الكذب والتدليس على الأردن.. مهمتان دائمتان للكيان العنصري
صنارة نيوز - 16/04/2024 - 9:12 amلا يبدو أن حكومة اليمين الصهيوني المتطرفة في تل أبيب، يمكن أن تترك "حبال الألاعيب"، بعد أن استطاعت الدبلوماسية الأردنية، وبمساعدة من الدول الشقيقة والصديقة، تعريتها، وإظهار مدى الوحشية التي انتهجتها في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وسياسات التطهير العرقي والتجويع، ومحاولات الترحيل الإجباري، ومن جهة أخرى فضح السخف والصبيانية الذي تدير به علاقاتها مع العالم.
أمس، وكسياسة ثابتة تعتمد التدليس والكذب، نشرت وسائل إعلام عبرية أخباراً تربط تمديد اتفاقية المياه مع الأردن بموقفه من الهجوم الإيراني على الكيان بالمسيرات والصواريخ. كان واضحا تماما أن الربط غير سوي، ويحاول استغلال حدث معين ليمنحه "صدقية" واهية، يمكن نسفها بسهولة ويسر.
فمن ناحية التعامل مع الهجوم الإيراني، فقد أكد الأردن أنه لا يعنيه من المستهدف من هذا الهجوم، فقد تعامل معه، مثلما أكد، على أنه خرق للسيادة، وأنه سيتعامل مع أي خروقات تطال سماءه وأرضه وبحره من هذا المنطلق. إنه ببساطة قرار نابع من الحفاظ على أمن الوطن وحماية المواطنين، وبما تقتضيه المصلحة الوطنية، فالأردن لا يخلط السياسي بغير السياسي، مثلما يفعل قادة الكيان العنصري.
لقد وقع الأردن الاتفاقية في تشرين الأول (اكتوبر) 2021، لشراء 50 مليون متر مكعب سنوياً، إضافة لما هو منصوص عليه في اتفاقية السلام الموقعة في العام 1994، والاتفاقية تنص على مصطلح "شراء"، وليس تسولا، ما يعني أن زمامها يظل في يد الأردن إن تم استخدامها كأداة ضغط على المملكة.
إن التخبط الإسرائيلي بالشأن الداخلي كان سببا في أن يخلط الأوراق، ويدعي زورا عبر تسريبات إعلامية بأن إسرائيل وافقت على تمديد اتفاقية المياه كـ"مكافأة" للموقف الأردني، وهي فرية كبيرة ومضحكة في آن، هدفها الأساس تبرير القرار وبيعه للجمهور الإسرائيلي، خصوصا بعد أن كانت الصحافة العبرية نقلت قبل نحو شهرين تسريبات تؤكد أن التجديد لن يحصل إلا بعد موافقة الأردن على 3 شروط نقلها الأميركان الذين عرضوا المساعدة، والشروط تمثلت في عودة السفير الإسرائيلي إلى عمان، وعودة السفير الأردني إلى تل أبيب، ووقف استخدام الأردن لمصطلحات الإبادة الجماعية.
غني عن القول إن الأردن رفض الشروط جملة وتفصيلا، فهو يتحرك سياسياً وفقا لمبادئه ومصالحه، ولا يقبل أي إملاءات من أي طرف كان، خصوصا إذا كانت محاولات الإملاء تلك تتعارض مع القناعات القومية الراسخة، والمصالح الوطنية، إذ إن تحركات الأردن السياسية ومواقفه، يتخذها بناء على هذه المصالح، ولا يمكن لها أن تكون عرضة للمساومة والتسويف.
الأردن أكد حينها، وما يزال يؤكد، أن عودة السفراء مرتبطة بإنهاء الإجراءات ضد الفلسطينيين، وأن إعادة العلاقات الدبلوماسية يحكمها تحسن الظروف، وليس بالتمنيات، ولا بالضغوط التي يعرف الأردن جيدا أنه قادر على مواجهتها.
لقد أبلغ الأردن الأطراف المعنية أن موضوع تجديد اتفاقية المياه مرتبط بإجراءات فنية، وأنه لن يقبل بأن يتم التفاوض بشأنها في سياق سياسي، لذلك رفض ربط تمديد الاتفاقية بتعديل موقفه السياسي، ومن هنا يتبدى الكذب الإسرائيلي واضحا، إذ إنه لا يمكن للأردن أن يقبل أن يقوم بدور عسكري لتمديد اتفاقية مياه، وهو الذي رفض اشتراطات أقل وطأة. إنها شطحات إعلامية خلفها شطط سياسي من قبل بعض الساسة الإسرائيليين لتخفيف وطأة الضغوط الداخلية.
إن الاتفاقية تأتي لسد احتياجات الأردن من المياه، ولا علاقة لها بالحصة المائية المقررة بموجب اتفاقية السلام، ومن المعروف للعالم أجمع، أن الأردن في حاجة ماسة إلى تجديد الاتفاقية، خصوصا أن الفقر المائي يزداد عاما بعد عام، لكن الراسخ أن الأردن، أيضا، قادر على الاستمرار بدونها، ولا يمكن لأي اتفاقية أن تؤثر على سيادة قراراته التي يتخذها من منظور وطني خالص غير مرتهن لأي اعتبارات أخرى.
سوف يظل قرار الأردن تجاه أي اتفاقية مع أي طرف محكوما بأبعاد وطنية صارمة لا مداهنة فيها، وسوف يكون قرار التخلي عن أي اتفاقية سهلا من منظور وطني بحت يقدم الصالح العام على كل ما سواه. فهل يتفهم الكيان العنصري هذا المنطق؟
الغد