"أوراق بنما" يمكن أن تقود إلى أزمة رأسمالية ضخمة
صنارة نيوز - 2016-04-13 07:40:04الصنارة نيوز-
من الصعب أن تعلم من أين تبدأ في إحصاء المعلومات السرية المدوية والموجودة في "أوراق بنما"؛ تحليل الوثائق السرية المسربة من شركة المحاماة الدولية "موساك فونيسكا" التي كشفها الاتحاد الدولي للصحفيين الإقصائيين.
نعم؛ نحن نعلم منذ فترة أن النظام المالي الظل كان يتنامى لكنه لأمر آخر أن يتم الحصول على 11.5 مليون وثيقة تبين الطريقة التي كانت فيها "موساك فونيسكا" تعمل مع المجموعات المالية ذات الأسماء الكبيرة مثل "يو بي إس" وإتش إس بي سي" بالإضافة إلى "سوسايتي جينيرال"، والكثير غيرها من أجل مساعدة النخب من قيادة الحزب الشيوعي الصيني إلى لاعب كرة القدم الشهير "ليونيل ميسي"، والممولين العالميين أيضاً، على إخفاء أموالهم في ملاذات خارجية حول العالم.
إن ذلك مجرد قمة جبل جليدي أكبر؛ تقول مديرة الشؤون الحكومية في منظمة "النزاهة المالية العالمية" التي تتخذ من العاصمة واشنطن مقراً لها هيذر لوي "إن حجم التسريب لم يسبق له مثيل، ولكن الحيل التي يُزعم بأن (موساك فونيسكا) استخدمتها لمصلحة عملائها ليست جديدة أو حتى تثير الدهشة في الحقيقة بحيث تترك الشركات الوهمية مجهولة الهوية، إلى جانب فشل الحكومات في الطلب من المحامين وشركات خدمات الشركات والبنوك جمع معلومات الملكية الضرورية الخاصة بالعملاء، الباب مفتوح على مصراعيه للأموال القذرة حتى تتدفق في جميع أنحاء العالم دون أي عوائق تقريباً".
بالنسبة لي؛ تعتبر هذه إحدى القضايا الرئيسية البارزة في الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ فالناخبون هنا يدركون جيداً أن نظامنا للرأسمالية العالمية يعمل أساساً لمصلحة نسبة الـ1 %، وليس لـ99 % للمتبقية.
ويعد هذا جزءاً كبيراً من السبب وراء نجاح كل من ساندر وترامب، لاسيما وأنهما استفادا كثيراً من هذا الواقع، وإن كان ذلك بطرق مختلفة.
وتضيء أوراق بنما أيضاً جانباً رئيسياً للسبب خلف فشل النظام –لأن العولمة سمحت لرأس مال وأصول نسبة الـ1 % (سواء تمثلت في أفراد أو شركات) بالسفر بحُرية، بينما ليس الأمر متاحاً لنسبة الـ99 % المتبقية.في الحقيقة، يفترض بالعولمة أن تتمحور حول حرية الحركة للأفراد والسلع ورأس المال.
ولكن في الواقع، تم إعداد النظام لإتاحة هذه الحركة أساساً للأغنياء (أو للشركات الكبيرة).
والنتيجة هي التهرب الضريبي العالمي ونقل الأموال والعمالة إلى الخارج بحرية، فضلاً عن نخبة تُحلق عالياً على ارتفاع 35.000 قدم فوق مشاكل الدول القومية ودافعي الضرائب داخلها.
إلى أين نذهب من هنا؟ أعتقد أننا نتجه إلى أساس إعادة تقييم نظامنا السوقي لنرى إن كان يعمل جيداً أم لا.
وينبغي أن يكون الجدل الذي يلف التجارة الحرة جزءاً رئيسياً من هذا التقييم، وكذلك يجب تناول الحملة العالمية ضد التهرب الضريبي أيضاً.
وأعتقد أنه سيكون هناك رقابة مكثقة على سهولة حركة رؤوس الأموال في جميع أنحاء العالم.
وعلى هذا الصعيد، يقول أحد المصادر المفضلة لدي، وهو خبير الاقتصاد السلوكي بيتر أتواتر "أتوقع لردة الفعل العنيفة الشعبوية أن تكون مكثفة، ما سيجعلها تؤثر على كل شيء من أسعار العقارات المرتفعة إلى الشركات الوهمية السياسية الفعالة".
وأضاف "يتزايد الغضب لدى الناخبين إزاء ما يظهر وأنه زوال سريع للنخب المالية والسياسية، فضلا عن نخب الشركات أيضاً بحيث تستطيع نسبة الـ1 % الثرية التحرك إلى أي مكان تريد –وأن تستفيد ربحياً بشكل جيد من تنقلها هذا بينما لا تستطيع نسبة الـ99 % المتبقية من السكان الاستفادة من ذلك".
والأسوأ من ذلك، هو أن نسبة الـ99 % تُترك مع الآثار لا المكاسب–أي مع المباني الفارغة في ديترويت المهجورة، والنفايات السامة من المصانع الكيميائية في فيرجينيا الغربية أو الالتزامات الضريبية التي لا يمكن تحملها في بورتوريكو".
إن إصلاح هذه المشاكل جميعها يتعلق بالنمو حقيقية، الأمر الذي لا يناط فقط بالولايات المتحدة والدول الغنية الأخرى.
ووفقاً لما وجدته منظمة "النزاهة المالية العالمية" مؤخراً، خسرت الاقتصادات النامية 7.8 تريليون من أموالها بسبب المناورات التي يقوم بها الأفراد أو الشركات على غرار موساك فونيسكا، بين العامين 2004 و2013.
والأكثر من ذلك؛ هي التدفقات غير المشروعة التي تتزايد بمعدل 6.5 % سنوياً –أي ضعف معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
لقد أمسى مسألة تباطؤ معظم الأسواق النامية، وحقيقة أنها أحد أسباب تراجع النمو الاقتصادي العالمي ليصبح الأذكياء من الناس يقولون أنها قد تكون سبب ركود آخر ربما يضرب في نهاية العام الحالي أو القادم، مسألة يجب أخذها بعين الاعتبار والاهتمام بها.
"مجلة التايمز"