التشاركية بين الاحزاب والحكومات

صنارة نيوز - 05/03/2024 - 7:35 pm  /  الكاتب - المحامي عبدالله الصمادي

كتب : المحامي عبد الله الصمادي

مساعد الأمين العام للشؤون القانونية

رئيس فرع عمان ( حزب نماء)

 

تتجلى توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بالوقت الراهن إلى دعوة كافة افراد المجتمع الاردني للمشاركة في العمل السياسي والحزبي , حيث يرى جلالته ان العمل الفردي  لم يعد منتجاً , وأن الوصول لنقلة ديمقراطية نوعية حقيقية لا يمكن الا من خلال العمل الجماعي وتعزيز المشاركة الشعبية بجميع مكوناته بما فيها الشباب والمرأة في صنع القرار , حيث لم يتوانى جلالته عن الدعوة لتأسيس مسيرة تحديث شاملة , ووضع خارطة طريق تكفل العمل الحزبي وتمنع إعاقته أو تعطيله أو مضايقة منتسبيه من أية جهة كانت، طالما أن هذا العمل لا يخرج عن القانون والثوابت الوطنية.

وتلبية لتلك التوجهات الملكية توجه العشرات من النخب الوطنية لتشكيل احزاب سياسيا وصل عددها (٣٣) حزباً سياسياً حتى يومنا هذا و(٤) تستكمل اجراءات تأسيسها , بهدف المشاركة في صنع القرار والسير على خطى واضحة وثابته للوصول الى  قرارات وحكومات برلمانية  حزبية برامجية تلبي تطلعات منتسبيها والشعب الاردني .

ولكن الاسئلة التي يستوجب علينا طرحها في هذه الاونة هل سيتمكن منتسبي الاحزاب الحاليين  ومن خلال برامجهم الحزبية من تلبية الرؤية الملكية المستقبلية والمطالب الشعبية ؟  هل سيتمكنوا من الوصول الى حكومات برلمانية وفق معناها الحقيقي ام انهم سيواجهون العديد من العقبات التي ستقف امام اهدافهم وغاياتهم ؟ هل سيتم التعاطي مع الاستفسارات و/أو التوصيات المقدمة من كافة الاحزاب الغير ممثلة بمجالس الامة بنفس الميزان ام ان الكفة الراجحة ستكون  للاحزاب المتمتعه بمكانة سياسية ولها شعبية مؤثرة على ارض الواقع اكثر من غيرها ؟

وهنا فإننا نؤكد بأن الهدف الرئيسي لاي حزب يتم تأسيسه يستوجب ان يتمثل بالتشاركية والتكامليه وتعزيز العمل المشترك فيما بين الاحزاب والحكومات والعمل على رفعة شأن الوطن وازدهاره , والوصول الى قرارات شعبية فاعلة , فإننا نجد ان الوصول الى تلك النقلة الديمقراطية النوعية تعتمد على محاور اساسية هما :

1. مدى قدرة تلك الاحزاب ومنتسبيها بالتعاطي مع الحكومات وتقديم الاستشارات والدراسات لكافة الوزارات العاملة, وتسليط الضوء على كافة المعوقات التي تؤثر على سير حياة افراد المجتمع,  وايجاد الحلول التي من الممكن ان تساعد بالتخفيف من تلك المعوقات  وتقديمها لاصحاب الاختصاص بالحكومات .

2. دور الحكومات الذي يستوجب عليها بان تتمتع بشكل عام بقابلية واستعداد للتعاطي مع تلك الاستشارات والدراسات المقدمة من الاحزاب  وعدم الالتفات عنها واخذها على محمل الجد .

 

3. مدى قدرة الاحزاب الحالية على التحالف فيما بينها , وتشكيل تحالفات كبيرة تضم اكبر عدد من الاحزاب التي لها تأثير واضح على  ارض الواقع وذلك لغايات تقليص المدة الزمنية اللازمة للوصول الى حكومات برلمانية , نظراً الى ان عدد المقاعد المخصصة للاحزاب بالمجلس القادم لن تمكن المجلس من تشكيل الحكومة بشكل حقيقي.

 

أما فيما يتعلق بوزن تلك الاحزاب ومدى قدرتها على صنع التغيير فاننا هنا نقف امام نوعين من الاحزاب

الاحزاب التي ستنجح بالوصول إلى مجلس الامة ( النواب منها والاعيان ) والتي ستقوم بدورها السياسي من خلال ممثلينها بتلك المجالس الذين سيتمتعون بكافة الحقوق الدستورية المكفولة لهم التشريعية منها والرقابية .

اما الاحزاب التي لن تنجح بالوصول لتلك المجالس فإننا نجد ان دورها السياسي يتمثل من خلال الدوائر والهيئات المختصة بتلك الاحزاب كلاً حسب اختصاصه وذلك من خلال تكثيف لقاءات اعضاء الحزب مع اصحاب القرار وابداء وجهات نظرهم وارائهم واستقبالها بحيادية وايجابية .

حيث أننا نجد ان قوة تلك الاحزاب الحقيقية تكمن من خلال منتسبيهم ومدى قدرتهم القيادية بتوجيه احزابهم نحو اهداف ورؤى واضحة حيث يستوجب عليهم التمتع بقدرة كبيرة على التواصل والتفاوض وفهم القضايا السياسية المختلفة ووضع سياسات تتناسب مع تلك القضايا وفق مبادئ اخلاقية نابعة من حب الوطن والرغبة بإعماره والتخفيف من اعبائه