لماذا ندافع عن سياسة العمل بالحد الأدنى للأجور؟

صنارة نيوز - 20/07/2024 - 12:10 pm

الصنارة نيوز/ موسى الصبيحي
طالبَ الكاتب الاقتصادي عصام قضماني في مقال أمس الأول بإلغاء العمل بالحد الأدنى ‏للأجور، كونه منخفضاً جداً وأنه لا يُرضي طرفي المعادلة؛ العمال وأصحاب العمل. قائلاً ‏بأن الحل هو إلغاؤه، والأخذ المعايير الدولية في هذا الموضوع. ولعلم الأستاذ قضماني، فإن ‏أهم المعايير الدولية في موصوع الحد الأدنى للأجور هو ما رسّخته اتفاقية العمل الدولية رقم ‏‏(131) لسنة 1970 المُصادَق عليها من منظمة العمل الدولية والتي ألزمت الدول المُوقّعة ‏عليها بتنفيذ الأحكام المتعلقة بالحد الأدنى للأجور، وتضمين ذلك في تشريعاتها الوطنية ‏ومن ضمن هذه المعايير: ١) مراعاة حاجات العمال وأسرهم. ٢) ضمان مستوى عام مناسب ‏للأجور وتكاليف المعيشة. ٣) إتاحة الاندماج والانتفاع من مزايا التأمينات والضمان ‏الاجتماعي. ٤) مراعاة التوازن في مستويات الكفاية الاجتماعية والاقتصادية والانتاجية. ٥) ‏مراعاة العوامل الاجتماعية والاقتصادية. ٦) تقليص مساحة الفقر. ٧) إعادة النظر بالحد ‏الأدنى للأجور من وقت إلى آخر. وهناك حوالي (130) دولة حول العالم تعمل بسياسة ‏الحد الأدنى للأجور منها: السعودية، عُمان، لبنان، الأردن، العراق، الكويت، المغرب، ‏فرنسا، الولايات المتحدة الاميركية، بريطانيا، روسيا، اليابان، هولندا، اليونان. هذا من جانب، ‏ومن جانب آخر هل يعرف قضماني ماذا يعني إلغاء العمل بالحد الأدنى للأجور من قانون ‏العمل في المملكة.؟! إليكم ما يعنيه هذا: ١) اذا كان هناك حوالي (12%) من مشتركي ‏الضمان الأردنيين يعملون على الحد الأدنى للأجور، أي أنهم مشتركون على أساس (260) ‏ديناراً.. فإلغاء الحد الأدنى سيؤدي إلى انخفاض هذا الأجر بشكل ملموس، لا سيما وأن ‏جزءاً غير قليل منهم يتقاضى فعلياً أقل من هذا الحد بكثير لكن الضمان لا يقبل إشراكهم ‏على أجر أقل من الحد الأدنى الساري. ٢) سينتج عن إلغاء الحد الأدنى للأجور انتقال ‏الكثير من الوظائف والأعمال الصغيرة والبسيطة من الأردنيين إلى العمالة الوافدة، التي ‏ستقبل بأجور قليلة، تستطيع تعويضها بأكثر من عمل ووظيفة. ٣) ستزداد حالة استغلال ‏العمّال وعقود الإذعان تحت ضغط الحاجة إلى العمل. ٤) ستزداد أعداد العاملين الفقراء، ما ‏يزيد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ٥) ستنعكس الأجور الضئيلة على ‏مستوى الانتاجية وتؤدي إلى ضعف انتماء العامل وضعف انتاجيته وضعف جودة العمل ‏والمُنتَج. ٦) ستهتز الثقة ما بين العمّال وأصحاب العمل، وتنشأ علاقة سلبية ما بين ‏الطرفين قائمة على الشك والريبة مما يؤثّر سلباً على الانتاجية والاقتصاد والحالة النفسية ‏والمعنوية لسواعد الانتاج. ٧) ستنخفض الإيرادات التأمينية لمؤسسة الضمان الاجتماعي ‏بصورة ملموسة بسبب قبول أجور ضعيفة جداً وربما رمزية لعشرات الآلاف من المشمولين ‏بالضمان من العمّال. ٨) ستزداد ظاهرة التهرب من الشمول بأحكام قانون الضمان ‏الاجتماعي (التهرب التأميني) وعزوف الكثير من العمّال عن الاشتراك بسبب تدنّي الأجور ‏والشعور بعدم جدوى الاشتراك، والحاجة الكاملة والمُلحّة للأجر دون اقتطاع الشمول ‏بالضمان. ٩) سنشهد مستقبلاً ظاهرة "الفقر التقاعدي" والتي تعني خروج الكثيرين على ‏التقاعد برواتب ضئيلة لا تسد رمق العيش. ١٠) ستضطر مؤسسة الضمان إلى تعديل قانون ‏الضمان وإلغاء الحد الأدنى لراتب التقاعد، وإلا فإنها ستتعرض إلى استنزاف مالي كبير، في ‏ضوء إلغاء الحد الأدنى للأجور. أخيراً أقول: كان يُفترَض بوزارة العمل أن ترد على مقال ‏القضماني فمن واجبها ومسؤوليتها أن تدافع عن سياسة العمل بالحد الأدنى للأجور في ‏المملكة‎.‎