الزيادة المحتملة على الحد الادنى للأجور وتاثيرات القرار .. منتدى الاستراتيجيات يصدر ‏ورقة عمل

صنارة نيوز - 17/10/2024 - 3:05 pm

‏ ‏

  • منتدى الاستراتيجيات‎ ‎الأردني‎ ‎يحتسب‎ ‎الزيادة المحتملة على الحد الأدنى للأجور في عام ‏‏2025 ‏
  • منتدى الاستراتيجيات الأردني: يدعو إلى ضرورة اتباع نهج متوازن قائم على الأدلة ‏لتحديد الحد الأدنى للأجور
  • منتدى الاستراتيجيات: يدعو إلى ضرورة تبني سياسات عمل تعزز من الإنتاجية، ‏وتتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي

الصنارة نيوز/
في ضوء توجه الحكومة الأردنية الى إطلاق حوار مع القطاع الخاص للنظر ‏في رفع الحد الأدنى للأجور في عام 2025، أصدر منتدى الاستراتيجيات ‏الأردني ورقة سياسات تحمل عنوان "اقتصاديات الحد الأدنى للأجور: نظرة على ‏الحالة الأردنية". وتهدف الورقة إلى تقديم بعض الحقائق والتوصيات حول الحد ‏الأدنى للأجور من خلال النظر إلى الأدبيات الاقتصادية، والمؤشرات الخاصة ‏بالحالة الأردنية، مع إجراء المقارنات المرجعية مع عدد من الدول إقليميًّا ‏وعالميًّا.‏
وبينت الورقة أن الحد الأدنى للأجور قد ارتفع في الأردن منذ العام 2010 ‏بالقيمة الاسمية من 150 دينارًا أردنيًّا شهريًّا (143.0 دينارًا بالقيمة الحقيقية)، ‏وإلى 260 دينارًا أردنيًّا شهريًّا (253.1 دينارًا بالقيمة الحقيقية) في عام 2021. ‏وبذلك يكون الحد الأدنى للأجور الحقيقي قد ارتفع بنسبة 26% في عام 2012، ‏و11% في عام 2017، و17% في عام 2021.‏
وأشارت الورقة إلى أن قرار رفع الحد الأدنى للأجور يُعَدّ قرارًا صعبًا ومعقدًا، فهو ‏يعتمد على العديد من العوامل، وفق ما جاء في الأدبيات الاقتصادية، والنتائج ‏المتناقضة للدراسات العملية. فقد أشارت الورقة إلى أن بعض الدراسات قد ‏خلصت إلى أن ارتفاع الحد الأدنى للأجور قد يؤدي إلى فقدان الوظائف، بينما ‏بينت دراسات أخرى وجود تأثير إيجابي لرفع الحد الأدنى من الأجور على ‏العمالة، والاستهلاك، والنمو الاقتصادي. ‏
وبينت نتائج ورقة المنتدى، أن الحد الأدنى للأجر الإجمالي الرسمي في الأردن ‏في العام 2022، حوالي 366 دولارًا (260 دينارًا) شهريًّا، وهو أعلى من الحد ‏الأدنى الشهري في كل من الهند، ومصر، والمغرب، ودول أخرى.‏

كما أشارت نتائج الورقة إلى أن الحد الأدنى للأجر الشهري في الأردن (عند ‏تحويله على أساس تعادل القوة الشرائية بالدولار الدولي لعام 2017) يعادل ‏حوالي 845 دولارًا، وهو مبلغ أعلى بكثير من المتوسط العام لدى بلدان ‏المقارنة، مثل المغرب (726 دولارًا)، والصين (501 دولار)، والكويت (428 ‏دولارًا)، وغيرها.‏
وفي سياق متصل، بينت ورقة المنتدى أن إجمالي عدد المؤمن عليهم من ‏أصحاب الأجر الشهري 300 دينار فأقل في الأردن قد بلغ 411,497 فردًا، أي ‏ما نسبته 29.7% من إجمالي الأفراد المؤمن عليهم اجتماعيًّا، البالغ عددهم ‏‎1,386,783‎‏ فردًا (وفق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي لعام 2022). ‏وتشير هذه الأرقام إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن من المتوقع أن ‏يؤثر على عدد كبير من المؤمن عليهم سواء بشكل مباشر من خلال رفع أجور ‏العاملين الحاليين عند أجر 260 دينارًا شهريًّا فأقل، أو بشكل غير مباشر، ‏نتيجة تأثير تلك الزيادة على احتمالية رفع الأجور (الأعلى) والقريبة من الحد ‏الأدنى للأجور.‏
وأضاف المنتدى في ورقته أن هذه الزيادة سترفع من الإنفاق على السلع ‏والخدمات الأساسية، وبالأخص المنتجة محليًّا. ولأن هذه الفئة تُعَدّ من ذوي ‏الدخل المحدود، فإن الازدياد في نفقاتها - جراء رفع الحد الأدنى للأجور – من ‏غير المتوقع أن يؤثر تأثيرًا كبيرًا على معدل التضخم.‏
وبين المنتدى أن معدلات النمو في كل من "الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج"، ‏و"الناتج المحلي الإجمالي للشخص العامل" في الأردن قد تراجعت بشكل واضح. ‏فقد بلغ متوسط نمو كل منهما خلال السنوات القليلة الماضية (2020-2024)، ‏حوالي 0.3%، و -0.3% على التوالي، مشيرًا إلى أن هذه النسب تُعَدّ ‏منخفضة، ولن تساعد في تحقيق النمو المنشود في الأردن. خاصة أن النمو في ‏إنتاجية "عوامل الإنتاج" (الأرض، والعمالة، ورأس المال، والريادة) تؤثر تأثيرًا ‏مباشرًا وكبيرًا على نمو اقتصادات الدول.‏
كما أشارت ورقة المنتدى إلى أن نسبة مساهمة أصحاب العمل في الضمان ‏الاجتماعي (14.25%) من الأجر الشهري في الأردن هي أقل بكثير من بلدان ‏أخرى، كـ فرنسا (45%)، وتركيا (22.5%) وغيرها، إلا أنها قريبة من اليابان، ‏وأيرلندا. وبالمثل، فقد بلغت نسبة مساهمة الموظف في الأردن 7.5% من ‏إجمالي الأجر، وهي نسبة أقل بكثير مما هي عليه في فرنسا (23%)، وتركيا ‏‏(15%) وبلدان أخرى، إلا أنها تُعَدّ قريبة من الولايات المتحدة الأمريكية ‏‏(7.65%)، والسويد (7%). ‏
وعند المقارنة مع الدول العربية، يُعَدّ معدل مساهمة صاحب العمل في الضمان ‏الاجتماعي في الأردن (14.25%) أقل بكثير من مستواه في مصر، والجزائر ‏‏(26%). ومع ذلك، فإن النسبة أعلى مما هي عليه في الكويت (11.5%)، ‏وعُمان (11.5%)، والمملكة العربية السعودية (12%). وبالمثل، فإن مساهمة ‏الموظف في الأردن (7.5%) أقل بكثير مما هي عليه في مصر (14%)، ‏والكويت (10.5%)، وتونس (9.18%). ‏
وأشار المنتدى في ورقته إلى أنه عادة ما يتم تقسيم الدخل القومي (الناتج ‏المحلي الإجمالي) في أي اقتصاد، بين عوامل الإنتاج الرئيسة: العمل، ورأس ‏المال. أي بعبارة أخرى، يتم توزيع الدخل بين الأجور التي يحصل عليها العمال ‏‏(حصة العمل)، والأرباح أو العوائد التي يحصل عليها أصحاب رأس المال ‏‏(حصة رأس المال). وبالاستناد إلى تقديرات منظمة العمل الدولية، فإن حصة ‏العمل في الأردن (إجمالي الرواتب) هي (44.6%)، إذ تُعَدّ هذه النسبة أعلى ‏بكثير مما هي عليه في قطر (27.7%)، والمملكة العربية السعودية (30%)، ‏والجزائر (34.6%)، والإمارات العربية المتحدة (34.6%)، وعُمان (35.8%)، ‏علمًا بأن انخفاض النسب في دول الخليج يعود بطبيعة الحال إلى اعتماد ‏اقتصادات تلك الدول على النفط والغاز اعتمادًا كبيرًا، وهي قطاعات تُعَدّ كثيفة ‏من حيث رأس المال، إلا أنها محدودة من حيث القدرة على التشغيل. ومع ذلك، ‏تُعَدّ النسبة في الأردن أقل بكثير مما هي عليه في سويسرا (70.5%)، أو كوريا ‏الجنوبية (59.5%)، أو الهند (56.9%)، على سبيل المثال.‏
هذا، وقد قام المنتدى في ورقته بتحليل تأثير "الإنفاق النهائي الحقيقي للأسر" ‏على الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي. إذ بينت النتائج وجود تأثير إيجابي ‏‏(المرونة +0.5 بالمتوسط). وهذا يعني أنه في حال ازدياد الإنفاق النهائي ‏الحقيقي للأسر بنسبة 1%، فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيرتفع بنسبة ‏‏0.5%، والعكس صحيح.‏
وفي سياق ذلك، أشار المنتدى إلى أن رفع الحد الأدنى للأجور بمقدار ملائم، ‏سينعكس على زيادة مستويات الاستهلاك الكلي لدى الأفراد، وتحديدًا على السلع ‏الأساسية المنتجة محليًّا، مما ينعكس إيجابًا على مستويات الإنتاج المحلي.‏
وفي ضوء ذلك، أوصى المنتدى بضرورة اتباع نهج متوازن قائم على الأدلة ‏لتحديد الحد الأدنى للأجور؛ بحيث يأخذ بعين الاعتبار احتياجات العمال ‏وأسرهم، والعوامل الاقتصادية. مشيرًا إلى أن الموازنة بين هذين الاعتبارين تُعَدّ ‏مهمة للغاية؛ لضمان تكييف الحد الأدنى للأجور مع السياق الوطني، ومراعاة ‏الحماية الفعالة للعمال، واستدامة المشاريع ونموها.‏
وأضاف المنتدى، أن اتباع النهج القائم على الأدلة، يتطلب وجود معايير ‏واضحة لتوجيه الحوار بشأن مستوى الحد الأدنى للأجور، واعتماد مؤشرات ‏إحصائية موثوقة لدعم الحكومة، وأصحاب العلاقة، والشركاء الاجتماعيين في ‏مداولاتهم من أجل اتخاذ القرار المناسب. مشيرًا إلى أهمية الاسترشاد بالمؤشرات ‏الإحصائية المباشرة (تكلفة المعيشة/ التضخم، ومعدل نمو الإنتاجية الكلية ‏لعوامل الإنتاج) التي يتم استخدامها عادة عند النظر بزيادة الحد الأدنى للأجور. ‏
وفي سياق متصل، فقد اجتهد المنتدى في احتساب الزيادة المحتملة على الحد الأدنى ‏للأجور في عام 2025، التي من الممكن أن تكون ما بين 288 دينارًا (شاملًا معدل ‏التضخم) لحماية الحد الأدنى للأجور من التآكل، و300 دينار شهريًّا (شاملًا معدل ‏التضخم، ومعدل نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج)؛ لتعزيز النمو في الإنتاجية، ‏وتحفيز العاملين.‏‎  ‎أي‎ ‎بنسبة‎ ‎زيادة‎ ‎تتراوح‎ ‎ما‎ ‎بين‎ ‎‏10.8%، و 15.4%.‏
كما أوصى المنتدى بأهمية النظر في تعديل مستويات الحد الأدنى للأجور من ‏وقت لآخر؛ لتمكين القوة الشرائية للعمال، وتحقيق مزيد من المساواة في الأجور، ‏خاصة عند ارتفاع مستويات الأجور بشكل عام.‏
واختتم المنتدى توصياته بضرورة العمل على تبني سياسات عمل طويلة الأجل ‏تعزز من نمو إنتاجية عوامل الإنتاج، وتتماشى مع مستهدفات رؤية التحديث ‏الاقتصادي، التي تتسم بطموح عالٍ نحو التشغيل، وتحسين مستويات معيشة ‏الأفراد في آن واحد.‏