الغاز الوطني ينعش آمال وطموحات الأردن ‏

صنارة نيوز - 06/10/2024 - 12:04 pm

الصنارة نيوز/‏
‏ أنعش الغاز الوطني آمال وطموحات الأردن بتأمين مستقبل آمن لأجياله، إذ ينتج حاليا من ‏حقل الريشة 40 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، فيما تركز جهود شركة البترول ‏الوطنية على تطوير الحقل بزيادة إنتاجه وصولا إلى 50 مليون قدم مكعب عام 2025، ‏و200 مليون قدم مكعب عام 2030‏‎.‎

ويدرك صانع القرار أن الاستثمار في مجال الطاقة المحلية يحقق العديد من المكاسب من ‏حيث تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، لاسيما وأن قطاع الطاقة من أهم محركات النمو ‏الاقتصادي وتحقيق رفاه المواطنين‎.‎

ويعد افتتاح أول مشروع في المملكة لإنتاج الطاقة الكهربائية من الغاز الأردني المنتج من ‏حقل الريشة لمصنع الشركة الوطنية لصناعة الكلورين أخيرا، ثمرة أولى للجهود الأردنية التي ‏يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني لرفع إسهامات الطاقة المحلية في خليط الطاقة الكلي‎.‎

ويعول القطاع الصناعي كثيرا على الغاز الوطني في الولوج الى الأسواق الخارجية ‏والمنافسة بقوة في السوق المحلي، من خلال منتجات ذات جودة عالية ومنافسة والتخلص ‏من معضلة تحدي الطاقة الذي طالما عانى منه القطاع الصناعي، إذ يشكل هذا التحدي ‏النسبة الأعلى من كلف التشغيل‎.‎

وتركز رؤية التحديث الاقتصادي على خفض كلف الطاقة وعلى رأسها الكهرباء، وشبك ‏مجمعات الصناعة بالغاز الطبيعي، للنهوض بقطاع الصناعة في المملكة، حيث يمثل قطاع ‏الصناعة 17.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وتبلغ مساهمة مخرجات قطاع الصناعة ‏في الصادرات حوالي 15.1 مليار دينار، أي ما يعادل 49 بالمئة من إجمالي الصادرات‎.‎

وعملت وزارة الطاقة والثروة المعدنية على تطوير استراتيجيتها (2020-2030) والتي جاءت ‏تحت عنوان "الاعتماد على الذات" وتهدف إلى رفع مساهمة مصادر الطاقة المحلية في ‏خليط الطاقة الكلي، لتحقيق أمن الطاقة والوصول بالمملكة إلى الحدود الآمنة عن طريق ‏التحول نحو مصادر أكثر استدامة‎.‎

وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، خلال افتتاح المشروع التابع لمصنع ‏الشركة الوطنية لصناعة الكلورين، أكد أن توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي له آثار إيجابية ‏على القطاع الصناعي، نظرا لتدني كلفته بنسبة 35 بالمئة مقارنة بالديزل، وأكثر من 50 ‏بالمئة مقارنة بالوقود الثقيل‎.‎

‏وقال "إن مثل هذه المشاريع تتماشى مع توصيات رؤية التحديث الاقتصادي والبرنامج ‏التنفيذي للرؤية، التي تقوم على ركيزتين إحداهما إطلاق كامل الإمكانات لتوفير ما يزيد على ‏‏10000 فرصة عمل وتحقيق نمو اقتصادي بمقدار 5.6 بالمئة بحلول عام 2030، مؤكدا ‏أن الوزارة تعمل على إعداد قانون لتنظيم الأعمال المتعلقة بالغاز الطبيعي في المملكة‎.‎

وأكد أن القطاع الصناعي يعد رافعة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتحقيق معدلات ‏النمو التي أشارت إليها رؤية التحديث الاقتصادي، ويعتبر كذلك محركا هاما للاقتصاد ‏الوطني وله دور أساسي في معالجة وتخفيف أعباء البطالة‎.‎

وتستهلك محطة توليد الكهرباء 3 ملايين قدم مكعب يوميا من الغاز الطبيعي، لتوليد 10 ‏ميجا واط من احتياجات المصنع‎.‎

وينتج حقل الريشة 40 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، فيما تركز الجهود على تطوير ‏الحقل بزيادة إنتاجه وصولا إلى 200 مليون قدم مكعب عام 2030، واعتمادا على هذه ‏الكميات تسعى الوزارة إلى تزويد المدن الصناعية في (الروضة والموقر والقويرة والمفرق ‏والقسطل والهاشمية) بالغاز‎.‎

ويعتبر المشروع واحدا من 3 مشاريع لإنتاج الغاز الطبيعي المضغوط في منطقة الريشة ‏والذي من شأنه خفض الكلف التشغيلية للصناعات التي تعتمد على الغاز الطبيعي بنسبة ‏تتراوح بين (25 - 50 بالمئة) وبما يزيد القدرة التنافسية للقطاع الصناعي جراء خفض ‏الكلف، وسيحسن ذلك من إيرادات شركة البترول الوطنية ويمكنها من توسيع برامجها ‏ومشاريعها لزيادة القدرة الإنتاجية من الحقل، كون الشركة تمول أعمالها ومشاريعها ذاتياً من ‏إيراداتها المتأتية من مبيعات الغاز‎.‎

مصدر محلي متوفر بكميات وبأسعار منافسة

خبير الطاقة هاشم عقل، أكد أهمية المشروع في إنتاج طاقة كهربائية من مصدر محلي ‏‏(غاز الريشة) ومتوفر بكميات كبيرة وبأسعار منافسة ومناسبة للقطاع الصناعي‏‎.‎

وقال إن الكرة في مرمى القطاع الصناعي للتحول من الاعتماد على المصادر التقليدية في ‏عملية الإنتاج إلى مصادر محلية وطنية من شأنها تعزيز تنافسية المنتجات الأردنية في ‏الأسواق المحلية والخارجية‎.‎

وأضاف أن التحول إلى مصادر نظيفة ورخيصة يسهم في تخفيض كلف الإنتاج على ‏القطاع الصناعي بنسبة تصل إلى 45 بالمئة، ما يعزز الصادرات الأردنية للخارج وبالتالي ‏رفع نسبة نمو إيرادات الدولة من العملة الصعبة‎.‎

وأشار عقل، إلى أن تعزيز مصادر الطاقة المحلية يضع الصناعات الأردنية على طريق ‏الأسواق الإقليمية والعالمية، وهو ما يستدعي القطاع الصناعي للتوجه إلى هذه المصادر ‏وبخاصة الغاز الطبيعي لتخفيض كلف الإنتاج ورفع جودة منتجاتها‎.‎

بدائل الطاقة المحلية تعزز الاستثمار المحلي والخارجي

ولفت إلى أن تعزيز بدائل الطاقة المحلية يعزز الاستثمار ويجلب المزيد من الاستثمارات ‏الأجنبية والمحلية وبالتالي المساهمة بشكل كبير في حل مشكلة البطالة وتشغيل المزيد من ‏العمالة المحلية، بالإضافة إلى التقليل من انبعاثات الكربون، داعيا كذلك إلى استغلال ‏محطة تسييل الغاز في العقبة‎.‎

وأكد أن الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة المحلية ينسجم مع رؤية التحديث الاقتصادي ‏التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني، والتي تركز على تعزيز الاستثمار في مختلف ‏مجالات الطاقة والاعتماد بشكل أساسي على المصادر المحلية‎.‎

نسبة الخفض المتوقعة على الكلف التشغيلية للقطاع الصناعي

وقال نائب رئيس غرفة صناعة الأردن وممثل قطاع الصناعات الغذائية والتموينية والثروة ‏الحيوانية محمد الجيطان، إن كلف الطاقة تشكل ما نسبته لجميع القطاعات الصناعية داخل ‏الأردن بين 30-35 بالمئة من كلف الإنتاج، والتي تصل لأكثر من 40 بالمئة في بعض ‏القطاعات مثل قطاع الصناعات البلاستيكية والمطاطية وقطاع الصناعات الإنشائية‎.‎

وأضاف "يستهلك القطاع الصناعي ما نسبته 16بالمئة من إجمالي مصادر الطاقة ‏المستخدمة في الأردن، باعتباره القطاع الثالث المستهلك للطاقة بعد القطاع السكني والنقل، ‏وثاني أكبر مستهلك للطاقة الكهربائية بواقع 21 بالمئة من إجمالي الكهرباء المستخدمة في ‏الأردن، وبالتالي فإن التحول إلى مصادر الطاقة المحلية يُعتبر خطوة محورية في دعم ‏الصناعة الوطنية وتعزيز قدرتها على المنافسة في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية، من ‏خلال تقليل تكاليف الإنتاج ومنح القدرة على تحسين جودة المنتجات وتحقيق أعلى المعايير ‏البيئية، ما يساهم في تعزيز مكانة الأردن كمركز صناعي مستدام وفتح فرص وآفاق واعدة ‏وجديدة‎".‎

وأشار إلى أن هذا التحول يؤدي إلى خفض تكاليف الطاقة على القطاع في حال التوجه نحو ‏استخدام الغاز الطبيعي المضغوط الذي يعد أقل من الوقود الثقيل من 20 - 50 بالمئة، ‏خاصة وأن كلف الطاقة تُشكّل حالياً ما نسبته 40 - 70 بالمئة من إجمالي تكاليف الإنتاج ‏في بعض الصناعات‎.‎

وتابع "مع استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة كلف الطاقة، فإنه يبرز هذا التحول ‏كعامل مؤثر في زيادة قدرة المنتجات الوطنية على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، ‏حيث أن الفجوة في تكاليف الإنتاج للصناعات المحلية ونظيراتها في دول الجوار تتراوح ما ‏بين 25 - 40 بالمئة، ما يمثل تحديًا رئيسيًا أمام النمو المستدام والتطور في القطاع ‏الصناعي‎".‎

تحقيق النمو الاقتصادي المستهدف في رؤية التحديث الاقتصادي

وقال الجيطان، إن التوجه نحو الاعتماد على بدائل وطنية للطاقة يمثل خطوة استراتيجية ‏نحو تعزيز الأمن الصناعي ودعم النمو الاقتصادي، من خلال تعزيز كفاءة عمليات الإنتاج ‏وتقليله للانبعاثات الضارة وتحفيز الاستثمار، لما يوفر من بيئة ملائمة لجذب الاستثمارات ‏الأجنبية والمحلية نتيجة الاعتماد على مصادر طاقة أكثر استقرارًا وفعالية‎.‎

وأشار إلى أن هذا التوجه يحمل أثاراً إيجابية على القطاع الصناعي، وخاصة الصناعات ‏الغذائية، وذلك في ظل ما طمحت إليه رؤية التحديث الاقتصادي نحو تنميــة قطــاع ‏الصناعــات الغذائيــة فــي الأردن عــن طريــق خفــض كلــف الإنتاج، وتعزيــز الأنشطة ذات ‏القيمــة المضافــة، ما يمنح القطاع فرصة التركيـز على التوسـع فـي الأسواق المحليـة مـن ‏خلال تقليـص الـواردات وإحلال المنتجــات المحليــة مكانهــا، بالإضافة إلى المساهمة في ‏مساعدة الشركات على الامتثال البيئي وتحسين الإنتاجية وتنافسية الكلفة للقطاع‎.‎

زيادة فرص العمل للأردنيين في القطاع الصناعي

وأشار عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأردن وممثل قطاع الصناعات الجلدية والمحيكات ‏المهندس إيهاب قادري، إلى أن التوجه نحو خفض الكلف سيؤدي حتماً إلى زيادة حجم ‏الإنتاج وبالتالي تعزيز‎ ‎فرص عمل جديدة للأردنيين، لافتا إلى دراسة أعدتها غرفة الصناعة ‏خلصت‎ ‎إلى أن الاثر الإيجابي لخفض كلف الطاقة بما نسبته 10 بالمئة على الصناعة، ‏يحدث ارتفاعاً بنسبة 2 بالمئة على حجم الإنتاج الصناعي، ويسهم بنمو الناتج المحلي ‏بحوالي 0.4 بالمئة، ويخلق حوالي 10 آلاف فرصة عمل في‎ ‎الاقتصاد‎.‎

الغاز الوطني يحقق الأمن الصناعي ويعزز النمو الاقتصادي

ونوه إلى أن التوجه نحو استخدام الغاز الطبيعي‎ ‎يساهم بشكل جوهري في تحقيق الأمن ‏الصناعي ودعم النمو الاقتصادي، خاصة في ظل رؤية التحديث الاقتصادي وما طمحت ‏إليه من مستهدفات للقطاع الصناعي وقطاعاته الفرعية، ليصار إلى تحقيقها خلال فترة ‏تطبيق الرؤية‎.‎

وقال إن هذا التحول يحمل فوائد على مستويات عدة، خاصة على قطاع المحيكات، بما في ‏ذلك دعم الكفاءة التشغيلية والاستدامة البيئية والاستقلالية الطاقية والعمل بالتوازي مع ‏مبادرات جذب الاستثمارات الرأسية والأفقية باعتبارها خطوة مهمة تتيح للقطاع فرصة العمل ‏ضمن إطار خفض الكلف، وبالتالي رفع القيمة المضافة لمنتجات القطاع وزيادة تنافسيتها ‏السعرية، والذي بدوره سيعزز من قوة المنتجات الوطنية‎.‎

مطالب القطاع الصناعي لتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المحلية

وقال القادري، إن القطاع الصناعي يواجه تحديات تتعلق في تحقيق الجاهزية الفنية للتحول ‏نحو الطاقة باستخدام مصادر الطاقة المحلية بما فيها الغاز الطبيعي، حيث تتطلب هذه ‏الجاهزية تحسينات جوهرية في عدة مجالات رئيسية، سواء من خلال تطوير البنية التحتية ‏وتوسيع شبكة محطات تعبئة الغاز الطبيعي وخطوط الأنابيب، لضمان توصيل الغاز بشكل ‏فعال إلى المناطق الصناعية، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن تكون التكنولوجيا الحالية في ‏العديد من المصانع لا تتوافق مع استخدام الغاز الطبيعي، ما يستدعي تحديث المعدات ‏وتبني تقنيات حديثة، ناهيك عن ضرورة تأهيل القوى العاملة والحاجة لتدريب الكفاءات ‏البشرية والفنيين على تشغيل وصيانة المعدات التي‎ ‎تعمل بالغاز الطبيعي‎.‎

‎وأشار إلى أن الدعم الحكومي والتشريعات الناظمة تلعب دوراً حاسماً، من خلال السياسات ‏المشجعة لتسهيل عمليات التحول، ولعل التحدي الرئيسي للربط في الغاز الطبيعي أو تحفيز ‏الصناعات لاستخدامه يكمن في كلف مدّ خطوط الغاز والربط مع الخط الرئيسي وعدم قدرة ‏المصانع على تحمل هذه الكلف المرتفعة‎.‎

‏-- (بترا)‏