لصوص يستغلون «دمج العقوبات» لاقتراف الجرائم
صنارة نيوز - 2016-03-28 09:55:54«إذا قمت بسرقة منزل وألقي القبض عليّ، فهناك مخارج قانونية عديدة، أبرزها عدم تمكين الأمن من ضبط المسروقات، واللجوء إلى استغلال أي خلل من المحتمل حدوثه في إجراءات القبض عليّ كطول مدة التوقيف لإطلاق سراحي بكفالة».
بالقول السابق تبجح اللص(ج، ر) حول قدرته على محاولة التهرب من العقاب أو تأجيل زمن إيقاع العقوبة عليه ما قد يمنحه وقتا إضافيا لإرتكاب سرقات أخرى.
وتنقسم جرائم السرقة إلى نوعين، الأول جنائي، والثاني جنحوي، والسرقة الجنائية يشترك فيها أكثر من شخص لهم سوابق في السرقات، وتتمثل اساليبهم باستخدام الشدة والعنف وإحداث ضرر في مكان السرقة مثل خلع الأبواب و»الحمايات» للوصول الى مبتغاهم (...) وتزيد عقوبتها عن ثلاث سنوات، أما السرقة الجنحوية فهي تتمثل في السرقات العادية التي لايستخدم فيها أي شدة أو عنف وتصل عقوبتها إلى ثلاث سنوات.
وتشير احصائيات الأمن العام الى أنه بلغت جرائم السرقة الجنائية في عام 2010خمسة آلاف و584 جريمة، في حين بلغت في عام 2011 خمسة آلاف و671 جريمة، وارتفعت في عام 2012 الى خمسة آلاف و798، لتتراجع إلى خمسة الاف وعشرين جريمة عام 2013، والى أربعة آلاف و493 عام 2014.
وبحسب الإحصائيات فإنه منذ بداية 2015وحتى نهاية شهر أيلول الماضي بلغت جرائم السرقة الجنائية ثلاثة الاف374 جريمة اكتشف منها ألفان و516 جريمة، ليكون مجموع جرائم السرقة الجنائية خلال أقل من ست سنوات 29 ألف و94 جريمة.
وبالنسبة لجرائم السرقة الجنحوية فقد بلغت ستة الاف و616 جريمة عام 2010، ووصلت الى ثمانية آلاف و323 جريمة عام 2011 وبلغت سبعة آلاف و711 جريمة عام 2012 وبلغت ستة آلاف و984 جريمة عام 2013 ووصلت سبعة آلاف و497 جريمة عام 2014، وبلغ عدد جرائم السرقة الجنحوية المرتكبة في عام 2015 حتى أيلول الماضي خمسة آلاف و212 جريمة اكتشف منها أربعة آلاف و558 جريمة، ليكون مجموع جرائم السرقة الجنحوية 42ألف و343 جريمة، وبلغ مجموع السرقات الجنحوية والجنائية 71 ألفا و437 جريمة.
وتعتبر جرائم السرقة الجنائية بأنها اشد انواع الجرائم وتصل العقوبة فيها الى الاعدام والمؤبد أما جرائم السرقة الجنحوية فتكون العقوبات فيها أخف من عقوبات الجرائم الجنائية.
«كاتبة التحقيق» قابلت عددا من اللصوص الذين أنهوا محكوميتهم بجرائم سرقة، ويقول اللص (ط، ر) 26 عاما إن: معظم سرقاته كانت تتم في الظهيرة بعد التأكد من خلو المنازل من أهلها بسبب ذهاب الآباء الى العمل والأبناء إلى المدارس.
ويشير إلى أنه إمتهن السرقة وعمره 13 عاما، : «فقد تعلمتها من رجل يبلغ عمره 36 عاما»، ويضيف «كان يرسلني الى الأحياء السكنية الهادئة غير المكتظة وذات البناء الفخم لمعرفة الوقت المناسب لسرقة البيوت».
ويقول: «قمت بسرقة منازل خمس مرات ومرتين نشل، وألقي القبض عليّ خلال سرقتي لأحد المنازل من خلال إبلاغ المجاورين للشرطة خلال تنفيذي عملية السرقة، ولم يكن عمري يتجاوز سبعة عشر عاما وحكم القاضي بسجني مدة عام لأنه اعتبرني حدثا».
إلا أن سرقة المنازل تتعدى أيضا الى سرقة السيارات، فعندما أراد وائل الذهاب إلى محله التجاري وسط البلد صباحا لبدء عمله، لم يجد سيارته في مكانها قرب منزله في منطقة تلاع علي، فأدرك أنها سرقت، إلا أن السيارة لم تضبط للآن، «وما يزال الجناة مجهولين رغم مرور ستة شهور على سرقتها».
وتظهر إحصائيات الأمن العام أنه تزايدت سرقة السيارات في الفترة الممتدة من 2010 -2013. وبحسب الاحصائيات فإن جرائم سرقة السيارات بلغت ألفين و589 جريمة عام 2010 وأربعة آلاف و348 جريمة عام 2011 وبلغت أربعة آلاف و908 جريمة عام 2012 وبلغت خمسة آلاف و39 جريمة عام 2013.
غير أن سرقة السيارات تراجعت في عام 2014 لتصبح ثلاثة آلاف و341 جريمة عام 2014، لتصل في مجموعها الكلي خلال خمس سنوات إلى 20 ألف و225 جريمة، ويعزو ذلك مراقبون إلى تشديد العقوبات والدوريات المستمرة في الشوراع لقوات الأمن، فقد غلظت العقوبات فأصبحت تصل إلى الحبس خمس سنوات.
قتل بدافع السرقة
غير أن السرقة قد تقود إلى القتل وبخاصة إذا اكتشف أصحاب المنزل وجود سارق، وهو ما يؤدي إلى اشتباك معه قد يؤدي إلى جريمة قتل غالبا ما يرتكبها السارق خلال محاولة النجاة بنفسه أو الحصول على الأموال والمجوهرات عنوة، ولم تتمكن كاتبة التحقيق من الحصول على أعداد جرائم القتل بدافع السرقة من الجهات ذات العلاقة.
ويقول (حـامد، ع 28عاما) أن: «الجاني قتل والدي اثناء محاولته سرقة المنزل، حيث دخل الجاني في ساعة متأخرة إلى المنزل وكان أبي وحيدا لأنني اعمل بالسعودية وامي توفيت منذ زمن».
ويلفت إلى أنه: «ألقي القبض على الجاني وحكم عليه بالسجن 15 عاما بتهمة القتل غير العمد»، مطالبا بتشديد العقوبة في القانون لتصل إلى الاعدام شنقا من مبدأ تطبيق العين بالعين والسن بالسن، وبخاصة أن المجرم سرق وأخاف وقتل.
ويبين أن: «الجاني قتل والدي بموس بعد مقاومة شديدة وهذا ما خلف لدي ألما نفسيا كبيرا لأني تركت والدي وحيدا من أجل العمل».
تروي (حنان، ع 33عاما) بأنها تعاني مشكلة كبيرة، فهي تسرق: «الملاعق من المطاعم وكذلك الحال لأدوات التجميل من الصالونات بالرغم من أنني لست بحاجة إليها ولدي القدرة الشرائية لتلك الحاجيات»، وتضيف «تفاجأ زوجي من تصرفاتي لكني اخبرته بأني أعاني منذ طفولتي مرضا نفسيا فتفهم الأمر واصطحبني الى طبيب نفسي وأنا الان أتعالج».
شبكات التواصل
وتروي (سوار، و) بعد عودتها وأسرتها من رحلة الى العقبة خلال عطلة نهاية الاسبوع:»تفاجأت بسرقة مجوهراتي وأموال لزوجي وأجهزة إلكترونية من منزلي».وتضيف «لا أحد يستطيع وصف الإحساس الذي يشعر به الضحية جراء تعرض منزله للسرقة، إلا من جرب ذلك، فمجوهراتي هي كل ما أملك وكنت أحتفظ بها لتعليم ابنائي».
وتتابع «بعد اخبار الجهات المعنية تبين بالتحقيق بأنني كنت السبب، وذلك لنشري على صفحتي في «الفيس بوك» موعد ذهابي برفقة زوجي وأبنائي الى العقبة فاستغل اللصوص فترة غيابنا عن البيت وقاموا بسرقته، وهم مطمئنون بأن المنزل خال».
وتدعو المواطنين إلى: «عدم الكتابة على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي حول تحركاتهم، لأن هناك من يستغل تلك المعلومات لغايات سرقة المنازل فاللصوص يتبعون طرقا عديدة للتأكد من خلو المنزل من أهله لسرقته».
ودعت «إلى عدم ترك الأشياء الثمينة في المنزل، ووضع أجهزة الإنذار لضمان عدم وقوع مثل هذه الحوادث، وإنارة جزء من المنزل للدلالة على عدم خلوه من ساكنيه».
سرقة الأحداث
هناك محترفو سرقة بالغون يدفعون الاحداث الى الجريمة بسبب فقرهم ومحدودية العقوبة المترتبةعليهم، ويستغلونهم حيث يقومون بتدريبهم على احتراف السرقة.
وبحسب احصائيات الامن العام (لسرقة الأحداث)فإنه: «بلغت السرقة الجنائية 567 حالة عام 2013 وبلغت 542عام 2014»، فيما بلغت السرقة الجنحوية للاحداث 804 حالة عام 2013 وبلغت 925 في عام 2014»، لتشكل في مجموعها ألفان و838 سرقة.
ويعتقد اللص المحترف أنه يستطيع التحايل على القانون، فهو يبحث دوما عن مخرج للتملص من العقوبة، فقد يختار طفلا، أو رجلا بسيطا لتنفيذ السرقه ثم يتركه لمواجهة مصيره في حال ألقي القبض عليه، بينما يجني المال إذا تمكن الأخير من تنفيذ السرقة بنجاح».
يقول اللص (ج، ر) ان: «اللص يتمتع بذكاء يمكنه من التهرب من العقوبة القانونية لانه دائما يجد مخرجا من القانون نفسه، مبينا أنه: «يستغل احداثا لارتكاب جرائم السرقة، وخصوصا اذا كان الفعل الذي يقوم به يؤدي الى جناية (سرقة المنازل ) لأن العقوبة تكون اقل في حال القاء القبض عليه لان عقوبة الحدث اقل بكثير».
ويوضح بأني: «أقوم بإغراء الحدث بإعطائه (عربونا ماليا) قبل اتمام الجريمة»، مشيرا إلى أن: «الاحداث في حال قبض عليهم نتخلى عنهم لعدم وجود ادلة من الحدث بأننا متورطين معه».
يقول الحدث (ش، ح 17 عاما ) انه من اسرة فقيرة: «وكانت والدتي مصابة بالسرطان وكنت اذهب لبيع الخضار بالسوق (كأجير) وتعرف علي رجل احترف السرقة واقنعني بإحترافها، بإغرائي بأني سأجني منها كثيرا من المال سيقود إلى تحسين الوضع المالي لأسرتي».
ويتابع: «احترفت السرقة ونجحت في اختراق البيوت وتحسنت الأوضاع المالية لأسرتي الا انه ألقي القبض علي متلبسا اثناء تواجدي في منزل للسرقة»، مضيفا: «حكم علي القاضي عاما، وتخلى عني الرجل الذي علمني السرقة واكتشفت انه كان يستغل فقري وصغر سني».
ويقول المحامي المتخصص بقضايا الجنايات محمد الرواشدة إنه: «يحاكم الأحداث بناءعلى قانون الأحداث لعام 2014، حيث أوجب القانون تقديم المساعدة القانونية للحدث أثناء مروره بجميع مراحل المحاكمة، ووسع القانون دائرة نهج العدالة الإصلاحية المتمثل بالتحول نحو ما يعرف بالعقوبات البديلة، والتي يمكن للجهات المتعاملة بقضايا الأحداث اللجوء إليها سواء ضابطة عدلية، أو مدعين عامين أو قضاة».
ويبين أن: «من ابرز التعديلات رفع سن المساءلة الجنائية إلى12 سنة بدلا من سبع سنوات بحيث يعامل كل من قل عمره عن 18 عاما شمسية معاملة الأحداث».
وتزداد ظاهرة النشل في الأماكن المزدحمة والأسواق العامة، وفي بعض الأحيان يحتفظ أشخاص بمبالغ مالية كبيرة وبخاصة النساء لامكانية وضعها في حقيبة اليد. ومن الملاحظ أرتفاع جرائم السرقة «بالأخذ والنشل «في عام 2015 إلى 423 جريمة في حين كانت في العام الذي سبقه 238 جريمة.
تقول احدى السيدات» أنه: «أثناء تواجدي في إحدى المولات تم نشل مبلغ خمسة آلاف دينار مني، وبعد مدة أبلغتني الجهات المعنية بإلقاء القبض على المجرم، وعلمت لاحقا بأنه اعترف بإرتكاب جرائم نشل عديدة».
ثغرات قانونية
عدد من المواطنيين أبدوا تذمرهم من إطلاق سراح بعض اللصوص أحيانا بكفالات رغم ضلوعهم في جرم السرقة.
ويقول المواطن (أ.ع ) يقطن عين الباشا إنني ألقيت القبض على لص «ثمل أثناء محاولته سرقة بيتي، وقمت بتسليمه للجهات الأمنية التي قامت بترحيله إلى القضاء، إلا أنه جرى إطلاق سراحه بعد أيام من القبض عليه»، مطالبا: «بتشديد العقوبات وعدم الاسراع بتكفيل اللصوص استنادا إلى التشكيك بالجرم أو بإجراءات التحقيق والقبض على اللص أو استغلال أية ثغرات قانونية أخرى».
ويلفت إلى أنني:»فوجئت بعد أيام بأن اللص الذي اطلق سراحه قام بطعن سبعيني في صويلح، وقتله»، معتبرا أن: «عدم التشدد مع أصحاب السوابق الجرمية يزيد من استهتارهذه الفئة المجرمة ويجعل المواطن ضحية هؤلاء، ويقع فريسة لليأس عندما يشاهد لصا وصاحب سوابق يغيب أياما معدودات في السجن أو أشهرا ثم يطلق سراحه». ويدعو إلى: «تغليظ العقوبات بحق أصحاب السوابق الجرمية بخلاف الأشخاص الذين يرتكبون جريمة السرقة لمرة أو مرتين طيلة حياتهم».
ويبين مصدر قضائي رفض ذكر اسمه ان:» هناك كثيرا من اللصوص يتم اطلاق سراحهم اثناء المحاكمة حتى اصدار الحكم بالحبس ما يؤدي الى اعطاء اللص فرصة أخرى لاستكمال عمليات السرقة وخصوصا انه يعلم انه في النهاية بأنه ينتظر حكم الحبس وهذا يؤدي الى عدم استقرار الامن الاجتماعي».
ويشير المصدر ذاته إلى أن: «هناك ضغطا هائلا على بعض المدعين العامين بسبب كثرة القضايا»، مطالبا: «بزيادة عدد المدعين العامين والقضاة حتى يتنسى لهم اتخاذ الاجراء المناسب بحق اللصوص».
ويدعو الى: «ضرورة اعادة النظر بالكفالات القانونية بحيث يبقى اللص موقوفا الى حين اصدار الحكم النهائي، فضلا عن تنفيذ الاقامة الجبرية بحقه وخصوصا ان معظم موقعي الاقامة الجبرية لديهم قيود متكررة، والمطلوب تشديد العقوبات على ارض الواقع لتشكل رادعا حقيقيا لهم من أجل الحفاظ على المصلحة العامة».
ويطالب المصدر القضائي ذاته: «بتعديل القانون فيما يتعلق بدمج العقوبات لانه أسهم في ازدياد نسبة جرائم السرقة في الاردن، فالدمج يساعد اللص على ارتكاب جرائم اكثر، وذلك لأن اللص يعلم جيدا انه مهما ارتكب من جرائم فإنه سينفذ بحقه في النهاية العقوبة الاشد».
ويدعو: «ديوان التشريع إلى أعادة النظر بالنص القانوني الذي يتعلق بدمج القضايا ومحاسبة المجرم على كل جريمة يقترفها بحق المجتمع وهذا يساهم بالحد من جرائم السرقة».
ويقول أحد أفراد البحث الجنائي -رفض ذكر اسمه- إن: «مدة التوقيف غير كافية نهائيا، فهي قصيرة جدا ذلك أن بعض اللصوص يكون قد قام بسرقات عديدة قد تصل إلى عشرة أو اكثر، وبالتالي فإن الوقت المتاح للتحقيق معه عن كل هذه الجرائم، وأخذه لتمثيل الجريمة في البيت الذي سرقه غير كاف»، مشددا:»إننا لا ندون اعترافات أي شخص تحت الاكراه فنحن ملتزمون بالقانون».
ويطالب: «بتمديد فترة التوقيف للمشتبه به وبخاصة أصحاب السوابق لكي يتسنى التحقيق معه حول جميع السرقات التي ارتكبها»، مؤكدا أن: «فرض الاقامة الجبرية على هؤلاء يجنب المجتمع الوقوع ضحية لشرورهم، فالمصلحة العامة أهم من المصلحة الفردية لأصحاب السوابق»، ويقول إن: «الغالبية العظمى ممن يوقعون إقامة جبرية، هم من مكرري الجرائم وليسوا أناساأخطأوا مرة او اثنتين».
حقوق إنسان
ويعلق الدكتور المحامي صخر الخصاونة على مدة التوقيف بقوله «صحيح أن المدة قد لا تكون كافية لإنهاء الشرطة اعمال التحقيق لكنها في المقابل مدة غير قليلة لحجز حرية شخص دون امر قضائي كما ان طول مدة التوقيف تشكل قرينة لانتزاع الاعتراف بالاكراه».
ويدعو إلى: «تطوير عمل أجهزة الشرطة من خلال أدوات التحقيق للحصول على الأدلة الكافية وربطها بطريقة علمية وفنية وقانونية قبل إلقاء القبض على المشتبه به».
ويشير الخصاونة الى ان: «اللجوء الى الحاكم الاداري للتوقيف الاداري او لفرض قيود الاقامة الجبرية ليس حلا ويشكل انتهاكا لحقوق الانسان كما ان الواقع يشير الى ان فرض الاقامة الجبرية وتقييد حرية الاشخاص المفرج عنهم بكفالات يحول دون عملهم كما يشكل فرصة لالتقاء اصحاب السوابق بعضهم ببعض لحضورهم في اوقات محدده الى المركز الأمني ما يعني بقاؤهم في إطار دائرة الاصدقاء نفسها».
ويشير الخصاونة إلى ان: «المدعي العام يعمل بموجب القانون والقاعدة الذهبية حول حقوق المتهم هي أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته والقاء القبض على المشتبه به لا يعني بالضرورة بأنه قام بالفعل».
ويبين بأن: «اسباب عدم فرض عقوبات مشددة او افلات المشتبه بهم من العقاب كثيرة واذكر بعضها، اولا: في كثير من الاحيان عند القاء القبض على اللصوص فإنه لا يتم ضبط المسروقات، و ثانيا: عزوف اصحاب الاموال المسروقة عن متابعة قضاياهم في المحكمة، وغالبا ما يتم اسقاط الحق الشخصي، وأخيرا: تجاوز الشرطة في مدة القاء القبض او عدم انسجام تقارير الكشف والضبوطات مع الاعترافات او الحصول على الادلة والتفتيش دون مذكرات خطية صادرة عن المدعي العام، والقاعدة التي تطبق لدى المحاكم الاحكام الجزائية تبنى على اليقين لا على الشك والتخمين».
ويؤكد الخصاونة أن: «العقوبات الواردة في قانون العقوبات رادعة والإجراءات متفقه مع الدستور الاردني والقواعد الدولية في هذا الشأن، و مع ذلك هناك مشروع معدل لقانون العقوبات وأصول المحاكمات الجزائية سيأخذ بعين الاعتبار التكرار وفرض عقوبات بديلة واعطاء صلاحيات لفرض قيود ورقابة من قبل المدعي وسيدخل استخدام الاسوارة الالكترونية وجميع ما سيرد من تعديلات في تلك القوانين إن حسن تطبيقها ستؤدي حتما الى ضمان عدم افلات اي مجرم من العقوبة».
ويبين المحامي الرواشدة أن: «عقوبة سرقة المنازل بناء على المادة 404 من قانون العقوبات المعاقبة بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن أربع سنوات على السرقات التي تحصل في أماكن مقفلة مصانة بالجدران مأهولة كانت أو غير مأهولة، متصلة بمكان مأهول أو غير متصلة وذلك بنقب حائطها او بتسلقه او بكسر بابها او شباكها او بفتحهما بآلة مخصوصة او باستعمال مفاتيح مصطنعة، أوبكسر أبواب الغرف او الصناديق الحديدية او الخزائن المقفلة الموجودة في مكان مأهول او غير مأهول، او فتحها بآلة مخصوصة او مفتاح مصطنع ولو لم يتصل اليها بنقب حائط او بتسلق او بفتح الأقفال بآلة مخصوصة او مفتاح مصطنع».
ويقول مدعي عام رفض ذكر اسمه إن: «التحقيق الشرطي الأولي يكون سريا من دون حضور المحامي، واذا كان التحقيق في جريمة كبيرة او المشتبه به خطير وعليه سوابق قضائية يتم جلبه الى الحاكم الاداري استنادا الى قانون منع الجرائم فيقوم بتوقيفه اكثر من 24 ساعة ويمكن توقيفه اسبوعااو اكثر ويعاد الى المركز الامني او المديرية الشرطة لاستمرار التحقيق بما يعرف بتوسيع التحقيق».
ويشير إلى أنه: «للمدعي العام صلاحية توقيف المتهم ستة أشهر بقرار من المحكمة وذلك حسب جسامة الجرم»، ويشدد على أنه: «يجوز لأي اطراف الدعوى اذا رأى قرار المدعي العام جاء مجحفا سواء بالتوقيف او ترك المتهم حرا من دون توقيف او اخلاء سبيل بالكفالة كتابة استدعاء للنائب العام للنظر في قرار المدعي العام».
عقوبات رادعة
يقول اللص (د، ث) انني: «استفدت من عقوبة دمج العقوبات، لذلك كنت اقوم بجرائم سرقة متعددة في فترات متقاربة حتى تم القبض علي بعد ارتكابي جرائم سرقة كثيرة، وتم الحكم علي بسبع سنوات فقط بعد دمج العقوبات».
ويبين الباحث والمستشار القانوني الدكتور المحامي عاكف المعايطة أن: «قانون العقوبات فرّق بين جرائم السرقة بحيث شدد العقوبة في حالات معينة مثل السرقة ليلاً او الخلع والكسر وتسلق الجدران وخلاف ذلك».
ويضيف: «كان الهدف من ذلك تشديد الحماية للمواطن لأنه قد يحتاط لحماية نفسه وإغلاق متجره او بيته ولكن ان كانت الجريمة وقعت باستخدام ادوات الكسر او الخلع فقد شدد القانون العقوبة، لذلك اجد ان القانون لاشك عالج موضوع حماية الافراد والمجتمع من خلال تصنيف العقوبات».
ويقول المعايطة بخصوص دمج العقوبات فإن: «بعض الدول أخذت بمبداْ الدمج، ولكن بعض الدول لديها مبدأ الجمع، وأعتقد ان موضوع الدمج هو بحد ذاته قد يكون سبب تهرب بعض الاشخاص من تنفيذ العقوبات حتى يستطيع الدمج»، ويشدد: «أنا شخصيا مع عدم إفلات المجرم من العقاب ووبموضوع الدمج هو يفلت من بعض الاحكام بل ويشجعه ذلك على اعادة ارتكاب الجرائم».
آثار نفسية
ولا ينحصر الأثر لجرائم السرقات في الخسائر المالية، بل يتعداه إلى الآثار النفسية لدى الضحايا وبخاصة النساء والأطفال لعدم شعورهم بالأمان والاطمئنان في المنزل وبخاصة عندما يكونون لوحدهم فيه، وتبدأ الآثار تظهر على هؤلاء من مجرد اكتشافهم ان لصا دخل المنزل بغض النظر عن قيمة المسروقات المالية.
اللص ( ع، ب ) لم يحالفه اللحظ في اكمال سرقة منزل عائلة (ج، أ) لرجوع الأخير فجأة الى المنزل لاستقبال أخيه، ليفاجأ باللص الذي كان يقوم بنقل الأغراض الى خارج المنزل».
ويقول»ج «هرب اللص بعيدا بعد رؤيته لسيارتي، ولحسن الحظ لم يتمكن من سرقة الاجهزة الكهربائية واثاث المنزل في حين أنه تمكن من سرقة مبلغ مالي بسيط».
ويتابع «الأذى النفسي لعائلتي كان كبيرا، اذ أصبح الخوف والرعب يلازم زوجتي وأولادي لشهور عديدة وما يزال، وهو ما دفعني إلى تركيب أنظمة حماية الكترونية لمنزلي وكلفتني آلاف الدنانير»، متسائلا: «من يدفع ثمن الأضرار النفسية على أطفالي ؟ من يدفع ثمن اجهزة المراقبة الالكترونية».
ويقول المحامي المعايطة إن:»موضوع الآثار النفسية على الافراد الذين تمت سرقتهم يختلف من حالة لأخرى من حيث استعداد الشخص النفسي وقدرته على معالجة الاحداث، فمثلا بعض السيدات قد يشكل لها جريمة السرقة من بيتها الخوف من التواجد في البيت لوحدها».
ويضيف «عرفت حالة بحكم عملي بأن سيدة سرقت حقيبتها وكان فيها مصاغ ذهبي وترك هذا الفعل لديها خوفا حال دون إمساكها حتى لوكانت في مكان آمن، وهذا اثر نفسيا وسلوكيا والأطباء يعلمون حقيقة الأمر اكثر مني».
وتدعو مديرية الامن العام إلى اتخاذ كافة اجراءات السلامه والحماية المادية اللازمة لمنازلهم وعدم الاحتفاظ بأي مبالغ مالية كبيرةاو مصاغا ذهبيا زائدا عن الحاجه داخل منازلهم أثناء خروجهم منها لفترات طويله، والتأكد من تشغيل أشخاص موثوق فيهم كخدم وحراس وعدم اطلاعهم على مقتنياتهم الثمينة واماكن اخفائها وضرروة ابلاغ ادارة البحث الجنائي عن اي اشخاص او مركبات مشبوهة يتم مشاهدتها من قبلهم حفاظاً على ممتلكاتهم.
جرائم السرقة في الأردن اصبحت ظاهرة متكررة في ظل وجود ثغرات قانونية يستغلها اللصوص في تكرار جرائم السرقة، لذا فإن تغليظ العقوبات قد يسهم في ردع اللصوص والتقليل من أعدادهم او على الأقل يشعر الضحايا بأن اللصوص نالوا ما يستحقون من عقاب مشدد في مقابل ما سببوه لهم من آلام نفسية وخسائر مالية وربما تصل نتائج أفعالهم إلى خسارة الأرواح.