للكاتبة(تبارك الياسين).. إطلالة على مجموعة للموت أسنانٌ صفراء
صنارة نيوز - 18/11/2024 - 1:13 pmكيف يرى كلٌ منا الموت؟
هل خطر لنا مثلاً أن نُشبِّههُ بشيء ؟
من العنوان نبدأ .. ونعلم أن الموت أقرب لوحش له أسنان صفراء حتماً و لابدَّ أنها قببحة حد التقيؤ .
عناوين عدة حملت مداخل النص :
"ندوبٌ سوداء" هي القصة الأولى التي غادرنا آخر حرف فيها ونحن نلهث مع البطل الشاعر المرهف ، الذي خانته حروفه فسيق وأُخِذ مثل كلب ذليل ويُفّقَد بتهمة مروعة _كتابة قصيدة _لم يكن يعلم أنها ثورة الحاكم الظالم ، الذي لا يسمح بالتجاوز .
تُهان الكرامة ، يستباح الجسد ويُنتهك .
يضيع العمر ، تفقِد الرجولة مكانتها ، يستوطن الذل وتُمحى الاسماء ، يحتل الخوف مجرى الدم وتظل الذكرى سوداء بندوب تؤكد عن سنوات العذاب والظلمة .
سقف الحرية محدود كيف لماذا ، لا أحد يعلم !
تخرج تعود بجسد لا يشبه ذاته ، وملامح خذلها الزمن والنسيان يُطلق سراحه يعود لنفس العنوان وبطاقة الهوية تدل على إنسان كان وكان وربيعه لم يعد ذات الربيع يخشى أن يردد كلماته يخاف الوعيد :
بين الليل والاثام
وصباح يضيع بالأحلام
وأطفال يبحثون عن كسرة خبز
ونساء تقذفهن الثرثرة ورجال أكل منهم البؤس
والأرض حزينة غطت نفسها
بيوت كئيبة وصرخات الموتى بين جدرانها
تنذر بفوضى مدينة .
تعمدت الكاتبة إدراج مقطع صغير يعطينا إشارة لفحوى النص القادم ، وكأنها تدلنا أي طريق سنسلك .
كتبت : سأنزعك كما أنزع معطف الشتاء وأُعلق حبنا على مشجب النسيان .. حبك بارد قاسي وماطر .
كانت هذه العبارات مدخلاً على قصة "المعطف"
التي طرحت أكثر من حالة .
_المرأة الفقيرة التي يروق لها العمل لدى أصحاب الطبقة المخملية ، حتى وإن كانت مجرد خادمة أنيقة .
لنتعرف على بطل من نوع مختلف ، والذي حمل اسم القصة . المعطف المتكلم بحذاقة والاحتيال بطريقة ملفتة رائعة .
تمت أنسنة هذا المعطف ، فحمل مشاعر عدة في سطور قليلة . ما بين الكبر ، الخوف والكذب .. تؤكد أنها تشبه شخصية صاحبه الرجل الثري .
الذي فارقه مُكرهاً .في حين بدا حقد زوج الخادمة على المعطف المتفاخر وإتفاقه مع المعطف أنَّ كلاهما لا رغبة له بالإحتكاك او التلامس .
لكن الاحتدام ينتهي بموت من نوع آخر
كأن يقبل أحد الاطراف بالتنازل واللجوء .
تعود (تبارك) إلى أجواء أُخرى في قصصها ، وهي تؤكد قدرتها على تحرير أبطالها من مخيلتها ، وكتابة تلك التقاصيل ومراقبة ما يحدث دون أن تتدخل بأي طريقة في سرد ما يجري أو إقحام ذاتها وحشو ما لا يلزم .
فالنصوص كما هي مقصوصة بدقة وبراعة دون زيادة أو نقصان .
ففي قصة "أرواح تائهة" نعلم أن الذنب قد ينزع الحياة من براثنها . وإن كان الذنب هو القيام بالواجب على أكمل وجه كأن ينجو القاتل وتعلق الأرواح البريئة ، طالبة العدالة .في حين يدفع الثمن رجلٌ قام بواجبه الإنساني لشخص بلا إنسانية !
قد يكون أجمل ما في النص ، ذلك الوصف لروح تشكَّلت من الفخار ورائحة الطين الحي ، تعيد ملامح وجه طفلة حلوة تحاور رجلاً كره الحياة وعافها ، اعتزل البشر
يكاد يُجن يُحدِّث روحاً تائهة ، غير قادرة على العبور
لا يملك أن يعيدها للحياة تسألُ لماذا !
في حين انتزع من بين أسنان الموت ، أشدهم لؤما وكراهية ، أرهابي لا يستحق الحياة .
في قصة "نهم"
هنا نجد بطلاً نشفق عليه ، ونكره ما آل اليه .
فلو بحثنا جميعاً في أعماقنا لعثرنا على أسباب كثيرة للخوف قد تقتلنا أو تشل مجريات حياتنا .
لكننا ننجو ، وقلةٌ لا يفعلون .
وهنا يثيرني سؤال : لمَ جُنَّ الناس في آخر القصة وكأن الكاتبة تشير الى زمن الضنك الذي مرَّ علينا في كورونا
أسواق شبه خالية وكأن المجاعة قادمة لدرجة أن البعض قد يأكل حتى البشر .
كيف سقط "عبدالغفور "السمين جداً الخجول الجبان
الخائف من التدافع وبات وجبة دسمة تهافت عليها الناس دون إدراك أي شيء هذا المتجمد الذي مات رعباً
لا أحد يدري ولا أحد يكترث .
في هذه المجموعة كلُ قصة تنتهي بموت ما ففي قصة "رأس السنة"تقرر البطلة مستقبلها هي وتحقق أمانيها .
كما كان علينا أن نستعد لذلك الزائر الأصفر وهو يقترب من أحدهم ويستل روحه ، مستغلاً تلك الأحزان والندوب والمواقف الكبيرة ، ولا يترك حقه أبداً ... فهو يعود للثأر كما في قصة "الماضي عود ثقاب "
أمَّا قصة " غرباء ولكن" والتي شعرت بأنها معقدة بعض الشيء ويصعب عليك شرحها دون ان تقرأها بروية ..
في "غرباء ولكن" وجهة نظر أن البعض يصدّق أكاذيباُ تروق له ، وهنا تعددت الأقاويل التي غالباً يكون مبعثها الكراهية والحسد الغيرة .
الموت غرقاً كيف لماذا لا جواب منطقي !
لكن جميع الشخوص يلتفون حول الشخصية الوحيدة التي فارقت القصة (جابر) لمَ طفا على الخزان ، تاركاً خلفه أم مصاب…