لم نسمع من مؤتمر لندن للمانحين عن المبلغ المخصص للأردن ، ولكن وزير التخطيط يقول أنه 700 مليون دولار سنوياً لمدة ثلاث سنوات ، ولا نعرف هل هذه معلومات الوزير أم توقعاته حتى لا نقول تمنياته.
وزير التخطيط حمل إلينا بشارة أخرى: البنك الدولي سيقدم لنا قروضاً (ميسرة!) بمبلغ 7ر5 مليار دولار خلال السنوات المقبلة حيث سنعيش على حساب البنك الدولي!.
لماذا يتطوع البنك الدولي بإقراضنا هذه المبالغ الكبيرة المؤجل تنفيذها للسنوات المقبلة؟ الجواب لكي نبقي حدودنا مفتوحة للجوء السوري كي لا يتوجه إلى الغرب.
وزير(التخطيط) مطالب بأن يوضح لنا (الخطة) التي رسمتها وزارته والجدول الزمني لتسديد 7ر5 مليار دولار وفوائدها ، كيف ومتى سيكون في الموازنة العامة فوائض لخدمة هذه القروض؟ حتى الرؤية العشرية لا تقول بهذا بل تدعو لتخفيض المديونية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
كنا نتمنى أن نرى بياناً أو تصريحاً صادراً عن مؤتمر لندن يذكر فيه المبالغ المخصصة للأردن ومواعيد دفعها ، وكيفية توزيعها على الدول المانحة كي تتم مراجعتها إذا لم تحول المبالغ المرصودة من تلقاء نفسها ، كما هو متوقع.
وإذا كان مؤتمر لندن سيدفع 60% من المبالغ المخصصة في السنة الأولى ، ثم 20% في كل من السنة الثانية والثالثة ، فكيف ستكون حصص الأردن السنوية متساوية ، أم أنها سوف تتناقص سنة بعد أخرى.
المساعدات المالية الدولية سوف تتناقص عاماً بعد آخر ، فيما إذا تم الالتزام بها ، ولكن أعداد اللاجئين ستظل في تصاعد عاماً بعد آخر ، فكيف يمكن مواجهة هذه المعادلة الصعبة. وهل ترك الحبل على الغارب هو الجواب؟.
مؤتمر لندن للمانحين قد لا يتكرر ، والجهد الاستثنائي الذي قام به جلالة الملك لمخاطبة العالم لا يقبل المزيد ، والحصيلة أن الحد الأقصى لما تستطيع الدول المانحة تقديمه هو إسهام جزئي مؤقت ريثما يتم ابتلاع الطعم وتثبيط عزيمة الأردن على اتخاذ القرارات اللازمة ليس لحماية مصالحه وأمنه فقط بل لحماية وجوده أيضاً.
اللهجة الشديدة التي تكلم بها الملك يجب أن تدفع الحكومة للتخلي عن سياسة التساهل التي مارستها حتى الآن وأوصلت الحالة إلى ما وصلت إليه.
رد على مقالة د. فهد الفانك
ورد الى (الرأي) الرد التالي من الصناعي د.اياد أبو حلتم , على مقال د. فهد الفانك المنشور في جريدة الرأي يوم السبت الماضي.
تالياً نص الرد:
نعم لاقتصاد تقوده الصناعة
نتفق مع بعض الكتابات التي تشير الى أهمية قطاع الخدمات في تركيبة الناتج الاجمالي القومي، وأهمية قطاعات مثل السياحة والتأمين وتكنولوجيا المعلومات في المساهمة في معدلات النمو في الاقتصاد الاردني، ولكن ما نختلف معه بشده هذه الكتابات والآراء التي تقلل من أهمية الصناعة ودورها في الاقتصاد، أو تشير بشكل خاطئ الى تراجع ادائها الاقتصادي وربط هذا التراجع بالتركيبة البنيوية للصناعة وليس بالظروف الاقليمية، ولكن ما تم اغفاله (أرجو عن حسن نوايا) أن العلاقة السببية مع القطاع الصناعي واضحة وثابتة بمعنى أن هذه القطاعات ما كانت لتنمو بهذه النسب لولا النمو في القطاع الصناعي ونضجه واسهامه الواضح في نقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى أن المساهمة المباشرة وغير المباشرة للقطاع الصناعي تصل إلى مايزيد قليلاُ عن 40% من الناتج المحلي الاجمالي.
وقبل الخوض في تفاصيل الأرقام والاحصاءات التي تدعم دقة وقوة طرحنا هذا، أرجو أن أُبين للكاتب الكبير الذي يحترم، أن مستورداتنا من النفط ومشتقاته تشكل حوالي 18.2% من إجمالي المستوردات والتي بلغت حوالي 17.6 مليار دولار خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام 2015، كما أن مستورداتنا من المعدات والآلآت والأجهزة المختلفة التي لا نصنعها في بلد محدود الموارد مثل الأردن تشكل ما نسبته 22.8% من إجمالي المستوردات.
وبنظره سريعه على بعض الأرقام والاحصاءات الاقتصادية، بلغ معدل نمو الاقتصاد الاردني بالأسعار ثابتة خلال الثلاثة أرباع الاولى من عام 2015 ما نسبته 2.3%، حيث شكلت مساهمة القطاع الصناعي في معدل النمو ما يزيد عن 0.49 نقطة مئوية، وهي تنسجم مع نسبة مساهمة القطاع الصناعي في الاقتصاد الأردني البالغة ما نسبته 24%.
كما وأن القيمة المضافة للصناعة الوطنية بلغت 4144 مليون دينار، وإنها لشهادة محط احترام وتقدير أن يشير تقرير التنافسية العالمي GCR (2013-2014) الصادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي إلى أن قطاع الصناعات التحويلية حل في المرتبة الثانية من ضمن 19 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث القيمة المضافة متقدمتاً على دول كتركيا وتونس، ولعل ما يدلل على الدور الحيوي للقطاع الصناعي في نمو القطاعات الخدمية الاخرى، مثل قطاع البنوك مثلاً هو أن التسهيلات الممنوحة للقطاع الصناعي تبلغ 2.4 مليار دينار أي ما نسبته 11% من اجمالي التسهيلات، وبلغ حجم تداول المؤسسات الصناعية في السوق المالي 347 مليون دينار لأول 11 شهرا من عام 2015 وهو انعكاس للوضع الاقتصادي، وأن أكثر من 60% من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة (FDI) كانت في الاستثمار الصناعي.
ناهيك عن قدرة القطاع الصناعي على خلق فرص العمل، حيث أنه قد يكون صحيحاً ما أشار له الكاتب الكريم من أن كلفة خلق فرصة عمل في قطاع الخدمات أقل منها في الصناعة، متناسياً من غير قصد طبعاً مما أشارت له تقارير دائرة الإحصاءات العامة من قدرة القطاع الصناعي على خلق فرص عمل بعد قطاعي الصحة والتعليم الحكومي، حيث أشار تقرير فرص العمل المستحدثة الأخيرة أن القطاع الصناعي قد خلق أكثر من 11 ألف فرص عمل خلال العام 2013، كما ولابد من الإشارة إلى أن متوسط عدد العاملين في المنشأة الصناعية الواحدة يبلغ حوالي 13 عاملا، حيث يبلغ عدد المنشآت الصناعية 17 ألف منشأة تقريباً، في حين أن بقية المنشآت الإقتصادية والبالغ عددها حوالي 145 ألف منشأة يبلغ متوسط عدد العمال للمنشأة الواحدة خلالها 3 عمال فقط.
كل هذا يدلل على أن الاقتصاد الأردني عموده الفقري هو الصناعة، وليس من الدقة عمل مقارنة قطاعية مع الاقتصاد الامريكي للاختلاف الجوهري والبنيوي ما بين الاقتصادين.
وليس أدل على ذلك من تميز المنتجات الأردنية في اختراق أكثر من مئة سوق غير تقليدية حول العالم و أن الصناعة الأردنية في نمو وتطور سريعين وليس في تراجع كما زعم، ووفقاً لما أشار له الأستاذ الفانك في مقاله المشار إليه أن مساهمة قطاع الخدمات هي 67% متجاوزاً حقيقة أن جزءا كبيرا من هذه الخدمات هي خدمات ينتجها ويقدمها القطاع العام خصوصاً في مجالات الصحة والتعليم.
ولعلي أختم بأن أهم ما يميز صناعتنا الأردنية هو مساهمتها الكبيرة في منظومة الأمن الاجتماعي حيث أن هذا القطاع الحيوي يعتمد في معظم رأسماله البشري على تشغيل وتمكين أبناء الطبقات المحرومة والفقيره والوسطى الدنيا، حيث يعيل مياشرة ما يزيد عن مليون مواطن أردني.
فلندعم صناعتنا الوطنية لتكون الجواد الذي يجر عربة الاقتصاد الاردني.