الأردنيّون يحيون الذكرى 56 لمعركة الكرامة

صنارة نيوز - 21/03/2024 - 10:12 am

الصنارة نيوز-‏
في ذكرى معركة الكرامة التي تصادف الخميس، يجمع القاصي والداني على أنها تُمثّل نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، ‏أحرز فيها الجيش العربي النصر الأول على الجيش الإسرائيلي الذي وصف بأنه "لا يقهر" فقهرته الإرادة الأردنية في أغوار الكرامة ‏وباءت مقاصده الخبيثة بالهزيمة والفشل‎.‎

فقد جسّدت معركة الكرامة معاني البطولة والشجاعة التي تحلّت بها القيادة الهاشمية والقوات المسلحة الأردنية- الجيش العربي، فكانت ‏نتيجتها هزيمة نكراء لحقت بالجيش الإسرائيلي وانسحابه من أرض المعركة، بعد أن بلغت خسائره نحو 250 قتيلاً و450 جريحاً، ‏بالإضافة إلى تدمير عدد كبير من آلياته ومعداته مقابل 86 شهيداً من منتسبي الجيش العربي البواسل وإصابة 108 آخرين‎.‎

وقال جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة في وقت سابق، إنه في صباح معركة الكرامة، سطر جنودنا النشامى أسمى ‏معاني التضحية والإخلاص والبطولة‎.‎

وأضاف جلالته، "اليوم هو يوم الجباه المرفوعة المزينة بشعار الجيش العربي، يوم انتزع جنودنا البواسل النصر في ملحمة الكرامة، ‏وحفروا المجد في صفحات التاريخ"، مشيرا إلى أن يوم الكرامة سيظل خالدا مجيدا في ذاكرتنا الوطنية وصفحة مشرفة في تاريخنا ‏العربي‎.‎

خبراء قالوا في حديث صحفي، أن انتصار الجيش العربي في معركة الكرامة رمّم الروح المعنوية العربية بعد هزيمة حزيران 1967 ‏وأظهر بجلاء القدرة القتالية النادرة التي يتمتع بها الجندي الأردني، مشيرين الى أن أهمية هذه المعركة تكمن في أنها أعادت الثقة للنفس ‏العربية المنكسرة بعد أن حطم الجيش العربي أسطورة "الجيش الذي لا يقهر" وأثبت أن إرادة القتال والصمود وحسن إدارة المعركة بقيادة ‏الملك القائد الحسين بن طلال طيب الله ثراه، أقوى من كل الأسلحة‎.‎

الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد أيمن الروسان، قال، إن هي أروع بطولة وأغلى انتصار سطره نشامى الجيش العربي بقيادة مليكه ‏الراحل الملك الحسين طيب الله ثراه، مشيرا إلى أن العدو حشد قبل أيام من المعركة قواته لاحتلال المرتفعات القريبة من العاصمة عمّان ‏لفرض شروط الاستسلام وقضم أجزاء من الأردن للأراضي المحتلة إلا أن الجيش العربي الباسل أفشل مخططات العدو وأثبت قدرته ‏على القتال وتحقيق النصر‎.‎

وأشار إلى أن مجريات معركة الكرامة بدأت عند الخامسة والنصف من صبيحة يوم الخميس 21 آذار 1968، حيث شنت إسرائيل هجوماً ‏عسكريا مفاجئاً على الأراضي الأردنية، واستمر لست عشرة ساعة في قتال مرير على طول الجبهة، وكان الهجوم الإسرائيلي على ‏الأردن على أربعة محاور هي: محور العارضة من جسر الأمير محمد (داميا) إلى مثلث المصري انتهاء إلى السلط، والثاني محور وادي ‏شعيب من جسر الملك حسين (اللنبي سابقاً) إلى الشونة الجنوبية إلى الطريق الرئيسي بجانب وادي شعيب ثم إلى السلط، والثالث محور ‏سويمة من جسر الأمير عبدالله إلى غور الرامة إلى ناعور وصولاً إلى عمّان، وأما المحور الرابع فهو محور غور الصافي من جنوب ‏البحر الميت إلى غور الصافي وصولاً إلى الطريق الرئيسي حتى الكرك‎.‎

لقد كانت القوات المسلحة الأردنية لهم بالمرصاد؛ وقدم الجيش العربي أروع صور البطولة في الدفاع عن حمى الوطن العزيز حيث ‏اضطر العدو ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي إلى طلب وقف إطلاق النار، ولكن جلالة الملك الحسين بن طلال طيب ‏الله ثراه رفض الطلب طالما أن هناك جندياً إسرائيليا واحداً شرقي النهر، فانسحبت القوات المعادية صاغرة وأثبتت معركة الكرامة أن ‏النصر العسكري على جيش الاحتلال ليس مستحيلا وأن إرادة القتال والصمود أقوى من كل الأسلحة‎.‎

وأكد الروسان أن صمود الجيش العربي في معركة الكرامة كان منعطفا مهما في حياة الأمة العربية تحطمت على صخرته أسطورة ‏الجيش الذي لا يقهر، مشيرا إلى أن المعركة كلفت العدو 250 قتيلا و 450 جريحاً، بالإضافة التي تدمير عدد كبير من الآليات والمعدات ‏التي ترك بعضها على أرض المعركة، بينما قدم الجيش العربي 86 شهيداً و 108 جرحى‎.‎

وكيل أول متقاعد سليمان غوينم الأزايدة قال، في معركة الكرامة سطر بواسل الجيش العربي سجل المجد وكتاب الخالدين وأنصع ‏البطولات وأجمل الانتصارات على ثرى الأردن الطهور، وظلت أرواح الشهداء ترفرف في فضاء الأردن، فوق سهوله وهضابه وغوره ‏وجباله، وتسلم على المرابطين فوق ثراه الطهور، ويتفتح دحنون غور الكرامة على نجيع دمهم الزكي، وتسري في العروق رعشة الفرح ‏بالنصر ونشوة الافتخار بالجيش العربي الهاشمي‎.‎

وأشار إلى جنود الكرامة التحموا بالسلاح الأبيض مع الجيش الإسرائيلي في قتال شرس، وكانت النتيجة كما أرادها القائد الحسين بن طلال ‏طيب الله ثراه حين أجبر بواسل الجيش العربي بإرادتهم القتالية العالية العدو الإسرائيلي على الانسحاب الكامل من أرض المعركة ولأول ‏مرة تاركين وراءهم خسائرهم، وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم‎.‎

المؤرخ والباحث الدكتور بكر خازر المجالي قال:"مضى الآن 56 عاما على معركة الكرامة، ذلك الانتصار الباهر لجيشنا العربي، مشيرا ‏إلى أن 23 وحدة عسكرية من جيشنا العربي تصدت للعدوان على طول 100 كيلومتر وبعمق 30 كيلومترا منذ فجر 21 آذار 1968 ‏وحتى انتهاء المعركة فيما جند العدو في هجومه قوات تعادل تلك التي خاض بها حرب حزيران 1967‏‎.‎

وأضاف، كان لرفض القيادة الأردنية عروض الحلول التي قدمتها إسرائيل للأردن دورا رئيسا في رفع معنويات وثقة الجيش والإصرار ‏على مواجهة القادم بالاستعداد للتضحية حتى يتحقق النصر خاصة وأن الجندي الأردني كان يتطلع للقاء العدو للثأر من أجل القدس وهم ‏ينظرون في كل يوم إلى تلال فلسطين قبالة أعينهم، ويتوضأون بهواء القدس‎.‎

في ذاك اليوم نسج الجند ثوب النصر، وغنت المدافع وزغردت البنادق، وكانت الهجيني سيدة النداءات على أجهزة الاتصال الداخلي ‏للدبابات في حداء خلع ثوب الهزيمة الأسود، والتفع الجند بشماغ الأصالة.. هذه معركة الكرامة التي كانت أول طلقة مدفع من جيشنا هي ‏أول حرف للنصر وأول مسمار في نعش الغطرسة والغرور الإسرائيلي، وفقا للمجالي‎.‎

وفي العيد الأربعين لمعركة الكرامة عام 2008 كان لجلالة الملك عبدالله الثاني خطاب في ميدان المعركة قال فيه :"في هذا المكان، وقبل ‏أربعين عاما قاتل النشامى الأردنيون بشرف للدفاع عن ثرى الأردن، وبالرغم من تفوق العدو في العدد والسلاح والإمكانيات، تمكن أبناء ‏هذا الجيش من تحقيق النصر الذي أذهل العدو، وأجبره على الاعتراف بالهزيمة ولأول مرة في تاريخه‎".‎

ولفت المجالي إلى أن كلمات الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه في حفل إزاحة الستار عن صرح شهداء الكرامة يوم 25 أيار 1976 ‏ما تزال تشنف الآذان، وتهز المشاعر بصوت الكبرياء والفخر، وهو يقول "وعندما انتصف النهار في ذلك اليوم كان الصلف قد تحول إلى ‏مذلة، والغرور قد استحال إلى هوان، وكان النشامى قد نشروا رايات الفرح في سماء الأردن، ولاحت الرايات تتسع وتمتد لتنتشر في ‏سماء العرب، وهزمت الأسطورة وهوت إلى الأبد، واستعادت النفس العربية ثقتها، واسترد الإنسان الأردني عزته وكرامته‎".‎
‏( المملكة)‏