في بلد محدود الموارد كالأردن،  تحصل فيه العائلة على دخل معفى من الضريبة لغاية 28 ألف دينار سنوياً،  أو 2333 دينارا شهرياً،  لا تبقى حاجة لأي إعفاء آخر،  لأن الضريبة بعد هذا الحد لا تمس الضروريات وتسمح بقدر كبير من الكماليات.
حتى بعد هذا الدخل الكبير المعفى فإن الضريبة لن تأخذ مما زاد عنه سوى نسبة بسيطة حدها الأقصى متدن ٍ،  ولذا فإن أي إعفاء إضافي للدخل أو الربح،  لأي سبب من الأسباب،  يقع في باب لزوم ما لا يلزم،  أو شراء شعبية على حساب المصلحة العامة التي تمثلها خزينة تشكو من العجز.
خلال الشهر الأول من هذه السنة أعلنت الحكومة عن جملة من الإعفاءات غير المبررة تحت اسم حوافز وتشجيع وتنمية ودعم. وأصبحنا نتحدث عن نسب ضريبية تتراوح بين صفر (إعفاء كامل) أو 5%،  وتخفيض الالتزام بنسبة عالية لصالح نشاطات معينة أو مواقع جغرافية مختارة.
تعهدت الحكومة بموجب الموازنة التي وضعتها بنفسها بزيادة الإيرادات المحلية بحوالي 500 مليون دينار خلال سنة 2016،  فهل ستأتي هذه الزيادة من سيل الإعفاءات التي لا تخدم غرضاً،  أم أن هناك مصادر جديدة للإيرادات لا تخطر بالبال.
من حق الحكومة ومن واجبها أن تمنح امتيازات وإعفاءات وحوافز لتحقيق أهداف اقتصادية أو اجتماعية،  وهناك وسائل عديدة جداً لعمل هذا،  لكن أسوأ وسيلة هي الإعفاء من ضريبة الدخل بالذات. وحتى إعفاءات قانون تشجيع الاستثمار لم يثبت جدواها.
الإعفاءات تخدم الذين يحققون أرباحاً عالية فتعفيهم الحكومة من الواجب الوطني لتمويل الخزينة،  أما الذين يتعرضون للمخاطر والمخاسر ويستحقون الدعم فلا يستفيدون من الإعفاء فليست هناك أرباح لتستفيد من الإعفاء،  أو أن هناك أرباحاً شحيحة بحيث يقتصر الإعفاء على مبلغ رمزي لا يغير الصورة.
الإعفاء من الضريبة يفيد الناجح الذي يحقق أكبر الأرباح ولا يحتاج للدعم والتشجيع،  ولا يفيد المستثمر الذي يكدح من أجل البقاء ولو بتغطية تكاليف الإنتاج.
متخذ القرار السهل بالإعفاءات الضريبية غير الضرورية يعرف أن كل دينار يتنازل عنه يقابله دينار يضاف إلى عجز الموازنة،  وبالتالي إلى المديونية،  أي أنه يمارس السخاء بأموال مقترضة من البنوك.