تكنولوجيا جديدة لجعل التدخين أخف وطأة على الصحة وأقل مضايقة لمن حولك
صنارة نيوز - 2016-05-29 08:14:52لا جدال بأن القفزات التكنولوجية والابتكارية التي شهدها العالم ولا يزال، لعبت دوراً كبيراً ومهماً في تغيير أسلوب الحياة والعادات والسلوكيات والتوجهات في مختلف المجالات، ما يجعل البعض يظن بأن عصرنا يمثل ذروة الابتكار، لكن الحقيقة أن الابتكار يتواصل، ويأتي كل يوم محملاً بما هو جديد مما يضفي قيمة نوعية، وينتقل بالحياة ونمطها السائد نحو الأفضل خاصة فيما يتعلق بتفاصيلها اليومية.
منتجات السجائر ليست بمنأى عن هذه القفزات التكنولوجية والابتكارية خاصة في ظل السياسات الداعية للارتقاء بصناعة التبغ في المستقبل، ولتخفيف وطأة التدخين على الصحة، وهو المنتشر على نطاق واسع بين مختلف الأوساط ليس في المملكة فقط، بل في العالم بأسرِه؛ ذلك أنه يتم استخدام التكنولوجيا وتسخيرها لإنتاج جيل جديد من السجائر المقبولة والأقل ضرراً بشكل كبير، دون أن تذهب بالمذاق.
وعلى طريق ذلك، جاءت السجائر الإلكترونية التقليدية التي ظلت تتطور حتى بلغت مؤخراً جيلاً جديداً يُشبِع الرغبة بالحصول على النيكوتين وبطريقة مخالفة تماماً للجيل السابق وللسجائر العادية؛ حيث يعتمد هذا الجيل المطور على عملية تسخين التبغ بالطاقة الكهربائية بدلاً من عملية حرقه، كما أنه يعتمد على مجموعة أقل من المركبات والمواد المكونة، تنتج بدورها هباء جوياً "رذاذاً" بدلاً من الدخان الناتج عن الاحتراق.
وبينما ينقسم مراقبو التبغ حول السجائر الإلكترونية أو ما يمكن أن تكون عليه الصناعة في المستقبل، خرجت الكلية الملكية للأطباء في المملكة المتحدة مؤخراً بتقرير جديد لها حمل عنوان ""نيكوتين دون تدخين"، أجرته حول السجائر الإلكترونية على طريق مساهمتها في دعم مفهوم "الحد من الضرر" وهو المفهوم الذي يعنون استراتيجية المملكة المتحدة لحماية المدخنين فيها.
ودرس التقرير المؤلف من 200 صفحة، المادة العلمية والسياسة العامة واللوائح التنظيمية والأخلاقيات المتعلقة بالسجائر الإلكترونية ومصادر النيكوتين الأخرى البعيدة عن التبغ، كما أنه تناول المسائل الجدلية وسوء الفهم، مقدماً في ختامه العديد من الاستنتاجات التي خَلُصَ إليها والتي تفيد بأن النيكوتين بالرغم من الإدمان عليه إلا أنه ليس السبب في أي ضرر قد يتسبب به التدخين، إنما العناصر الأخرى من تدخين التبغ، وأن توفير النيكوتين دون وضع المكونات الضارة الصادرة من دخان التبغ، يمكنه الوقاية من معظم الضرر الناتج عن التدخين.
كذلك، فقد خَلُصَ التقرير إلى أن فعالية السجائر الإلكترونية تتضح عندما يستخدمها المدخنون كوسيلة مساعدة للإقلاععن التدخين، وبأن الخطر على الصحة الناجم عن استنشاق دخان السجائر الإلكترونية التقليدية المتاحة اليوم على المدى الطويل من غير المُرجح أن يتجاوز 5% مقارنة بالضرر الناجم من تدخين التبغ، وبأن التطورات التكنولوجية ومعايير الإنتاج المُحسنة يمكنها الحد من الخطر الذي قد تسبّبه السجائر الإلكترونية على المدى الطويل.
وأبرزت نتائج التقرير بأنه لا يوجد دليل حتى اليوم على أن السجائر الإلكترونية قد تؤدي لزيادة نسبة تدخين التبغ والعمل بمثابة مدخل للتدخين بين فئة الشباب، ومن أن يُستخدم كبديل مؤقت وليس دائم للامتناع عن التدخين، بل على العكس، فالأدلة المُتاحة إلى اليوم تُشير إلى أن السجائر الإلكترونية تُستخدم على وجه الحصر كبدائل أكثر أماناً للتبغ المُدخن من قبل المدخنين الشرهين الذين يحاولون تقليل الضرر على أنفسهم أو على الآخرين، أو الإقلاع عن التدخين تماماً، وبأنه ولفائدة الصحة العامة من الضروري التشجيع على استخدام السجائر الإلكترونية على أوسع نطاق ممكن كبديل عن التدخين في المملكة المتحدة.
وكانت التقرير قد استند إلى أحدث الأدلة التي تفيد بأن السجائر الإلكترونية ليست مدخلًا للتدخين في المملكة المتحدة؛ إذ يقتصر استخدام السجائر الإلكترونية فقط على هؤلاء الذين يستخدمون التبغ بالفعل أو الذين استخدموه مسبقاً، وبأن السجائر الإلكترونية لا تؤدي إلى تطبيع التدخين؛ ذلك أنه لا يوجد دليل على أن العلاج ببدائل النيكوتين (NRT) أو السجائر الإلكترونية قد أدى أي منهما إلى تطبيع عادة التدخين، وأن أي من هذه المنتجات لم يجذب إلى يومنا هذا البالغين الذين لم يسبق لهم التدخين، ولا توجد أدلة مُثبتة على ازدياد أعداد المقبلين على التدخين في فئة الشباب.
وإلى جانب ذلك، فقد أفادت الأدلة بأن استخدام السجائر الإلكترونية في فئة المدخنين من المرجح أن يؤدي إلى محاولات للإقلاع عن التدخين التي لم تكن لتحدث خلاف ذلك، وبهذه الطريقة، يمكن أن تكون السجائر الإلكترونية مخرجاً آمناً للابتعاد عن التدخين، وبأن استخدام السجائر الإلكترونية على المدى الطويل قد يؤدي لحدوث بعض الضرر بسبب استنشاق مكونات أخرى غير النيكوتين، ولكن من المرجح أن يكون الضرر بسيطاً للغاية، ومع وجود معايير مناسبة، من المحتمل الحدّ من من المخاطر على الصحة البدنية.
وذكر رئيس المجموعة الاستشارية لمشكلات التبغ بالكلية الملكية للأطباء في المملكة المتحدة، البروفيسور جون بريتون، بأن الاستخدام المُتزايد للسجائر الإلكترونية كبديل عن تدخين التبغ أثار جدلاً كبيراً مع وجود الكثير من التوقعات بشأن مخاطرها وفوائدها المُحتملة، مبيناً أن التقرير هدف لتوضيح معظم المخاوف المتعلقة بالسجائر الإلكترونية، كما أنه خَلُصَ إلى أنه مع وجود لائحة تنظيمية رشيدة، يمكن للسجائر الإلكترونية أن تُساهم بشكل كبير في تجنب العديد من المخاطر التي يسببها التدخين في المملكة المتحدة في الوقت الراهن، ومؤكداً على أنه يجب أن يطمئن المدخنون ويكونوا على يقين أن هذه المنتجات يمكنها مساعدتهم على الإقلاع عن استخدام جميع منتجات التبغ إلى الأبد.
ومن جانبه قال ذكر رئيس الكلية الملكية للأطباء في المملكة المتحدة، البروفيسور جين داكر: ""منذ صدور أول تقرير للكلية الملكية للأطباء عن التبغ والتدخين والصحة عام 1962، ناشدنا باستمرار لإيجاد سياسات وخدمات أفضل وأكثر لمنع الأشخاص من محاولة تجربة التدخين ومساعدة المدخنين على الإقلاع. ويستند هذا التقرير الجديد إلى العمل ويخلُص إلى أنه بسبب المخاطر المحتملة المُتضمنة، فإن هناك احتمالية كبيرة لأن يتمكن مفهوم "الحد من الضرر" من تجنب الوفاة والعجز الناجم عن استخدام التبغ، وتسريع تقدمنا للحصول على مجتمع خالٍ من التبغ. ومع وجود إدارة واعية ولائحة متناسبة، سيوفر مفهوم الحد من الضرر فرصة لتحسين حياة ملايين الأشخاص. إنها فرصة يجب أن نستغلها بأفضل طريقة."
وللحصول على كل ما جاء به التقرير، حرصت الكلية الملكية للأطباء على رفع نسخة إلكترونية منه يمكن تحميلها مجاناً عبر موقع الكلية.