تعميمات حظر النشر بالقضايا الجدلية لا توقف الجدل حول حرية الإعلام
صنارة نيوز - 2016-03-09 08:22:15عمّان- تثير التعميمات التي تحظر نشر أخبار تتسم بالطابع الأمني، إلى حين "انتهاء مجريات التحقيق"، تساؤلات في الوسط الإعلامي، عمّا إذا كانت هذه التعميمات تخدم بالمحصلة المصلحة العامة، أم أن استمرار إصدارها "يشي بتقييد حرية الإعلام".
وتتباين آراء مختصين في أحاديث مع "الغد" عن موقفهم من هذه التعميمات، إلا أن غالبيتها نحت باتجاه أن "إصدار هكذا تعميمات لم يظهر من فراغ، بل جراء إخفاقات مارستها بعض وسائل الإعلام في نشر معلومات مغلوطة وغير دقيقة ببعض القضايا الأمنية، فضلا عن توسع شبكات التواصل الاجتماعي، التي يرتفع فيها منسوب الإشاعات".
ومن أبرز التعميمات التي صدرت بحظر النشر الى حين انتهاء التحقيقات، حادثة اختطاف الشهيد الطيار معاذ الكساسبة من قبل عصابة "داعش" الإرهابية، حيث جاء الحظر قبل استشهاده، في ضوء ما نشرته بعض شبكات التواصل ووسائل إعلام ومواقع إخبارية من أخبار عارية عن الصحة، حول ظروف اختطاف الكساسبة، وإشاعات عن "مساومات للإفراج عنه مقابل إرهابيين معتقلين في الأردن".
فيما طالت تعميمات الحظر ايضا قضية "انتحار الشقيقتين ثريا وجمانة السلطي"، التي أثارت تفاعلا وجدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام قبل اشهر.
فيما أعاد الجدل حول قضية حظر النشر الاعلامي صدور تعميم قضائي، يحظر نشر أي أخبار تتعلق بمداهمات إربد الأخيرة، التي أسفرت عن استشهاد الرائد راشد الزيود، ومقتل سبعة من الإرهابيين، واعتقال 13 من الخلية الإرهابية ذاتها.
وبحسب رأي وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال السابق الدكتور نبيل الشريف، فإن صدور هذه التعميمات "يخدم التحقيقات في قضايا تشغل الرأي العام"، قائلا إن "من الواضح أن الجهات الأمنية ارتأت أن حظر النشر يحمي الأدلة ويحافظ على سرية وسلامة التحقيقات الجارية، بمعنى أنها تخدم المصلحة العامة".
واعتبر الشريف أن "خدمة المصلحة العامة لا تتعارض مع حق الحصول على المعلومات، بل إن هذه المصلحة تتقدم على المعرفة في الظروف الطارئة".
وأشار إلى أن "كثيرا من الأحداث التي شغلت الرأي العام الأردني تبعها تداول لمعلومات غير صحيحة ونشر إشاعات، إضافة الى نشر أخبار مدسوسة، الأمر الذي سبب إرباكا في سيل المعلومات التي يجب أن تتدفق للمواطن"، موضحا أن "المصلحة العامة تعني أن تكون هناك مسؤولية مشتركة، ولو كانت هناك سياسة انضباط في نشر المعلومات لما خرجت تعميمات تحظر النشر" على حد رأيه.
ومن وجهة نظر عميد كلية الإعلام في جامعة البتراء الدكتور تيسير أبو عرجة، فإن "من يحدد الصالح العام هي الجهات الأمنية التي لديها اعتبارات بما يتصل بهذا الصالح، ومما لا شك فيه أن القضايا التي يحظر النشر فيها، ذات علاقة بالأمن القومي، وذات أطراف متعددة تأخذ عدة أشكال".
ويضيف أبوعرجة: "ليس في قرارات حظر النشر اجتهاد.. هناك أولويات، والوضع الآن لا يحتمل ترف الجدل"، معتبرا أن "الحرية لا تعني إبداء وجهات نظر من قبل أناس ليس لديهم معلومات دقيقة، وحظر النشر في هكذا قضايا لا يهدد حرية الصحافة والتعبير".
من جانبه، يرى نقيب الصحفيين الزميل طارق المومني أنه "يجب عدم التوسع في مثل هذه التعاميم، التي يخشى أن تؤدي إلى تقييد لحرية الصحافة والإعلام".
ويستدرك المومني: "لكن في بعض القضايا، ذات الطابع الأمني، مثل أحداث إربد الأخيرة، لا يوجد ضير في حظر النشر"، مؤكدا أن "حظر النشر لا يعود لإخفاقات بعض وسائل الإعلام فقط، بل من تجاوزات وإشاعات تنشر على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية"، ويدلل على ذلك بنشر خبر "ذيوع خبر استشهاد الرائد راشد الزيود قبل إبلاغ أهله رسميا بذلك".
ويضيف: "هنا تستدعي هذه التعميمات الدعوة إلى ضرورة توعية الناس ووسائل الإعلام، وحثها على النظر في أبعاد القضايا التي ينشرون عنها".
في المقابل، يختلف الخبير الإعلامي الدكتور يونس عرب مع الآراء السابقة، حيث يرى أن حظر النشر هو "اعتداء صارخ على حرية الإعلام وحق المواطن في المعرفة".
ويشير عرب الى أنه "في الدول الديمقراطية لا يتم حظر النشر حتى لو كانت هناك قضايا خطيرة، وكثيرا ما تكون أخطر من القضايا التي تحدث في الأردن"، مستشهدا بألمانيا وجنوب أفريقيا، حيث لم تشهدا حظرا للنشر قط رغم حساسية القضايا التي حدثت فيهما مثل العنصرية والفساد والاغتيالات.
ويضيف: "النشر هو جزء من حق دستوري مكفول، وأي قيد عليه هو اعتداء على الدستور، صحيح أن بعض القضايا الأمنية تتطلب نوعا من السرية، خاصة التي تكون في إطار التحقيقات، لكن هذا لا يعني ممارسة تقييد حرية الإعلام".