حلب تحترق

صنارة نيوز - 2016-04-30 08:20:31

عواصم – استثنى اتفاق روسي أميركي على وقف النار ليلة امس مدينة حلب، التي تشهد معارك عنيفة بين الجيش السوري ومقاتلين من جبهة النصرة وبعض فصائل المعارضة السورية.
 في حين سرى وقف إطلاق النار في مناطق الغوطة الشرقية القريبة من دمشق وفي ريف اللاذقية شمالا، وفق ما أعلن الجيشان السوري والروسي.
وأكد بيان صادر عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة بثه التلفزيون السوري الرسمي انه "حفاظاً على تثبيت نظام وقف العمليات القتالية المتفق عليه، يطبق اعتباراً من الساعة الواحدة صباح اليوم السبت نظام تهدئة يشمل مناطق الغوطة الشرقية ودمشق لمدة 24 ساعة، ومناطق ريف اللاذقية الشمالي لمدة 72 ساعة".
وأضاف ان "ذلك لقطع الطريق على بعض المجموعات الإرهابية ومن يقف خلفها والتي تسعى جاهدةً إلى استمرار حالة التوتر وعدم الاستقرار، وإيجاد الذرائع لاستهداف المدنيين الآمنين".
 وقال مصدر أمني في دمشق لوكالة الصحافة الفرنسية ان تجميد القتال يأتي "بناء على طلب الأميركيين والروس الذين التقوا في جنيف لتهدئة الوضع في دمشق واللاذقية". وأضاف ان "الاميركيين طلبوا ان يشمل التجميد حلب، لكن الروس رفضوا ذلك".
ونقلت وكالة انباء "ريا نوفوستي" الروسية عن مصدر دبلوماسي قوله ان موسكو وواشنطن اللتين تترأسان مجموعة الدعم الدولية لسورية هما "الضامنتان لتطبيق لنظام وقف العمليات" من قبل كل الأطراف.
وقال اللفتنانت كولونيل الروسي سيرغي كورالنكو من قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية إن التجميد يفرض "حظر على كل المعارك وعلى استخدام كل انواع الاسلحة".
وأضاف في تصريح نقلته وكالة "ريا نوفوستي"، "نناشد كل الأطراف المهتمة بارساء السلام في الأراضي السورية دعم المبادرة الروسية الأميركية وعدم انتهاك نظام وقف العمليات".
إلى ذلك أصيب عدة اشخاص بجروح امس في غارة استهدفت مستوصفا في حي المرجة الذي تسيطر عليه فصائل المعارضة في حلب بشمال سورية بعد يوم من مقتل ثلاثين شخصا في غارة استهدفت مستشفى ميدانيا بعد أسبوع من تصعيد المعارك بين قوات النظام والمعارضة.
وقال أحد سكان حي بستان القصر الشعبي إن "الأرض تهتز تحت أقدامنا" بعد غارات جديدة شنتها طائرات النظام الجمعة، مضيفا ان "الغارات لم تتوقف طوال الليل. لم ننم ولو دقيقة واحدة".
وقتل أكثر من 200 مدني في حلب مع تجدد المعارك منذ اكثر من اسبوع بين فصائل المعارضة التي تقصف مناطق سيطرة النظام بالمدفعية والقذائف الصاروخية في حين تشن قوات النظام غارات جوية على احياء المعارضة.
وأمس قتلت امرأة وطفل في الغارات على أحياء المعارضة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان في حين تحدث التلفزيون السوري عن مقتل ثلاثة أشخاص بقذائف صاروخية اطلقتها فصائل المعارضة على احياء يسيطر عليها النظام.
وتعرضت هذه الاحياء لعشر غارات على الأقل، فيما يعمل المسعفون بلا توقف منتقلين من حي إلى آخر.
وقال الدفاع المدني إن عدة أشخاص بينهم ممرض واحد على الأقل أصيبوا في الغارة على المستوصف الواقع في حي المرجة شرق المدينة. وخلفت الغارة أضرارا جسيمة في المستوصف الذي يضم عيادة للأسنان وأخرى للأمراض المزمنة ويقدم خدمات لسكان الحي منذ خمس سنوات.
من جهته أعلن المجلس الشرعي في محافظة حلب اول من أمس تعليق صلاة الجمعة لأول مرة في الاحياء الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، بسبب القصف العنيف.
واعلن المجلس الشرعي وهو الهيئة التي تشكلت في محافظة حلب والتي تؤكد انها "مستقلة"، في بيان انه "نظرا للحملة الدموية الأفظع التي يشنها أعداء الإنسانية والدين على محافظة حلب ونظرا لخطر ذلك على المصلين المجتمعين في مكان وزمان واحد، فإن المجلس الشرعي يوصي لأول مرة القائمين على المساجد بتعليق فريضة صلاة الجمعة وإقامة صلاة الظهر عوضا عنها".
وقتل الاربعاء ثلاثون مدنيا بينهم طبيبان عندما اصابت غارة جوية مستشفى القدس الميداني الذي تشرف عليه منظمة اطباء بلا حدود ومبنى سكنيا مجاورا في حي السكري الذي تسيطر عليه المعارضة.
ودان المجتمع الدولي الغارة على مستشفى القدس التي قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري انها تبدو "متعمدة".
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن ان 32 شخصا على الاقل من بين هؤلاء القتلى وبينهم ثلاثة اطفال، قتلوا في غارات نفذتها قوات النظام وبينهم القتلى الثلاثون في قصف مستشفى القدس الميداني.
وقتل 22 مدنيا، بينهم طفلان، في قصف نفذته الفصائل المعارضة، بحسب المرصد.
واعتبرت الأمم المتحدة قصف مستشفى القدس الميداني "غير مبرر" ودعا أمينها العام بان كي مون إلى محاسبة المسؤولين عن "هذه الجرائم".
ودان بان كي مون "أعمال القصف العشوائية التي تنفذها القوات الحكومية وفصائل المعارضة والتكتيكات الارهابية التي يلجأ اليها المتطرفون"، داعيا مختلف الاطراف المتحاربة إلى وقف المعارك "فورا".
كما ندد المفوض الأعلى في الامم المتحدة لحقوق الانسان الامير زيد بن رعد الحسين "باستخفاف جميع الأطراف بحياة المدنيين" في سورية محذرا من انهيار الهدنة. وقال في بيان إن "العنف يتصاعد بسرعة مهولة إلى مستويات شهدناها قبل الهدنة".
كما لفت إلى أن جميع ظواهر العنف تشكل "إثباتا جليا على استخفاف يثير القلق ازاء احدى ركائز القانون الانساني الدولي، اي واجب حماية المدنيين".
ودعا إلى جانب رئيس مجموعة العمل للمساعدة الانسانية يان ايغيلاند ، الاطراف إلى وقف العنف وتجنب العودة إلى الحرب الشاملة.
وندد الأمير زيد بن رعد الحسين كذلك بالفشل "المستمر" و"المخزي" لمجلس الأمن في رفع ملف الوضع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا إلى ان الدول النافذة اصبحت "متواطئة" في مقتل مئات الآلاف ونزوح الملايين.
دمشق من جانبها نفت قصف المستشفى، حتى ان وزير الاعلام عمران الزعبي قال ان "لا وجود لهذا المشفى".
 وأدانت منظمة اطباء بلا حدود في بيان تدمير مستشفى القدس الذي قتل فيه آخر طبيب اطفال في المنطقة. ويعد المستشفى "مركز الإحالة الرئيسي لطب الأطفال في حلب"، وتدعمه المنظمة منذ العام 2012.
واثر هذه المجزرة، دعا الموفد الدولي الخاص إلى سورية ستافان دي ميستورا إلى "انقاذ الهدنة من الانهيار الكامل".
وقال "لا يزال الاتفاق قائما في مناطق عدة، لكنه يواجه خطرا كبيرا وبالكاد لا يزال حيا. وقد ينهار في اي وقت".
ودعا إلى عقد اجتماع لمجموعة دعم سورية برئاسة واشنطن وموسكو "قبل الجولة الجديدة من المفاوضات السورية خلال  أيار (مايو)".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان حلب باتت "على شفير كارثة انسانية". وقال ممثل الصليب الاحمر في المدينة فالتر غرو "اينما ذهبتم تسمعون دوي انفجار قذائف الهاون والغارات وهدير الطائرات. السكان يعيشون على حد السكين. كلهم يخشون الموت". وحذرت الأمم المتحدة من ان لجان الاغاثة لن تتمكن من ايصال المساعدات الطارئة إلى مئات الالاف من السوريين في حال استمرار المعارك.
وقتل اكثر من 270 ألف شخص وهجر أكثر من نصف سكان سورية منذ بدء النزاع الذي دخل عامه السادس.-(وكالات)