    ممارسة الرياضة بانتظام
    •    التحكم في ضغط الدم ومستويات الكولسترول
    •    الحفاظ على وزن صحي
    •    تجنب التوتر المزمن

التدخين: المتهم الأول في جلطات الشباب

تشير الدراسات إلى أن ما بين 65% إلى 92% من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 عامًا وتعرضوا لجلطات قلبية كانوا مدخنين، مقارنة بنسبة تتراوح بين 24% إلى 56% بين من هم فوق 45 عامًا. كما أن 50% إلى 60% من المصابين بالجلطات كانوا مدخنين، وتصل النسبة إلى 95% بين الشباب دون سن 45 عامًا.

ورغم أن الإقلاع عن التدخين قبل سن 45 يقلل خطر الإصابة بالجلطة بنسبة تتراوح بين 80% إلى 90%، فإن الدراسات أظهرت أن 70% من المدخنين الذين أصيبوا بالجلطة عادوا إلى التدخين بعد شفائهم.

عوامل إضافية تزيد من خطر الجلطات القلبية

بالإضافة إلى التدخين، هناك عوامل أخرى تزيد من خطر الإصابة بالجلطات القلبية لدى الشباب، منها:
    •    التاريخ العائلي للإصابة: أظهرت الدراسات أن 41% إلى 64% من الشباب المصابين بالجلطات لديهم تاريخ عائلي للإصابة المبكرة بأمراض القلب.
    •    التصلب المبكر في الشرايين: يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية وزيادة خطر التجلط.
    •    الضغوط النفسية في العمل: مثل التنمر، ساعات العمل الطويلة، الضغط العالي، وانعدام الأمان الوظيفي، كلها عوامل تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالجلطات القلبية.

الوقاية هي الحل

تكمن المشكلة في أن الكثير من الناس لا يزورون الأطباء إلا بعد ظهور الأعراض أو حدوث المشكلة. لذلك، يوصي الأطباء بضرورة مراجعة الأفراد الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة المبكرة بالجلطات القلبية للأطباء من سن مبكرة، بدءًا من عمر 12 أو 18 عامًا، لإجراء فحوصات سنوية للسكر، الكوليسترول، وضغط الدم.

وفي النهايه إن ارتفاع معدل الجلطات القلبية بين الشباب لم يعد أمرًا نادرًا، بل أصبح واقعًا مقلقًا يستدعي الانتباه. وفاة شاب في مقتبل العمر بسبب جلطة قلبية لم تكن مجرد حادثة فردية، بل جرس إنذار بضرورة التوعية والتدخل المبكر للوقاية من هذه الحالات المتزايدة. إن اتباع أسلوب حياة صحي، وإجراء الفحوصات الدورية، قد يكونان الفرق بين الحياة والموت.