ظاهرة الاعتداء على المعلمين تتفاقم

صنارة نيوز - 2015-03-10 08:06:51

الصنارة نيوز-

أجمعت شخصيات تربوية، على ضرورة تغليظ العقوبات، ضد كل من يقوم بالاعتداء على المعلم أو المؤسسات التربوية والتعليمية، وذلك مع ازدياد حالات "الاعتداء" على المعلمين، في الفترة الأخيرة، والتي أصبحت تشكل "ظاهرة مؤرقة وخطيرة".
وأشار خبراء إلى أن أسباب الاعتداء على المعلمين تعود لعدة عوامل، منها "خلل منظومة القيم التي يمتلكها الطلبة، وعدم تناسب البيئات التعليمية في المدارس مع احتياجات الطلبة، فضلا عن غياب نصوص قانونية رادعة بحق من يعتدي على المعلمين، وغياب العلاقة الحقيقية بين المجتمع المحلي والمدرسة نتيجة جهل المجتمع بأهمية دور المعلم في بناء الأجيال".
وسجل الأسبوع الماضي، حادثان منفصلان في هذا الإطار، أحدهما "الاعتداء على سيارة معلم في مدرسة مأدبا الثانوية الأولى للبنين"، والثاني تعرض منزل مديرة إحدى المدارس في الرصيفة ماجدة الترتوري، لهجوم بزجاجات حارقة، لإجبارها على إسقاط شكوى بحق ثلاثة شبان اقتحموا، حرم المدرسة بمركبة وأثاروا هلع الطالبات". 
فيما سجل يوم أمس حادثان آخران، في هذا السياق، الأول في مادبا أيضا، والثاني في لواء الجيزة.
وزارة التربية والتعليم، وكما يؤكد الناطق الإعلامي باسمها وليد الجلاد، "ترفض بأي شكل من الأشكال الاعتداء على المعلمين"، ويقول الجلاد إن "هيبة المعلم وكرامته من هيبة الوزارة".
ويضيف الجلاد، ان الوزارة رفعت خلال العام الماضي 27 قضية أمام المحاكم المختصة، ضد من اعتدوا على المعلمين. مؤكدا ان الوزارة "لن تتنازل عن الحق العام، في هذه القضايا حتى لو تنازل المعلم عن حقه الشخصي".
ودعا الجلاد المجتمع المحلي للتصدي لمظاهر الاعتداء على المعلمين، وذلك "تقديرا للدور الكبير الذي يقوم به المعلمون في بناء وتنشئة أجيال المستقبل".
وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي عزا أسباب الاعتداء على المعلمين إلى عاملين، الأول "وجود خلل في منظومة القيم التي يمتلكها الطلبة، والعامل الآخر سببه أن البيئات التعليمية في المدارس لا تتناسب واحتياجات الطلبة".
وأوضح السعودي  أن "خلل منظومة القيم لدى الطلبة ناتج عن طريقة التنشئة الأسرية التي تفتقر إلى امتلاك الأبناء لبعض منظمومات القيم الإيجابية".
وقال إن هناك طلبة "يعتدون على المعلمين نتيجة الفراغ القيمي والروحي الموجود لديهم، فالبيئات التعليمية لا تتناسب مع احتياجات الطلبة وقدراتهم العقلية، لذلك يجب الابتعاد عن التعليم التلقيني والانتقال إلى التعليم التفاعلي، وبهذه الطريقة يصبح الطالب منهمكا بالعملية التعليمية".
وأشار السعودي إلى أن حل هذه المشكلة يكمن في إيجاد برامج توعية للأهل حول طريقة التنشئة الصحيحة للطفل، بحيث يمتلك قواعد واتجاهات إيجابية، فضلا عن إيجاد بيئات تعليمية تتناسب مع قدرات وإمكانيات الطلبة.
وبين أن التعليم التلقيني الموجود حاليا لا يتناسب مع الانفجار المعرفي، ولذا يجب الاتجاه نحو التعليم التفاعلي.
من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم نقابة المعلمين أيمن العكور إن ظاهرة الاعتداء على الموظفين بصورة عامة والمعلمين بصورة خاصة، تعتبر "مؤرقة وتستوجب الدراسة والبحث في أسبابها ودوافعها وطرق معالجتها، نظرا للتداعيات السلبية التربوية والاجتماعية والأمنية لهذه الظاهرة، والتي تعبر عن تغير واضح وملموس في انضباطية المجتمع لصالح العنف والانفلات الاجتماعي".
وأضاف العكور أن "ظاهرة الاعتداء على المعلمين ومتابعة حيثياتها وتداعياتها الاجتماعية والقضائية والمهنية استهلكت جهدا كبيرا من مجلس النقابة، ولجانها وفروعها المعنية بذلك، نظرا لتكرار تلك الحوادث وبصورة يومية تقريبا، الأمر الذي تطلب أيضا التعاقد مع مكاتب للمحاماة تقوم برفع الدعاوى ضد المعتدين على المعلمين للجهات القضائية المختصة".
وقال إن النقابة تتابع ظاهرة "الاعتداءات" مع وزارة التربية ومديرياتها المختلفة ووزارة الداخلية ومديرية الأمن العام، والتي "تبذل جهودا كبيرة في التعامل مع هذه القضايا، إلا أن التشريعات الحالية لا تسعف كثيرا في الحد منها أو القضاء عليها، نظرا لعدم وجود نصوص تشريعية رادعة في قانون العقوبات، ونظرا للتلاعب الكبير في التقارير الطبية الكيدية والتي تساوي بين المعتدي والمعتدى عليه، الأمر الذي يتسبب بخلل واضح في تحقيق العدالة وردع المعتدين".
وتعاملت نقابة المعلمين، بحسب العكور، خلال الفترة من حزيران (يونيو) 2013 الى 5 كانون الثاني (يناير) الحالي مع "56 حالة اعتداء مباشر على المعلمين، تم متابعتها وتقديم بلاغات رسمية للأمن وتم متابعتها نقابيا، علما أن هناك مئات الحالات التي لم ترصد بحكم طبيعة الواقعة وعدم تبليغ الجهات الأمنية، فضلا عن تجنب التصريح الإعلامي لحساسية الاعتداء وهيبة المعلم".
وأوضح العكور أن حالات الاعتداء على المعلمين "تنوعت بين لفظية إلى جسدية، كما شملت أيضا الاعتداء على ممتلكاتهم كالسيارات، وعلى ممتلكات المدارس وغرف الإدارة والصفوف، واستخدمت العصي والقناوي، فيما استخدم آخرون المشارط والأمواس والمواسير، وفي بعض الحالات كان التهديد بالسلاح، ولم تقتصر الاعتداءات على المعلمين، بل طالت أيضا المرشدين التربويين ومديري المدارس".
وأشار إلى أن التطور النوعي والأخطر في الظاهرة، "استخدام الأسلحة النارية والقنابل الحارقة لإرهاب المعلمين وتخويفهم ومنعهم من ممارسة مهامهم الوظيفية، بكل موضوعية ومهنية، على غرار إطلاق معتدين النار في ساحة إحدى مدارس الذكور في الرويشد، وإطلاق النار على مبنى مديرية تربية الجيزة احتجاجا على نتائج الثانوية العامة".
وبحسب العكور، برزت الظاهرة أكثر وضوحا "أثناء قيام المعلمين والمعلمات بمهام المراقبة على امتحانات الثانوية العامة، حيث سجلت عشرات حالات الاعتداء على المعلمين، وكذلك في محاولات الغش وتسريب الأسئلة، إلا أن الإجراءات والعقوبات التي اتخذت بحق المخالفين من الطلبة وذويهم من وزارة التربية والجهات الأمنية، ساهمت في عودة بعض الهدوء إلى قاعات الامتحانات".
وأرجع العكور الظاهرة، الى اسباب رئيسية، منها "غياب نصوص قانونية رادعة بحق من يعتدي على المعلمين، كما أن حل أغلب القضايا عبر الجهات والعطوات وليس عبر القانون يتسبب بمزيد من الاستهتار وتكرار الممارسة وغياب الردع"، مبينا أن "استخدام المعتدين للتقارير الطبية الكيدية وبصورة مستفزة، يضع المعلم أمام خيارات صعبة بين التوقيف أو الصلح، مما يضطره لإسقاط حقه أو عدم التقدم بشكوى ضد المعتدين من الأصل، كما أن التدخل الاجتماعي لحل المشاكل دون إعادة الحق إلى نصابه وعودة هيبة المعلم يغيب العدالة ويراكم الاحتقان".
وقال إن النقابة "اعتبرت ملف أمن وحماية المعلم والمؤسسات التعليمية والطلبة من أهم ملفاتها، وناقشت الأمر مطولا مع أصحاب الشأن التنفيذي والتشريعي والقضائي، وطالبت باعتماد وثيقة وطنية حول أمن وحماية المعلم، تحتوي على تعديلات تشريعية تغلظ العقوبات ضد من يمارس الاعتداء على المعلم أو المؤسسات التربوية والتعليمية".
من جانبها، أوضحت المستشارة التعليمية لبنى الزيتاوي أن المعلم "كان للطالب في الماضي مصدر الإلهام ومحل الاحترام والتقدير، وكان هو المربي والباني والمرشد والمؤسس للجيل، وكانت له مكانة أكبر واحترام أكبر من قبل الطالب وذويه".
وأشارت الى أن "مشكلة العنف والاعتداء على المعلم سببها اختلاف النظرة للمعلمين، فمنهم من أصبح يعتبره مجرد موظف بالدرجة الأولى يعمل لديه مقابل مبلغ مادي، وآخرون يعتبرونه المربي والباني"، مبينة أن هذا الاختلاف أدى إلى تدني الاحترام بشكل كبير الى أن تفاقم الأمر إلى حد "إهانة المعلم وأحياناً ضربه".
وشددت الزيتاوي على ضرورة "إعطاء المعلم حصانة تعيد هيبته، وفرض الأمن والأمان لمن يشاركون في بناء الجيل الذي يبني هذا الوطن".
من ناحيتها، أكدت المعلمة في مدرسة الحصن المهنية ربى البحيرات "ضرورة تغليظ وتفعيل العقوبات بحق كل من يعتدي على المعلمين".
وعزت أسباب الاعتداء الى "غياب العلاقة الحقيقية بين المجتمع المحلي والمدرسة، نتيجة جهل المجتمع بأهمية المعلم ودوره في بناء الأجيال، فضلا عن غياب الدور الإعلامي سواء من الوزارة أو المؤسسات الإعلامية في إيضاح أهمية رسالة ودور المعلم في المجتمع، بالإضافة الى التركيز على ضرورة إعادة الهيبة والمكانة الحقيقية للمعلم". بدوره، طالب مدير مدرسة ذات الصواري ارشيد العبداللات بضرورة "إقرار تشريعات من قبل الجهات المعنية تغلظ عقوبة المعتدين على المعلمين أو المؤسسات التعليمية".
وبين أن بعض الأهالي "يتعمدون الاعتداء على المعلم أمام الطلبة سواء داخل الغرفة الصفية أو في الطابور الصباحي، لإهانته أمام أعين الجميع وبالتالي يفقد المعلم هيبته وكرامته في مدرسته".:"الغد"