عدم اليقين والشركات العائلية

صنارة نيوز - 07/03/2024 - 11:22 am  /  الكاتب - رامي خريسات

 

 

في ظل اجواء عدم اليقين، والمخاطر المرتبطة بالتراجع الاقتصادي (أو) الترهل الإداري هناك خيارات للشركة العائلية: اما الاستمرار كما هي. هذا لا يعني بالضرورة الاندثار بل معناه الاستمرار كما هي الأمور ايام الجد والأب. بدواعي الحفاظ على ثقافة وقيم وسيطرة العائلة، والتي تبلى مع الزمن. من عيوب هذا النهج انه قد يحد من فرص التطوير والنمو، ويضعف ملاءة الشركة المالية، ويزيد من صراعات العائلة. وهو ما تثيره بالذات النساء في العائلة، خاصة حين ترغب بعضهن بدفع ابنائهن باتجاه مواقع قيادية دون الاخذ بالاعتبار مدى كفاءتهم، مدفوعات بالعاطفة وبالغيرة بغض النظر عن مصلحة الشركة ولهذا تداعيات خطيرة.

 

 

الخيار الثاني هو السير باتجاه الحوكمة الرشيدة وهو ما يعني شركة ذات استراتيجية قوية، وملاءة مالية عالية، وبعيدة عن التفاعلات السلبية التي تخلقها صلات الدم، فإن تمت الحوكمة تلتها مرحلة التحول لشركة مساهمة فهذا قمة المجد. لكن تبقى التحديات قائمة كشركة مساهمة مدرجة. اهمها التنازل عن الملكية الجزئية من الأسهم، بالإضافة الى تغييرات في النظم الإدارية والممارسات العملية، وتحرر أكبر تجاه حقوق الأقلية من المساهمين، وممارسات الافصاح غير المعتادين عليها، وإدخال غرباء عن العائلة في مجلس الادارة والإدارة التنفيذية. وهو ما يقودنا الى ضرورة استقطاب كفاءات مميزة الى الشركة.

 

من الأمثلة المناسبة هو ذلك التفاعل السلبي في الأسواق المالية المتقدمة بمعنى اتجاه السهم للانخفاض عند تعيين أحد الأقارب في الإدارة التنفيذية العليا! لذلك في الغرب يلجأون الى الحوكمة كأداة فعالة في تحديد مكونات المحفظة الاستثمارية المثالية. حيث يقبل المستثمرون على الشركات المحوكمة مما يجعل أسهمها تتميز بعلاوة سعرية اعلى من غيرها. وتكون تلك العلاوة هي الأعلى على الاطلاق إذا كانت الشركة عائلية مدرجة وذات سيولة وصاحبة حوكمه رشيدة في نفس الوقت.

على كل الاحوال، لا يمكن الاعتماد على نفس الهيكل او نظام الحوكمة العائلي بشكل موحد كما سبق ذكره، بل يمكن توصيفه في ثلاث مراحل: مرحلة المؤسس، مرحلة الاشقاء، ومرحله ابناء العمومة. ولكل منها مستوى خاص من الحوكمة. ولنبدأ بجوانب حوكمة المؤسس، حيث تكون إجراءات الحوكمة غائباً تماماً او ضعيفة وغير مكتوبة ويتم الاعتماد بشكل رئيسي على المؤسسين أكثر من الاعتماد على هيكل الإدارة المؤسسي. بعكس الجوانب الاخرى التي تكون كلها موثقة مثل العمليات اليومية، والامور الفنية وغيرها. لذلك يبرز ضعف التدقيق الداخلي واداره المخاطر، وغياب اي فصل للأصول من الناحية القانونية، فالشركة ملكية مشاع لأفراد العائلة. بجانب منح عقود لشركات مملوكة لأفراد من العائلة دون تنافسية، كما قد تغيب الثقة في الموظفين من خارج العائلة، وللحديث بقية.