الغيرة والحسد وإنجازات الغير
صنارة نيوز - 2016-10-18 07:10:45
الدكتور خالد جبر الزبيدي
من المشاهد في حياتنا الاجتماعية ، الصراعات بين الأفراد على مصادر العيش والرزق ، والسعي للوصول إلى مراكز القوة بأشكالها ، فيُمارس هنا كل شيء مباح وغير مباح ، وما هو شرعي وغير شرعي ، وكذلك ما هو معلن وغير المعلن.
ومن هذه الممارسات الغيرة والحسد فكما يقول روسو :
كلما ارتـفع الإنسان، تكاثـفت حوله الغيوم والمحن.
لا يخلو جسدٌ من حسدٍ، فالكريم يخفيه، واللئيم يبديه.
فالحسد هو الشعور باحتياجك لشيء يملكه غيرك وتتمنى زواله من الشخص.
والغيرة هي ليست الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر ، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب عدم حصوله على شيء ما.
أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بصورة متبادلة ، فهما لا يعنيان الشيء نفسه على الإطلاق ، فالحسد هو أمر بسيط يميل نسبياً إلى التطلع إلى الخارج ، يتمنى فيه المرء أن يمتلك ما يملكه غيره ، فقد يحسد الطفل صديقه على دراجته وتحسد الفتاة المراهقة صديقتها على طلعتها البهية.
أما الغيرة فإنها تجربة انفعالية تكاد تكون عادة بين الجميع، وتختلف الغيرة عن الحسد لأن الحاسد يحسد شخصاً آخر على شيء يمتلكه هذا الشخص ولا يملكه هو، أما الغيور فانه يغار لأنه يمتلك شيئا ما ويخشى أن يأخذه غيره.
ومن هنا تأتي الصراعات ، من دوافع شخصية لرفضنا أن يكون النجاح لغيرنا وهما من مولدات التنافس والصراع ، رافضين الاعتراف بحقوق غيرنا وإنجازاتهم بل ونتمنى أن نسرق إنجازاتهم وننسبها لنا ، وان ننكر عن الآخرين تلك الإنجازات ، يظنون أنفسهم بأنهم أفضل من غيرهم وهذا بدوره يمنحهم الاغترار بأنفسهم فالكل يقول:أنا الأفضل، أنا الأحسن، أنا الأساس.
إن نجاحات الآخرين يجب أن تمنحنا الدافع للتقليد وليس زوال الخير وعلينا أن نعترف بإمكانات غيرنا حتى نستطيع أن ندرك إمكاناتنا، والأسوأ أن نتهم الآخرين بالفشل ونبدأ بالانتقاد فيبدأ الأشخاص الساديين بممارسة شذوذهم في النقد ، في حين أنهم هم الفاشلين وعاجزين عن إنجاز ما حققه الآخرين أو ما يستطيع الغير تحقيقه، وخصوصاً المقربين علينا وتربطنا علاقة بهم فنحن لا نغار من اليابانيين على إنجازاتهم ولا بل غيتس على عبقريته وثروته ، لكن بالنسبة للمقربين تتملكنا هذه المشاعر والتي يصاحبها الكره أو الحقد بجانب الحسد والغيرة ، والذي يقود معه التمني للآخرين الفشل والسقوط وذلك للشماتة والتي هي الفرح والتشفي من الذي تفوق علينا وصرنا نغار منه أو نحسده.
