اين الحكومة الاردنية من الذكاء الاصطناعي؟ تقرير دولي

صنارة نيوز - 20/03/2024 - 11:31 am

الصنارة نيوز-‏
أصدر منتدى الإستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان " التكنولوجيا والذكاء ‏الاصطناعي: فرصة الأردن لتعزيز الإنتاجية"، من أجل تسليط الضوء على أبرز المفاهيم ‏المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وأثره على مستقبل العمل. وكذلك تحديد مدى جاهزية الأردن ‏لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي، وفقا لنتائج مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي ‏‏2023. بالإضافة إلى تقديم بعض التوصيات لتعزيز إنتاجية الأردن من خلال توظيف ‏الذكاء الاصطناعي‎.‎

وقد أشار المنتدى في ورقته إلى أن تبني مفهوم الذكاء الاصطناعي لتطوير بيئة الأعمال، ‏سيسرع من تنفيذ مبادرات محرك الخدمات المستقبلية ضمن رؤية التحديث الاقتصادي، ‏وكذلك من تنفيذ مبادرات مكوني الخدمات الحكومية، والإجراءات الحكومية والرقمنة ضمن ‏خريطة طريق تحديث القطاع العام‎.‎

وقد بينت الورقة العلاقة ما بين مفهوم "التحول الرقمي، و"الذكاء الاصطناعي"، حيث يشير ‏الأول إلى توظيف التكنولوجيا لتطوير طريقة عمل المؤسسات وتحسينها، من خلال تنفيذ ‏تقنيات وعمليات ونماذج أعمال جديدة لزيادة الكفاءة، ورفع الإنتاجية. أما مفهوم الذكاء ‏الاصطناعي فهو مجال فرعي من التحول الرقمي، يتضمن استخدام الآلات الذكية التي ‏يمكنها التعلّم، والتفكير، وأداء المهام التي تتطلب عادة ذكاء بشريا‎.‎

وضمن ورقة السياسات هذه، قام المنتدى بدراسة الورقة النقاشية المنشورة من قبل صندوق ‏النقد الدولي‎ (IMF) ‎في العام 2024 بعنوان "الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل، 2024" ‏والتي تناولت الأثر المحتمل للذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمي‎.‎

واستعرض المنتدى أبرز الاستنتاجات المهمة من هذه الورقة، حيث يُتوقع بأن يؤثر الذكاء ‏الاصطناعي في نحو 40 % من الوظائف حول العالم فيحل محل بعضها، بينما يكمل ‏بعضها الآخر، ما يتطلب الموازنة بين سياسات التوظيف وسياسات تبني التكنولوجيا، ‏لتحقيق المنفعة العامة. كما أن نسبة الوظائف التي قد تتأثر بالذكاء الاصطناعي في ‏الاقتصادات المتقدمة قد تبلغ 60%. ومن المتوقع أن يتأثر النصف منها إيجابا نتيجة إدماج ‏الذكاء الاصطناعي في العمل وبالتالي تعزيز إنتاجية العاملين. أما في الأسواق الصاعدة ‏فمن المتوقع أن تتأثر الوظائف بحوالي 40 %، بينما قد تتأثر الوظائف في البلدان ذات ‏الدخل المنخفض بحوالي 26 % فقط‏‎.‎

كما استعرضت الورقة نتائج مؤشر "جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي 2023"، والذي ‏يهدف إلى تقييم مدى جاهزية حكومات 193 دولة شملها التقرير في التعامل مع الذكاء ‏الاصطناعي، من خلال ثلاثة محاور رئيسية (الحكومة، وقطاع التكنولوجيا، والبنية التحتية ‏والبيانات‎).‎

وقد بينت نتائج التحليل على المستوى الدولي، تصدر الولايات المتحدة قائمة الدول المشاركة ‏في التقرير، تلاها كل من سنغافورة، والمملكة المتحدة، وفنلندا، وكندا، على التوالي‎.‎

وعلى المستوى الإقليمي، جاءت دول مجلس التعاون الخليجي في المراتب الأربع الأولى ‏ضمن قائمة الدول العربية المشاركة؛ أولها الإمارات، ثم السعودية وقطر وعُمان على ‏الترتيب، تلتها الأردن في المرتبة الخامسة عربيا‎.‎

وأوضحت نتائج الورقة، بأن هناك تقدما نسبيا في مراتب الدول العربية على المؤشر. فقد ‏جاءت 11 دولة عربية (بما فيها الأردن) من بين أفضل أداء 50 % من الدول المشاركة في ‏تقرير عام 2023، بعد أن كانت 9 دول عربية فقط ضمن هذه الفئة عام 2020‏‎.‎

وعلى صعيد أداء الأردن، أشار المنتدى أنه حقق تقدما ملحوظا خلال السنوات الأربع ‏الماضية في تبني السياسات والتقنيات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عدة مجالات. وقد ‏انعكس ذلك على تحسن أداء الأردن في مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي، حيث ‏تقدم الأردن في تقرير 2023 بمقدار 5.1 نقطة عن عام 2022، ليأتي في المرتبة 55 من ‏أصل 193 دولة‎.‎

وأشارت النتائج إلى تجاوز أداء الأردن المتوسط العام للبلدان المشاركة في تقرير عامي ‏‏2022 و2023، بعد أن كان أداء الأردن ما دون المتوسط عامي 2020 و2021. حيث ‏حقق الأردن تقدما ملحوظا خلال السنوات الأربع الماضية بمقدار 24 مرتبة بين عامي ‏‏2020 و2023. وقد صعد بذلك إلى مصاف أفضل أداء 30 % من الدول المشاركة‏‎.‎

كما تقدم الأردن إلى المرتبة الخامسة بين البلدان العربية عام 2023، بعد أن كان في ‏المرتبة التاسعة عام 2020، ليتقدم على كل من: البحرين، والكويت، ومصر، وتونس. كما ‏تجاوز بذلك المتوسط العام لأداء البلدان العربية في تقرير عام 2023، بعد أن كان ما دون ‏المتوسط في تقرير عام 2020‏‎.‎

وعند مقارنة أداء الأردن مع البلدان ذات الدخل المتوسط - المنخفض، فقد أظهرت النتائج ‏أن الأردن جاء في المرتبة الثانية بعد الهند، كما ارتفع عن المتوسط العام لأداء هذه البلدان ‏بمقدار 20.5 نقطة‎.‎

وقد بين المنتدى في الورقة بأن تحسُن الأردن في المؤشر لعام 2023 يُعزى الى التقدم الذي ‏سجّله في محوري "البنية التحتية والبيانات"، و"قطاع التكنولوجيا" بواقع 10.8 نقطة، و4.4 ‏نقطة على التوالي مقارنة مع العام السابق. بينما حافظ الأردن على أدائه تقريبا في المحور ‏الثالث "الحكومة"، علما بأن نتيجة هذا المحور هي الأعلى بين المحاور الثلاثة، من حيث ‏مجموع النقاط (67.6 نقطة‎).‎

وقد أشار المنتدى إلى أن محور "الحكومة" قد شهد التقدم الأعلى بين المحاور الثلاث عبر ‏السنوات الأربع الماضية بواقع 32.4 نقطة ما بين عامي 2020 و2023. وقد جاء هذا ‏التقدم نتيجة تحسن أدائه في ثلاثة أبعاد رئيسة ضمن هذا المحور هي: بُعد "الرؤية" بسبب ‏إطلاق "الاستراتيجية الأردنية للذكاء الاصطناعي والخطة التنفيذية 2023-2027"، إضافة ‏إلى بُعدي "الحوكمة والأخلاقيات"، و"القدرات الرقمية‎".‎

هذا وقد قام منتدى الاستراتيجيات الأردني بإجراء مقارنات نسبية ما بين أداء الأردن في ‏المؤشرات الفرعية، مع نظرائه من أفضل بلدين على مستوى المنطقة (الإمارات) وعلى ‏مستوى الدول ذات الدخل المتوسط – المنخفض (الهند)، وذلك من أجل تحديد المؤشرات ‏الفرعية ذات الأداء الأضعف أو الأقوى نسبيا مقارنة مع تلك البلدان؛ لتقديم توصيات ‏واقعية، من شأنها أن تحسن مرتبة الأردن على هذه المستويات‎.‎

وقد بينت نتائج التحليل بأن الأردن قد سجل أداء جيدا في كل من مؤشرات: استراتيجية ‏الذكاء الاصطناعي، والمبادئ الأخلاقية، والوقت المستغرق في التعامل مع اللوائح ‏الحكومية، والخريجات في العلوم والتكنولوجيا، وبنية الجيل الخامس، والفجوة بين الجنسين ‏في الوصول إلى الإنترنت‎.‎

بالمقابل، فقد كان أداء الأردن ضعيفًا في كل من مؤشرات: تشجيع الحكومة على الاستثمار ‏في التقنيات الناشئة، والتجارة في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (للفرد)، وقيمة ‏التجارة في سلع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (للفرد)، ومهارات تكنولوجيا المعلومات ‏والاتصالات، وبنية الاتصالات، واشتراكات الهاتف المحمول‎.‎

واختتم المنتدى ورقة السياسات هذه بمجموعة من التوصيات التي من شأنها أن تساعد ‏الأردن في توظيف الذكاء الاصطناعي توظيفًا فعّالًا، وتحسّن من أدائه في المؤشرات ‏العالمية المرتبطة في هذا المجال. وقد تضمنت التوصيات تعزيز وصول جميع المناطق في ‏المملكة، ومختلف فئات المجتمع إلى خدمات الاتصال والإنترنت السريعة والفعالة وبكلف ‏معقولة، من أجل تعزيز التنمية المحلية، والشمول الرقمي، والإنتاجية، ممّا سينعكس إيجابًا ‏على فرص العمل والأجر‎.‎

كما أوصى المنتدى بضرورة إعداد مسح دوري لتقييم مدى جاهزية المؤسسات العامة ‏والخاصة؛ لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياتها الإنتاجية، وتوظيف نتائج تلك ‏المسوحات لرسم السياسات العامة الملائمة التي توازن ما بين التطور التكنولوجي وتوظيفه ‏من ناحية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى‎.‎

كما دعا المنتدى إلى ضرورة إطلاق حملات توعوية وورش عمل تدريبية حول مفاهيم الذكاء ‏الاصطناعي، وأهمية إدماجه في العملية الإنتاجية، وكذلك أهمية تبني الضوابط الأخلاقية ‏والقانونية والأمنية التي تحكم التعامل معه‎.‎

ونوه المنتدى الى أهمية البدء في إدماج أدوات الذكاء الاصطناعي في المراحل التعليمية ‏الأساسية والثانوية والجامعية، بهدف تقديم مخرجات تعليم ذات مهارات جيدة لسوق العمل. ‏مشيراً الى ضرورة تشجيع الاستثمار في مجال البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، وتقنيات ‏الذكاء الاصطناعي الناشئة. والسعي لاستقطاب كبرى الشركات العالمية العاملة في هذا ‏المجال‎.‎

وأضاف المنتدى، بأنه لا بد من دعم البحث العلمي والتقني والتطبيقي في مجال الذكاء ‏الاصطناعي والتكنولوجيا الناشئة، وتشجيع عقد الشراكات ما بين الجامعات المحلية والدولية، ‏لإعداد البحوث والدراسات المتخصصة في هذا المجال. كما نوّه إلى ضرورة الربط ما بين ‏الشركات الصناعية والتكنولوجية؛ لتوجيه الدراسات والبحوث المتخصصة بهذا المجال نحو ‏دعم العملية الإنتاجية، علاوة على استهداف زيادة مستوى الإنفاق على البحث والتطوير في ‏الموازنة العامة للدولة خلال السنوات القادمة؛ لتعزيز جهودها في تسريع التحول الرقمي‎.‎

وأخيرا، أوصى المنتدى بضرورة توفير بيئة ممكنة لتشجيع رأس المال المغامر للاستثمار في ‏مشاريع التكنولوجيا المبتكرة، وتطوير السوق المالي ليصبح أكثر سيولة وعمقا، من أجل ‏تشجيع الشركات الريادية التي حققت أرباحا صافية خلال عامين متتاليين على الإدراج، ‏وكذلك تحفيز شركات رأس المال المغامر على الاستثمار فيها، والخروج منها بسهولة.‏