ما هكذا تورد الابل !

صنارة نيوز - 02/02/2025 - 3:11 pm  /  الكاتب - عمر عبنده

لفت نظري ما تفضّل به " كتابًة " د محمد تركي بني سلامة على حسابه / فيس بوك وفي جنبات صحيفة رأي اليوم الموقرة يوم الجمعة الموافق 31-1-2025 ناقدًا فيه قانون الجرائم الالكترونيّة الأردني وواصفًا إياه بأنه " يوفّر مظلّة تحمي الفاسدين مما يعيق جهود هيئة النزاهة ومكافحة الفساد التي تعتمد في كثير من الأحيان على المعلومات القادمة من المواطنين الشرفاء " ويزيد قائلًا " مهما بلغت جهود هيئة النزاهة ومكافحة الفساد فإن الواقع يُثبت أن حجم الفساد المكتشف والمعلن عنه لا يمثّل سوى جزء يسير من الفساد المستشري في البلاد " ويضيف " إن الفساد ليس مجرد افراد فاسدين هنا وهناك بل هو شبكة متكاملة تتغلغل في مفاصل الدولة " - انتهى الاقتباس - . 
وهذا يشي بأنه على اطّلاع تام وواعٍ ويؤشّر بثقة مطلقة على أن هناك شبكة تتغلغل في مفاصل الدولة وإلّا ما زعم ذلك ! 
فإذا كان حريصًا فعلًا على محاربة الفساد وكي يكون جنديًا من جنود معركة تطهير الوطن من الفاسدين عليه أن يبادر بتزويد هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بما لديه من معلومات ووثائق لانه إن فعل ذلك فسيكون محميًا بنص المادة 24/أ من قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 لسنة 2016 وتعديلاته التي توفر الحمايّة بشتّى صورها للمبلغين والشهود والمخبرين والخبراء في قضايا الفساد وأقاربهم والأشخاص وثيقي الصلة بهم . فهذه المادة تحميه وتحمي غيره من قانون الجرائم وتنفي نفيًا قاطعًا ما ذهب اليه د بني سلامة من أن مَن يختار قول الحقيقة يواجه ضغوطًا وتهديدات ! 

أمّا اذا لم يفعل فقد يفهم من ذلك أنه مسكون ككثير من الناس بفكرة الفساد الانطباعي الذي يستند الى شائعات مغرضة يروجها من يحاولون عرقلة الجهود الوطنيّة في مكافحة الفساد ولا أخال د بني سلامة منهم .
لست معنيًا هنا بالدفاع عن قانون الجرائم الالكترونيّة سواء كنا معه أو غير راضين عنه لأن له مَن يذود عنه ، وإنما يهمني ما تناول به هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الذي يعكس ضبابيّة معلومات لديه عنها وعن جهودها في مكافحة الفساد ونشر قيم ومعايير النزاهة التي أصبحت أُنموذجًا يحتذى على صعيد دول الاقليم . 

لقد جافى الكاتب الحقيقة عندما وصف بعض القائمين على مؤسسات الدولة بأنهم أقل وطنيّة وإخلاصًا عن باقي الناس الغيورين الذي " يقمعهم - حسبه - قانون الجرائم الالكترونيّة وصفهم دون أدلة ملموسة ! وهذه حسبنا تُهم تدخل في باب التشهير والذم والقدح . أمّا اذا كان ما يقوله صحيحًا فمن حق هيئة النزاهة ومكافحة الفساد عليه التواصل معها وتزويدها بممارسات الفساد المستشرية - حسب زعمه - في البلاد لأنه إن لم يفعل فإنه يلقي الكلام على عواهنه فيقع في خانة ترويج شائعات تثير بلبلة لدى الناس والرأي العام ويتهم صراحة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بالتستر على ممارسات الفساد ! وهذه تهمة مرفوضة وتحتفظ الهيئة بحقها باتخاذ ما تراه مناسبًا بهذا الشأن . 
كنا نتمنى على كاتب المقالة المعنونة " قانون القمع الالكتروني في الاردن حمايّة للفاسدين أم خنجر في ظهر الفساد" لو كلّف نفسه باستعراض التقارير السنويّة للهيئة المنشورة على موقعها الالكتروني ليتأكد بأن الهيئة استنادًا الى ارادة سياسيّة جادة في ملاحقة الفاسدين وأنها وصلت الى مرحلة بدأت فيها قضايا الفساد تتراجع بشكل ملموس ، أولًا بسبب التدخل الاستباقي والوقائي الذي تقوم به الهيئة لوقف أو منع حدوث الفساد وثانيًا بسبب التزام قطاعات عريضة من موظفي الدولة بمعايير النزاهة الوطنيّة وثالثًا وليس آخرًا بفضل مئات المحاضرات التوعويّة والورش التدريبيّة التي تعقدها الهيئة في مقرها أو لدى المؤسسات على اختلاف مواقعها وعلى نطاق محافظات المملكة . 
وليكن معلومًا بأن القانون لا يسعف الهيئة ويمنعها من نشر اي تفاصيل عن ملفات الفساد المنظورة لديها اثناء مراحل التحقيق والتحري حفاظًا على سريتهًا وابتعادًا من مغبة اغتيال الشخصيّة الذي وقع فيه الكاتب فعلى الرغم من أنه يعترف بأن الهيئة تبذل جهودًا كبيرة في ظروف معقدة إلّا أنه يزعم مع الأسف أن جهودها تتم وسط ضغوط ٍهائلة ٍمن قوى لا تريد لمحاربة الفساد أن تنجح وهما يقع عليه عبء إثبات هذا الزعم ! 

أخيرًا وجوابًا على سؤاله الذي اختتم به مقالته وقال فيه : 
" هل أنتم معنا أم مع …. " نقول نحن لسنا مع الفاسدين ولا مع مروجي الشائعات ولا مع الاقلام التي لا تستند في كتاباتها على الحقائق فإن كان عندك منها … هاتها ؟

عمر عبنده 
المستشار الإعلامي 
لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد