خبراء يطالبون بتوسيع مظلة شبكة الأمان الاجتماعي

صنارة نيوز - 2016-11-07 09:44:49
عمان- يجمع خبراء اقتصاديون على أنّ شبكة الأمان الاجتماعي التي طبقتها الحكومات خلال السنوات الأخيرة لم تحقق المطلوب، في ظل التراجع المستمر لمستويات معيشة للمواطنين، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
وبين هؤلاء أنّ السياسات الحكومية أدّت الى تعمق المشكلات وفقدان "الأمان الاجتماعي"، وتزامن هذا مع تراجع النمو الاقتصادي الذي زاد من هذه المشكلات.
ورغم ذلك، دعا الخبراء إلى ضرورة تعظيم وتوسيع دور شبكة الأمان الاجتماعي كونها تشكل الجدار الأخير للفقراء، والمظلة اليتيمة لحمايتهم، وأن لا يتم تقليص دورها أو العمل على تقليص الدعم للمواطنين، ولاسيما الفقراء.
ويعرف الأمان الاجتماعي أنه التحويلات النقدية والعينية الموجهة لصالح الفئات الفقيرة والضعيفة؛ حيث تهدف الشكبة الى تسهيل حصول هذه الفئات على خدمات الرعاية الصحية والتعليم، ومساعدة الأسر على إدارة ما تتعرض له من مخاطر، إضافة الى تشجيع الشرائح الأكثر فقرا في المجتمع على الشعور بقدر أكبر من الثقة على الإقدام على المخاطرة على نحو يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستوى الدخل لديها.
يأتي هذا في الوقت الذي تقدر فيه أرقام الفقر للعام 2010 (آخر إحصائيات معلنة) بـ14.4 % مقارنة بـ13.3 % للعام 2008. كما تأتي في الوقت الذي وصلت أرقام الفقر للعام 2013 بحوالي 20 %، وفق أرقام غير رسمية.
وكانت نسبة الفقر الـ14.4 % ستصل إلى 17 % لولا أشكال المساعدات كافة المقدمة من المؤسسات الحكومية بما في ذلك المقدمة من صندوق المعونة الوطنية والتحويلات الحكومية المختلفة، والبالغة 219.1 مليون دينار من دون احتساب دعم السلع الغذائية. كما كانت هذه النسبة ستصل إلى 15.8 % لولا تدخل صندوق المعونة الوطنية وحده.
ويشار هنا الى أنّ 18.6 % من مجموع السكان الأردنيين (ثلث سكان المملكة) مهددون بالانضمام إلى الفقراء، وهم من يطلق عليهم "الفقراء العابرون" وهم أولئك ممن يختبرون الفقر لفترة 3 أشهر في السنة؛ أي أنه يعيش دون خط الفقر؛ أقله خلال ربع واحد من أرباع السنة.
وزير تطوير القطاع العام الأسبق، الدكتور ماهر المدادحة، أشار الى أنّ الحكومات المتعاقبة لم تنجح في فرض شبكة أمان اجتماعي بطريقة منظمة؛ حيث لا بدّ أن تكون متكاملة ما بين التأمين الصحي والضمان والدعم النقدي للفقراء ودعم وتحسين التعليم.
وأشار الى أن الحكومة لا بدّ أن تركز على هذا الجانب، وخصوصا الفقراء والذين هم على خط الفقر أو فوق خط الفقر بقليل.
وأكد ضرورة أن يكون هناك توحيد للجهود بحيث يكون عمل كل الصناديق والجهات المعنية بشبكة الأمان الاجتماعي منظم ومنسق فيما بينها بما يضمن عدم ازدواجية المساعدات وتوزيع الدعم لكل المحافظات.
الخبير الاقتصادي محمد البشير، أشار الى أنّ شبكة الأمان الاجتماعي "لم تنجح"، ودليل ذلك أن مؤشرات الفقر والمستويات المعيشية للأسر في تصاعد مستمر، مع الإشارة الى أنّ مؤشر الفقر يرتبط مع مؤشر البطالة الذي بات يتراجع خلال السنوات الأخيرة.
وكلا المؤشرين (الفقر والبطالة) يرتبطان بالتراجع الاقتصادي الذي تزامن أيضا مع زيادة عدد السكان سواء بسبب النمو السكاني أو بسبب اللجوء السوري.
وأشار الى أنّ المعالجات لم تكن مكتملة، وأنّ هذا زاد من مشكلتي الفقر والبطالة، والتي أدت الى زيادة العنف والاعتداءات في المجتمع.
وقال إن الحكومة لم تنجح في عمل شبكة أمان اجتماعي، خصوصا أنها ما تزال تناقش "البطاقة الذكية" ورفع الدعم عن سلع وموضوع الخبز واستمرار الحديث عن صناديق دعم المحافظات والتدريب والتشغيل وصندوق المعونة الوطنية.
وأشار الى أنّ شبكة الأمان الاجتماعي "لم تنجح، ولن تنجح" ما دام هناك سياسات اقتصادية غير مناسبة.
أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور قاسم الحموري، أشار الى أنّ تطبيق شبكة أمان اجتماعي في الأردن "لم ينجح" و"لم يفضِ الى أي نتائج ملموسة"؛ إذ ما يزال هناك فقر وبطالة وشريحة ليست مغطاة بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
وطالب الحكومة بالشفافية أكثر في توضيح أسباب هذا الفشل، وأن تقوم بوضع خطة ورؤية متكاملة لتحقيق الأمان الاجتماعي للمواطنين الذين يحتاجون ذلك.
وتدعم الحكومة المواطن في قطاع الكهرباء بحوالي 392 مليون دينار سنويا مقسمة الى 277 مليون دينار لدعم شريحة استهلاك 100-160 كيلوواط و115 مليون دينار لدعم شريحة 161-300 كيلوواط. وتدعم الغاز المنزلي بين 15 و20 مليون دينار سنويا (الكلفة الحقيقية لكل جرّة غاز 10.5 دينار، تدعم الحكومة من سعرها 3.5 دنانير؛ أي أنّ المواطن يشتريها بـ7 دنانير).
كما تدعم الحكومة المواد التموينية بـ215 مليون دينار (قمح وشعير)، وتقدم دعما في قطاع المياه والصرف الصحي يصل الى حوالي 200 مليون دينار سنويا. (كلفة المتر المكعب الواحد ديناران يتحمل المواطن 45 قرشا من هذه الكلفة بالمعدل والباقي تدفعه الحكومة).
صندوق المعونة الوطنية يقدم 90 مليون دينار سنويا (7.2 مليون شهري) تدعم 98 ألف عائلة شهري. وتدعم الحكومة أجور النقل لطلاب 7 جامعات، وذلك بحجم 5.46 مليون دينار للعام الحالي، مقارنة بـ3.750 العام الماضي.
أما في قطاع الصحة، فتقدر تكلفة المعالجة في المراكز والمستشفيات 6.251 مليون دينار (تقدم لـ300 ألف مؤمن صحيا ضمن شبكة الأمان)، مع الإشارة الى أنّ هذه التكلفة تزيد إذا تمّ حساب من يتم تحويلهم ومعالجتهم في مستشفى الجامعة أو الخدمات الطبية.
وفي قطاع التعليم، تقدر الحكومة كلفة الطالب على الدولة في رياض الأطفال 500 دينار، و800 دينار في المرحلة الأساسية، وبين 1000 و1200 دينار في المراحل الثانوية (أكاديمي ومهني).
وخصصت موازنة العام الحالي 1.724 مليار دينار للحماية الاجتماعية، "بما في ذلك دعم السلع"، مقارنة بـ1.4 مليار دينار للعام 2015.
وقدرت هذه الموازنة الإيرادات العامة بـ7.5 مليارات دينار، والنفقات الجارية والرأسمالية بـ8.4 مليارات دينار بعجز مقداره 907 ملايين دينار.
ويتفق الخبراء مع تقرير للبنك الدولي صدر العام الماضي والذي أقرّ فيه أنّ "النتائج المرجوّة ذات الصلة بشبكة الأمان لم تتحقق"، لافتا إلى أنه كان متوقعا من مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية الذي أغلق في آب (أغسطس) 2013 أن يحسّن إدارة وعمليات برامج المساعدات الاجتماعية النقدية، ويعزز جودة خدمات الرعاية الاجتماعية وفرص الوصول إليها، إلا أنه لم ينجح في تحقيق أهدافه التنموية.
على أن الحكومة كانت أطلقت بداية العام الحالي مشروع "السجل الوطني الموحد ومشروع الباحثين الاجتماعيين"، بتمويل من البنك الدولي بقيمة 9.5 ملايين دولار، والذي يهدف الى مساعدة الحكومة على تحسين دقة الاستهداف، كما أنه سيساعد بشكل خاص على إنشاء سجل وطني موحد من شأنه الحد من تجزئة البيانات بين مختلف الوكالات، إضافةً إلى تحسين قائمة البيانات الوطنية الموجودة من حيث الموثوقية والجودة والدقة.
وعلى الرغم من أن مشروع السجل الوطني الموحد ليس امتدادا لمشروع تعزيز الحماية الاجتماعية، وعلى الرغم من أنه يستهدف شريحة سكانية أوسع من تلك التي يستهدفها صندوق المعونة الوطنية، يُعد تطوير السجل الوطني الموحد أمرا أساسيا من أجل تحسين استهداف خطة التعويض المنبثقة عن إصلاح الإعانات الخاصة بالوقود، إضافةً إلى برامج أخرى من برامج شبكة الأمان في المستقبل.