المسجد الحسيني وباحاته.. سحر رمضان في عمان

صنارة نيوز - 2016-06-11 07:31:16

من اجمل المشاهد الروحانية بهجة عند حلول رمضان في وسط البلد.. تلك التجمعات التي تقف هنا وهناك في ساحة المسجد الحسيني عنوان عمان الشهير وملتقى المعارف والغرباء.
فيه أيضاً المقيم والغريب يؤدون الصلوات ويستريحون قليلاً على ارضياته المفروشة بالسجاد الناعم، ومنهم الذي ينزوي لقراءة القرآن بصمت، وآخرون يتحلقون بعد صلاة العصر حول شيخ علامة يلقي عليهم درسا في الثقافة الاسلامية، ثم يبدأ جمهور المتحلقين حوله، بتوجيه الأسئلة الدينية له ومنها عن امور شهر الصيام وهل يجوز هذا الأمر ولا يجوز هذا الأمر، متسائلين ما يحصل معهم من مواقف لا يعرفون الاجابة والتصرف حيالها.

سيرة الجامع
وبالرجوع الى تاريخ انشاء هذا المسجد الكبير وأحد أهم معالم وسط البلد، فان المسجد الحسيني كان قد أُقيم على مكان قديم لجامع اسمه العمري نسبة الى سيدنا عمر بن الخطاب.. لكن المسجد القديم هذا تهدم ولم يبقَ منه سوى آثار دارسة وساحة ترابية، كانت تستخدم من بعض المصلين القلائل قديماً كمصلى فقط، ولكن عند مجيء الامير عبدالله بن الحسين الى عمان وتأسيس إمارة شرق الاردن في العام 1921 باشر الامير (الملك فيما بعد) بالايعاز الى بناء مسجد جديد فخم سُمي على اسم والده الشريف الحسين بن علي (المسجد الحسيني) والذي أرسى حجر الاساس له في حفل أقيم سنة 1923 ايذاناً ببدء العمل على إنشائه. هذا ويقال ان الخلطة الاسمنتية الاولى استخدمت لأول مرة في عمان في بناء هذا المسجد والذي اقتصر في بادئ الامر على مئذنته الشرقية ذات الخوذة الحجرية  والتي دمرها زلزال عام 1927، فتم استبدالها بالخوذة الخشبية، ثم الاسمنتية فيما بعد في السنين اللاحقة.
وفي الاربعينات من القرن الماضي تم توسيع صحن المسجد الحسيني واقيمت في وسطه بركة للوضوء، كما اضيفت المئذنة الغربية له، وهي من طابقين واكثر ارتفاعاً من المئذنة الشرقية.
وهكذا كان بناء المسجد الحسيني اول مشروع عمراني ضخم اقيم في عمان، وان التفكير ببنائه سبق بناء قصر رغدان العامر الذي بوشر في تشييده عام 1924 وانتهى العمل به سنة 1927 بينما امير البلاد الامير عبدالله الأول، كان خلال ذلك يعيش في الخيام في منطقة ماركا قبل الانتهاء من بناء قصر رغدان في منطقة القصور. 
وبالرجوع مرة اخرى للحديث عن الساحة الخارجية للمسجد الحسيني التي تحاذي شارع الملك طلال وشارع بسمان والهاشمي والسعادة فانه قديماً كانت تلك الساحة صغيرة جداً تحتلها مبان تجارية وسوق البخارية البدائي قبل انتقاله الى مكانه الجديد قديماً والذي ما زال معروفاً في مكانه الحالي.
ومن ضمن بناء المسجد الحسيني الخارجي ظهرت محلات تجارية صغيرة استأجرها بعض التجار لمزاولة بيع الملابس والعطور والعطارة والاعشاب والكتب الثقافية الدينية.

كتب دينية وتاريخية
وفي محيط الجامع الحسيني الآن العديد من المكتبات التجارية المتخصصة ببيع الكتب الاسلامية والدينية والتاريخية والجامعية .. حتى ان دخلة قرب الجامع تعرف الآن بدخلة المكتبات فيها حوالي عشر مكتبات فيها كل انواع واصناف الكتب الدينية والمصاحف وكتب التاريخ والسياسة والأدب والتراث الادبي والاسلامي العربي القديم بطبعات رائعة وحديثة يقبل عليها الباحثون وطلاب العلم والمثقفون. ونلاحظ بعد العصر في رمضان بعض الأفراد من المساكين الذين ينتظرون بعض المحسنين الذين يقدمون لهم الأموال والصدقات والخبز، وعند اقتراب آذان المغرب وقرب تناول طعام الافطار يكثر المحسنون باحضارهم وجبات الطعام لهم، وفي احيان يحضرون وجبات الافطار والماء والتمور للمصلين الذين يبقون في داخل المسجد الحسيني لحضور والاشتراك بصلاة المغرب جماعة.
ومما ذكره بعض المؤرخين قديماً ان بعض الفرق الصوفية كانت في فترات الاربعينات والخمسينات من القرن الماضي وبعد صلاة العشاء تقوم بعمل وعقد حلقات الذكر والأناشيد الدينية واحياء ذكر الله سبحانه ورسوله الكريم في المسجد الحسيني، ثم في الشوارع وذلك طبعاً في نهار رمضان.
وفي لفتة جديدة فقد قامت وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية في عمان بعمل وتوسيع مصلى للنساء وعمل متوضأ للنساء في المسجد كي تقوم النساء بالصلاة في هذا المسجد بكل راحة وهدوء تعبداً لله العلي القدير في رمضان كل ايام السنة كذلك.. ولا تنس مكتبة الجامع الحسيني على الطابق الثاني الداخلي التي تُشجع القُرّاء على القراءة والاطلاع في امور الثقافة العربية والاسلامية عبر كتبها ومراجعها الضخمة ومنها النادرة والقيّمة كذلك.