في البداية أرجو ان أشير الى المستثمرين والذين كان ينصحهم خبراء الاستثمار في الظروف المالية والاقتصادية الاعتيادية بتنويع الاستثمارات من حيث الادوات والأسواق والمناطق الجغرافية والصناعة او العملات او الفترات الزمنية من اجل تخفيض المخاطر من خلال أخذ مراكز في أدوات الدخل الثابت والودائع والنقد والعقارات وصناديق التحوط والسلع وبحيث يكون معامل ارتباط الاداء بين هذه الاستثمارات جميعا عند أدنى نقطة ممكنة أو ربما بالسالب والازمة المالية العالمية التي ضربت القطاعات المالية والعقارية والاقتصادية العالمية عام ٢٠٠٨ كشفت عدم نجاح او مصداقية هذه النظرية مع انهيار اسعار مختلف الاصول الاستثمارية بعد ان لعبت المخاطر المنتظمة دورا مهما في التأثير على المخاطر غير المنتظمة وحيث فشل معامل الارتباط في تخفيض المخاطر نظرا لاعتماده على ارقام تاريخية لا فائدة منها في أوقات الازمات.
وتوقعات تكرار هذه الأزمة خلال هذا العام تؤكد ايضا بطلان نظرية التنويع في هذه الظروف وحيث بدأت تظهر بعض مؤشرات الأزمة من خسائر كبيرة تتعرض لها الاسواق المالية العالمية بعد تراجع كبير في سعر النفط وتراجع كبير في اسعار المواد الأولية والذي عزز من مخاوف المستثمرين تجاه تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في الوقت الذي خفض فيه مصرف سيتي جروب توقعاته حيال نمو الاقتصاد العالمي هذا العام وتزايد مخاطر حدوث ركود عالمي.
والأسواق العالمية شهدت عام ٢٠١٦ أسوأ بداية عام على الإطلاق بحيث خسرت اكثر من أربعة تريليونات دولار من قيمتها خلال اول أسبوعين من العام والمشاعر السلبية لدى المستثمرين تلعب دورا مهما في تراجع سعر النفط وتراجع اسواق الاسهم وارتفاع حصة البيع على المكشوف.
والأسواق عادة ما تعطي مؤشرات أولية على سنة جيدة او صعبة جداً للمستثمرين ووكالة ستاندرد اند بورز ذكرت ان ١١٢ حالة اعسار تعرضت لها سندات للشركات العام الماضي مع خطر ارتفاع كبير في عدد الشركات التي يتوقع ان يتراجع تصنيفها الائتماني هذا العام، وتسيطر حالة من التشاؤم على المستثمرين مع قيام بعض الخبراء بنصيحة عملائهم بالانسحاب من اسواق الاسهم والتوجه الى السندات الحكومية الامنة والمعلوم ان الاسهم الصينية في كل من بورصة شنجهاي وشيزن خسرت ٢٠٪ من قيمتها خلال اول أسبوعين بينما انخفضت المؤشرات المرجعية في كل من الولايات المتحده واليابان وأوروبا بنسبة تصل الى ١٠٪.
واللافت ان بعض الخبراء ينصحون عملاءهم بالاستثمار في الاصول عالية المخاطر من حيث ارتفاع العائد المحتمل تحقيقه مقارنة مع الاستثمار في الاصول الامنة مع اهمية عدم التعرض للأصول ذات درجة الحساسية العليا لاسعار الفائدة.
ورفع ملكيتهم من الاسهم واوراق الدين والأوعية الاستثمارية البديلة يساهم في مواجهة التقلبات السوقية.
والاتحاد الاوروبي يستبعد تكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ حيث ان البنوك المركزيه مازال أمامها الكثير ألذي يمكن ان تفعله لمجابهة تباطؤ الاقتصاد العالمي.
واللافت بالمقابل ان مؤسسات مالية مثل رويال بنك اوف سكوتلاند نصح زبائنه بتحويل أسهمهم الى سيولة توقعا لكارثة قادمة مع العلم ان نسبه هامه من المستثمرين واصحاب المدخرات في الغرب محتارين خلال هذه الفترة في معرفة الوسائل والأدوات التي تحافظ على مدخراتهم من حيث استمرارية بقائها في اسواق الاسهم ام تحويلها الى سيولة ونقد او اي أصول اخرى تكون في متناول اليد عند الحاجة وللحديث بقية.