عقلية الحرب الصهيونية
صنارة نيوز - 12/08/2024 - 12:51 pm / الكاتب - نادية سعدالدين
اختار “نتنياهو” التصعيد إذن. موقف ليس مستغرباً حتى يُلام عليه، فالنزعة العدوانية نحو الشر مجبولة في فكره الصهيوني وسلوكه الإجرامي، أسوة بسلفه. ولن تفيد كثيراً مساعي إدخال المقاومة مجدداً في دهاليز التفاوض الذي لا طائل منه، لجعل الرد، أكان محدوداً أم موسعاً، غير مبرر بعد حين وقت، بدلاً من لجم عدوان الاحتلال.
إذ ما يزال “نتنياهو” يصر على مواصلة حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، ولن يوقفها، طالما ظل بعيداً عن المساءلة القانونية والدولية، بدعم أميركي غربي.
ولا يتصرف “نتنياهو” من فراغ، فالحرب ديدن الكيان المحتل ومحركه الرئيسي، فقد تمكنت الصهيونية من غرس تعظيم القوة وتقديس العنف والعنصرية، استلهاماً من النازية، في نفوس أتباعها المستوطنين، وتغذية الشعور بالقومية لديهم عقب مزجها بالعرقية في أعلى درجات تطرفها.
وماذا كانت النتيجة؟، كيان مصطنع يؤمن بحتمية شن الحروب لتحقيق أهدافه التوسعية وكأساس للعلاقات مع محيطه الخارجي. أما داخله المجتمعي فتحول إلى ثكنة عسكرية تحظى فيها القيم العسكرية والنزعة العدوانية بالحظوة البالغة، في جو يُشخص فيه الفلسطيني العربي عدواً، لا بد من طرده من “أرض إسرائيل التاريخية” أو “التوراتية”، المزعومة.
وعندما تكون “الدولة” المحرض الرئيسي للعنف، فإن معايير المجتمع الثقافية والتربوية تُسهل من ظهور العدوانية والنزعة المقاتلة. بينما تلعب نفسية الساسة الصهاينة دوراً كبيراً في إبرازها، بالاتكاء إلى ركيزة الإقناع بالقوة والتلويح بخطر دائم يتهدد كيانهم أو تسويق الرواية الزائفة عن الحق لتعظيمها في نفوس الجماهير.
أوجد ذلك “تفاهماً جماهيرياً” صهيونياً عريضاً حول الإجرام الأيديولوجي ضد الفلسطينيين، فالانتهاكات تصبح عندهم مسموحة شريطة أن تتوارى أسبابها السياسية خلف مزاعم “الأحقية” التاريخية.
ولذلك تحظى المؤسسة العسكرية الصهيونية بأهمية بالغة لكونها الدعامة الرئيسية للتضامن الداخلي وبوتقة صهر المستوطنين اليهود، عدا تغلغلها في مختلف الجوانب الحياتية للكيان المُحتل، بأداء مهام إجراء التقويمات المتصلة بالأمن القومي الصهيوني والمشاركة في التخطيط الاستراتيجي، وبناء وحماية المستوطنات وتنظيم الهجرة وإعداد البرامج التعليمية لأفراد جيش الاحتلال.
وتمثل الخدمة العسكرية ركيزة في المشروع الصهيوني، يؤديها رجال ونساء، فإما أن يكون اليهودي في صفوف المجندين إلزامياً أو بين صفوف الاحتياط، باستثناء غالبية المتدينين بذريعة حفظ وتخليد التوراة وتلقي الدروس في معاهدهم الدينية العسكرية، وهي قضية محل جدل كبير حالياً.
إلا أن “الهالة” التي أحيطت بجيش الاحتلال قد أصابها العطب بعد تكبده الهزيمة أمام عملية “طوفان الأقصى”، وهو يحاول استرجاع “قوة الردع” من خلال عدوانه الهمجي ضد غزة، غير أن المقاومة الفلسطينية لا تُسهل عليه ذلك.
إن العقلية الحربية العدائية مُلازمة للكيان الصهيوني حتى وهو يتشدق بالسلام الموهوم، بما يُهدد سلامة المنطقة وأمن النظام الدولي، لكونه سبباً رئيساً في قيام النزاعات والحروب.
وقد يؤدي الرد الذي تصر عليه المقاومة وجبهات الإسناد، أكان محدوداً أم موسعاً، لردعه وإجباره على وقف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة، مع ضرورة تفعيل القرار الأممي بمحاكمته إلى جانب أقرانه المتطرفين.