رواية اليركون لأبو خضرة تعيد الى الأذهان النكبة والمخيم والتهجير ومجازر الاحتلال في ‏سياق مشوق

صنارة نيوز - 13/07/2024 - 8:37 pm

الصنارة نيوز/ خاص
شاركت  رابطة الكتاب الأردنيين في فرعيها في اربد وعمان  بتوقيع رواية "اليركون" للكاتبة ‏صفاء أبو خضرة، الصادرة عن دار الفينيق للنشر والتوزيع، وقدمها وناقشها مجموعة من ‏الكتاب، ‏
تبدأ الرواية الثانية للكاتبة بعد روايتها الأولى (أنيموس) وقبلها مجموعة قصصية وديوانين ‏من النصوص الشعرية، تبدأ بحكاية شخصية (الروائي) غامضة وانطوائية نوعاً ما، بعد نيله ‏الشهرة وطباعته العديد من المؤلفات والكتب وبعد أن كانت الأضواء كلها صوبه، أصيب ‏بلعنة الصفحة البيضاء وهذه اللعنة عادة ما تصيب الكتاب فيفقدون قدرتهم على كتابة المزيد ‏مما يترك أثراً سيئاً و حالة مرضية لا تحمدُ عقباها، وهذه اللعنة أصابت بطل الرواية، ‏الشخصية الأولى في العمل والتي فتحت الباب لشخصيات عديدة أخرى وأحداث مؤلمة عن ‏النكبة والمخيم والتهجير ومجازر الاحتلال الصهيوني منذ عام 1948 وحتى فترة غير ‏بعيدة.‏
و تنقسم الرواية المكونة من 187 صفحة لثلاثة من الفصول، وقد خصّت الكاتبة الفصل ‏الثالث وعنونته بــــ(درب الآلام) والذي ذكرت أن القصص التي سردت ما هي إلا قصصاً ‏حقيقيةً لأسيرات في سجون الاحتلال، وكانت هي واحدة من هؤلاء الأسيرات بعد أن تعثّر ‏بها القدر، عندما اغتال الموساد زوجها (غسان) وهو عالم آثار وكانت (لميس)  برفقته ما ‏أدى إلى موته وإصابتها إصابة بليغة سببت لها شللاً نصفياً وفقدت قدرتها على المشي بل ‏تتنقل عن طريق كرسي متحرك.‏
‏ أسقطت الكاتبة شخصية غسان ولميس على الشخصية الحقيقية لغسان كنفاني وابنة أخته ‏لميس اللذين اغتالهما الموساد عام 1972، وكأنها أرادت أن تحييهما مرةً أخرى، وربما أرادت ‏أن تعيد الزمن إلى الوراء، في هذه الرواية نجد الزمن غرائبي إن جاز التعبير، نجدهُ في كرّ ‏وفرّ، يتنقل بين الماضي والحاضر بكلّ سلاسة ولكن بحرفية تستدعي من القاريء أن يكون ‏مصغياً بكلّ حواسه لكلّ ذلك الزخم الزمني في العمل.‏
و ركّزت الكاتبة على السرقات التي ارتكبها الاحتلال منذ عام 1948، فبينت على لسان ‏أبطالها وخاصة غسان، سرقة أسماء القرى والأماكن والبيوت بما تحتويه من مقتنيات ‏وملابس ومجوهرات وسجاد وغيرها، سرقة المكتبات، سرقة الأراضي، سرقة التراث والطعام ‏ونسبه إليها حتى في المطاعم العالمية، لذلك كان اسم الرواية، وهو اليركون، الاسم الكنعاني ‏لنهر العوجا والذي ادعى الاحتلال الصهيوني بأن الاسم عبري وذكر بالتوراة، واللافت أكثر ‏في الرواية وهو الاهداء، من النهر إلى البحر، نجد هنا الكاتبة بكلّ جرأة تطرح ما جرّمه ‏الكونجرس الأمريكي، لتقول للمغتصبين جميعا، هذي بلادي من الماء الى الماء ولن نتنازل ‏عن حدودها‎.‎
ثم في فصل كامل كانت حياة المخيم، مخيم اربد،مسقط رأس لميس والتي سردت لها جدتها ‏مريم وجدتها رشيدة حياة البلاد، فشكلت جزءاً كبيراً من التأريخ لما عاصره الناس في تلك ‏الفترة العصيبة أثناء الاحتلال وما قبله، وما عاصرته لميس الحفيدة من معاناة في المخيم، ‏حياة اللجوء، المؤن، مدارس الوكالة، ألواح الصفيح، كل ذلك الزخم نجده في اليركون، لنجد ‏أنفسنا أمام عمل قلق ومتعب بتفاصيله الموجعة وشخصياته المتألمة والتي عانت من ‏الاحتلال وما تبعه من ويلات التهجير والحلم بالعودة، وفي جملة -ضمنتها الكاتبة لعملها- ‏ذكرها الصهيوني بن غوريون قديماً (الكبار يموتون والصغار ينسون) لإصرارها على دحض ‏مقولته، فلميس هي من الجيل الرابع من الفلسطيني الذي تهجر غصباً من أرضه، لكنهُ لم ‏ينس بلاده، ولم ينس حقه العودة‎.‎