بالرغم من أن كثيرا من المتابعين فسروا لقاء رئيس الوزراء عمر الرزاز مع وسائل الاعلام ومراكز البحث للإعلان عن انتصار الاردن على كورونا، الا ان خبراء سياسيين وبرلمانيين قرأوا في اللقاء وتوقيته العديد من السيناريوهات واعتبروه فاتحة لجملة من القرارات السياسية.
وفيما أشار مسؤول حكومي سابق الى ان اللقاء كان إعلانا من الرزاز وطاقم حكومته عن انتهاء مرحلة من العمل بمكافحة كورونا والبدء بمرحلة جديدة، الا ان مصدرا برلمانيا قال ان اللقاء كان “جردة حساب قدمها رئيس الوزراء لمركز صنع القرار والمواطنين يعلن فيها نجاح الحكومة، كأحد اركان الدولة، بالسيطرة على الفيروس، وان عوامل السرعة والحيطة والحذر والاستباقية هي من اعمال الحكومة وبرامجها والتي عملت فيها بنهج تشاركي لم يسبق له مثيل وليست اعمال جهة بعينها”.
وتابع المصدر ان لقاء الرئيس امس لم يكن فقط للإعلان عن فتح جملة من القطاعات والاجراءات المتعلقة بالحظر “لكنه كان رسالة ايضا تفيد بأن الحكومة لم تقصر وبذلت جهودا كبيرة، وأن هناك جنودا مجهولين لم يتصدروا الشاشات والإعلام بذلوا جهودا كبيرة خلال الأزمة وكان لهم بصمات واضحة”، كررها الرزاز خلال لقائه ثلاث مرات عندما شكر الدكتور عبدالله، في اشارة الى جهود الدكتور عبدالله طوقان خلال مشاركته في ادارة خلية الأزمة.
ومثلما جاءت القرارات والإجراءات التي اعلن عنها الرزاز وطاقم حكومته في سياق المتوقع وبانتظار الاعلان عنها بعد تسريب جلها للمراقبين ووسائل الاعلام، الا ان ترتيبات المؤتمر ودعوة الاعلاميين من الصف الأول، وتناسق الادوار خلال المؤتمر، وتبرير الاجراءات المتخذة سابقا والتي كان يؤكد فيها وزير الصحة سعد جابر حتى الاسبوع الماضي أنها غير ممكنة، اصبحت ممكنة اليوم وزال الخطر.
كما ان غياب وزير العمل نضال البطاينة عن المشهد في اللقاء أثار جملة من الاستفسارات وعلامات الاستفهام خاصة ان غالبية الأسئلة كانت موجهة لقطاع العمل والبطالة وتسريح العمال والضمان الاجتماعي، وهي التي أجاب عنها الرزاز باقتضاب ولسان حاله يقول “لم يكن من الممكن افضل مما كان”.
اجابات الرزاز على الأسئلة لم تكن واضحة وخاصة السؤال المتعلق باستمرارية عمل قانون الدفاع والمدة التي سيستمر بها، رغم ان الرئيس اعلن عن فتح جميع القطاعات باستثناء عدد محدود منها وهو ما يؤشر على عودة الحياة الى طبيعتها، بيد ان هذا يؤشر ان الرئيس نفسه لا يعرف موعد توقف العمل بالقانون وربما لا يعرف تبعات المرحلة المقبلة سياسيا، اللهم إلا اذا كان هذا اللقاء وداعيا ومؤشرا على ان الحكومة اعلنت قرب تسليمها مقاليد السلطة لمرشح جديد.
ويشير وزير سابق الى ان اجراءات الشكر والثناء تلمح الى قرب حل خلية الأزمة وعودة الامور الى طبيعتها بمنحى جديد وبأبجديات مختلفة.
ويشاطره بالرأي نائب مخضرم اشار الى ان يومي السبت والاحد المقبلين سيكونان حاسمين لجهة تحديد ما إذا كانت الانتخابات البرلمانية ستجرى هذا العام، إذ تحتاج الهيئة المستقلة للانتخاب 105 أيام للتحضير للانتخابات، ما يعني انه اذا ما اراد صاحب القرار اجراء الانتخابات صيف هذا العام كما كان مخططا له سابقا، ووفق المدة الدستورية التي تنتهي في السابع والعشرين من ايلول (سبتمبر) المقبل، فإن هذا يتطلب اعلانا رسميا عن الانتخابات السبت أو الاحد المقبلين.
وتابع البرلماني بالقول، بما ان الحكومة فتحت القطاعات جميعها للعمل وانحسرت المخاوف من تفشي فيروس كورونا، فإن المجال بات ممكنا لإجراء الانتخابات البرلمانية في الموعد المحدد مع مراعاة الشروط الصحية والتباعد الاجتماعي.
واعتبر ان لقاء الرزاز مؤشر مهم على بدء مرحلة جديدة عند حديثه عن التشاركية في العمل والتناغم بين مختلف اجهزة الدولة في اشارة الى لجنة الاوبئة التي اشاد بجهدها لكنه لم يعط وزارة الصحة او الجيش الابيض حقهما في “التعاطي” مع ازمة كورونا، دون ان ينسب الجهد لفئة على حساب أخرى.
مؤشرات اللقاء كانت واضحة والقراءة فيه تحتاج الى تمعن في عبارات الرئيس والشخوص الذين حضروا، ودلالات اللقاء التي تؤكد ان الرئيس ينتظر مفاجأة وترتيبات جديدة تفرضها ظروف المرحلة المقبلة، على أن انين الشارع خلال المرحلة الماضية من بعض القرارات التي اعترف الرئيس ضمنا انها لم تكن نموذجية، ربما فهمت انها لصالح طرف على حساب الآخر.
لكن الرئيس لم يخف أبرز مخاوفه وهي الخشية من تسريح العمالة والواقع الاقتصادي، غير ان اعترافه بعدم تحريك قطاعات السياحة والنقل يؤشر على ان الحكومة لم تعطهما الاولوية اللازمة ولم تتنبه لأهميتهما وتبعاتهما على الاقتصاد اجراءات الحكومة.
اللقاء كان ثريا بكل المقاييس وإنْ لم يتحدث الرئيس اكثر مما قال سابقا في اللقاءات السابقة، غير ان ملامح اللقاء والرئيس معا يشيران الى ان الايام القادمة حبلى بالمفاجآت.