خطاب الكراهية والقنابل المنتشرة بيننا

صنارة نيوز - 14/08/2024 - 9:41 am  /  الكاتب - د. محمود أبو فروة الرجبي


من المؤسف أن تجد أشكالا متعددة لخطاب الكراهية منتشرا في منصات التواصل الاجتماعي، ومجموعات التواصل الـمختلفة مثل «جروبات الواتس أب « وغيرها، وتتساءل عن السبب الذي لا يجعلنا جميعا نقف أمام هذا الطوفان المؤذي، والمعضلة الأكبر هي غياب الوعي عند كثير من الناس، إلى درجة أن البعض يمارسه دون أن يدري. 


ويمكن القول إن خطاب الكراهية هو أي نوع من التواصل الشفهي، أو الكتابي أو السلوكي، يستخدم لغة تمييزية، أو مهينة بحق فرد أو مجموعة لأي سبب من الأسباب، وهناك عدة أشكال له تبدأ من توجيه الشتائم، والإهانات لشخص أو جماعة لمجرد أنهم يختلفون عنك، أو لديهم سمات، أو صفات أخرى، أو الافتخار الزائد، وإدعاء الوطنية، ووصم الآخرين بالخيانة، والعمالة، وعدم الانتماء. 

من خلال تحليلي لمئات التغريدات، والإدراجات، والحوارات الـمختلفة في منصات التواصل الاجتماعي، والمجموعات الـمختلفة، توصلت إلى عدد من الملاحظات التي يمكن وضعها بين يدي صناع القرار، والجهات المعنية:
أولا: تعج منصات التواصل الاجتماعي وغيرها بالنقاشات غير الحميدة، المبنية في جزء منها على خطاب الكراهية، ومن الملاحظ تكرار مثل هذا الخطاب من شخصيات معينة، تنصب نفسها وكأنها الوطن، وهي التي تنتمي إليه، وغيرها خائن، وتدخل في نقاشات عقيمة لا تستند إلى عقل أو منطق، وعندما تتم مناقشتهم بمنطقية، يبدأون بكيل الاتهامات للآخرين، وأحيانا يحرفون النقاش إلى ما يخدش الوحدة الوطنية، والـمشكلة الكبرى في الـموضوع أنهم يوهمون الآخرين أنهم يدافعون عن الدولة، والنظام، وأن لهم أذرعا فيها، وهذا خطر جدا، وقد يعطي الآخرين صورة سلبية لا ترغب الدولة بها، وقد يوهم البعض أن هذا هو خطاب الدولة، مع أن الصحيح هو العكس، فالدولة من مصلحتها التقريب بين الناس، وعدم إثارة الفتن. 
ثانيا: هناك سمات شخصية متشابهة بين من يقومون بصناعة خطاب الكراهية في هذه الـمنصات، فهم عصبيون، يتوترون، ويرفضون أي نقاش، ويعتبرون أي شخص يتجرأ ويناقشهم، بأنه خائن للوطن، ويظهرون للآخرين وكأنهم هم الوطنيون الحقيقيون، يفتخرون كثيرا بعائلاتهم، ويحاولون إيهام الآخرين أنها الوحيدة التي قدمت للوطن، بينما خان الآخرون الوطن، وعندما تسألهم عن إنجازاتهم المزعومة يبدأون بكيل الاتهامات والشتائم للآخرين. 
ثالثا: مع مرور الوقت يتمادى أمثال هؤلاء عندما لا يجدون من يتصدى لهم، فكل من يناقشهم يتسلح بالعادة بالمنطق، والأخلاق، بينما يتدثرون هم بالهمجية، والبذاءة، وكيل الاتهامات، واستغرب أنهم للآن لم يتعرضوا للمساءلة، والـمتابعة، وهذا يحتاج إلى توضيح من جهات عديدة، فهل الأمر له علاقة أن أحدا لم يتجرأ ويشكو عليهم لأنهم يوهمون الآخرين أن ما يقدمونه جزءا من خطاب ممنهج مطلوب؟ أو لأنهم يظهرون للناس أن لديهم نفوذا، واقرباء أصحاب سلطة ونفوذ.
عطفا على النقطة السابقة، لا بد من تنبيه بعض المسؤولين وأصحاب النفوذ أن يكونوا حذرين عند التقاط الصور أمثال هؤلاء من صناع خطاب الكراهية والفتنة، وأن يبتعدوا عنهم أثناء الـمناسبات الاجتماعية، لأنهم أحيانا يوظفون مثل هذه الصور في إرهاب الآخرين، وإخافتهم، وهذا قد يعطيهم صورة زائفة أن اقرباءهم قد يؤيدونهم في حالة وجود نزاع مع أي شخص آخر، وهذا ما لا أتوقع حصوله.
خطاب الكراهية منتشر في بعض الـمنصات، وعند بعض الأشخاص، وهو خطر من جوانب عديدة خاصة على الوحدة الوطنية، والنسيج الاجتماعي، ولا بد أن تتكامل الجهود حتى نحاربه بشكل واسع، وإلا فإننا سنترك هؤلاء ليصبحوا قنابل متجولة وألغاما عائمة في بحارنا قد تنفجر في وجهنا في أي لحظة.