الاتجاه العام للمديونية هو الزيادة ، والتجربة العملية تؤكد صحة هذا القول ، فالمديونية ارتفعت بالأرقام المطلقة في كل سنة من السنوات الخمس الاخيرة ، ومعدل نمو المديونية كان في جميع الحالات أعلى من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ، مما أدى إلى ارتفاع المديونية ليس بالأرقام المطلقة فقط بل كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي أيضاً.
الاستمرارية إذن تعني أن المديونية سوف ترتفع في كل سنة بالأرقام المطلقة وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، وهذا وضع غير مقبول وغير قابل للاستمرار.
 يأتي الآن صندوق النقد الدولي ليقترح (يشترط) تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 85% إلى 75% خلال أربع سنوات فهل هذا ممكن؟ وما هو السيناريو الذي يؤدي إلى هذه النتيجة المرغوب فيها!.
لنأخذ سنة 2015 كنقطة انطلاق ونفترض أن المديونية الصافية في نهايتها تبلغ 23 مليار دينار ، وأن الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 27 مليار دينار ، وأن النسبة بينهما هي 85% تقريباً. 
لكي تهبط هذه النسبة عشر نقاط مئوية لتصبح 75% في نهاية البرنامج ، أي خلال أربع سنوات ، فلا بد من حدوث تخفيض بمقدار 5ر2 نقطة مئوية سنوياً لمدة أربع سنوات.
الصندوق لا يقول إن حجم المديونية يجب أن ينخفض ، فبالإمكان أن يرتفع شريطة أن يكون ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي أعلى وأسرع من نمو المديونية ، بحيث تنخفض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي. وحيث أن هذا الناتج محسوباً الأسعار الجارية يمكن أن يرتفع بنسبة 5% سنوياً ، منها 3% نمو حقيقي ، و2% تضخم ، فإن من المسموح به أن ترتفع المديونية في السنة الأولى بنسبة 7ر1% لتصبح نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي 25ر8%. 
إذا أمكن تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 5% ، فإن من المسموح به ارتفاع المديونية بنسبة 7ر1% أو ما يناهز 400 مليون دينار سنوياً.
هذا السيناريو يتطلب أن لا يزيد عجز الموازنة العامة وموازنات الوحدات الحكومية المستقلة عن هذا المبلغ. يجب الاعتراف بأن هذا الهدف ليس سهلاً ولكنه ليس مستحيلاً إذا ارتفعت المنح العربية والخارجية بشكل ملموس ، وتم ضبط النفقات الجارية بقسوة ، فهل يستطيع الصندوق وشقيقه البنك الدولي التدخل لدى الدول المانحة بهذا الاتجاه؟.