خطوة حكيمة وتراجع منظم

صنارة نيوز - 2015-03-12 09:39:06

اسامة الرنتيسي

خطوة حكيمة، وتراجع منظم ما قامت به الحكومة المصرية في الطعن بقرار محكمة مصرية باعتبار حركة حماس منظمة إرهابية.

لا يمكن ان يغيب الذكاء المصري الفِطري عن مؤسسات الدولة المصرية العريقة، بأن القرار القضائي الذي صنّف حركة حماس بانها منظمة ارهابية قد تسبب بحرج كبير للدولة المصرية عمومًا، ولمؤسسة الرئاسة تحديدًا، وهي تعمل بجدية لاعادة دور مصر القيادي في المنطقة والعالم، وهي تستعد الآن لاستضافة مؤتمر اقتصادي كبير يعقبه مؤتمر القمة العربي المنتظر منه قرارات وافعال كبيرة، بحجم التحديات التي تواجهها الدول العربية، والارهاب الذي يضرب بعمق في عديد المدن العربية.

اذا كانت حركة حماس ارتكبت حماقات سياسية واخطاء كبيرة، وراهنت على المشروع الاخواني في مصر، فتدخلت كثيرا في المعدة المصرية والملفات الداخلية، فلا يستقيم دور مصر القيادي في العالم، اذا اعتبرت حركة حماس منظمة ارهابية، فهي بذلك تتماهى مع اسرائيل، ولم تعتبر أُسّ الإرهاب اسرائيل التي تحرك الارهاب كله ضد الدولة المصرية في سيناء، والفاعلون هم مجرد أدوات في الماكينة الاسرائيلية التي تغذي الارهاب في المناطق الساخنة العربية.

الخطوة المصرية تحمل في طياتها عدة رسائل مهمة لحركة حماس أولًا، ان عليها ان تراجع افعالها، وتعود الى الحضن الفلسطيني بالمصالحة والحوار مع الاطياف السياسية الفلسطينية جميعهم، بحيث تكون الاولوية فلسطينية، لا انخراطًا في المشروع الاخواني الدولي، والرسالة الأخرى للاخوان في مصر؛ بأن عليهم كما على التنظيم الدولي ان يعيد رسم خطواته باتجاه العالم، فيتوقف عن التهديد بالسيف الذي يقطر دما مثلما صاغه سيد قطب، وان يَهدوا العالم بالقلم والحوار والنظر الى الحياة من جديد.

على ما يبدو؛ فإن الخبرة الاردنية قد سبقت الخبرة المصرية في طريقة التعامل مع جماعة الاخوان المسلمين، وقد استفادت الجماعات الرافضة لحكم المرشد في مصر من التجربة الاردنية، فتقدمت مثلما فعل "اخوان الذنيبات في الاردن" بخطوة الى الحكومة المصرية وصفتها الدوائر السياسية والحزبية في مصر، بأنها استنساخ للتجربة الأردنية، بعودة الوعي السياسي، والاندماج الشرعي في الحياة السياسية، التزاما بأحـــــــكام القانون والدستور، بعيدا عن "دهاليز" العمل السري، حيث تقدمت قيادات تحالف الإخوان المنشقين، بطلب إلى الجهات الحكومية، للحصول على ترخيص لإنشاء جمعيـــــة تحمل اسم "الإخوان المسلميــــن" على غرار الخطوة التى نفذها عدد من قيادات جماعـــــة الإخوان فى الأردن. (راجع "العرب اليوم" في 10 اذار الماضي والرابط http://alarabalyawm.net/?p=423399).

لا يمكن ان يقبل وجدان الشعب المصري ان تصنف حركة حماس بالإرهابية، لانه؛ مهما اختلفنا معها في نهجها وعملها واجنداتها، فهي تقاوم المشروع الصهيوني على طريقتها الخاصة، مثلما لا يقبل وجدان الشعب العربي عمومًا ان يصنف حزب الله اللبناني منظمة ارهابية، لانه في يوم ما قاتل اسرائيل ولا يزال يعتبرها العدو رقم واحد، حتى لو كانت بوصلته تعتمد على الساعة الايرانية.

في الافق السياسي؛ هناك مشروع اميركي عربي لاعادة تأهيل جماعة الاخوان المسلمين من جديد، لكن هذه المرة على قاعدة المعتدلين من الاخوان، الذين يمكن التفاهم معهم، بعيدا عن "دواعش الاخوان" الذين لا مستقبل لهم في العمل السياسي.

نقطة خارج السطر، لنلاحظ ان "فيلم الدواعش" ظهر للعيان وتمدد بسرعة بعد سقوط المشروع الاخواني في مصر، وسوف يسقط هذا الفيلم مع انتهاء الملف النووي الاميركي الايراني، وبعد اعادة تأهيل الاخوان من جديد، وهذا ليس ببعيد.