لا انت راضي...ولا انا راضي..

صنارة نيوز - 2016-10-09 05:05:51

د.صبري الربيحات

لا اجد  وصفا لحال الشارع الاردني في علاقته مع الحكومة وسياساتها افضل من كلمات الاغنية الجميلة التي كتب كلماتها الشاعر اللبناني  مارون كرم وغناها بصوته الخالد الفنان الكبير وديع الصافي والتي تقول " لا أنت راضي ولا أنا راضي... أيام ع بتركض على الفاضي…….  وبيجمدوا الكلمات ع شــــــفافي........ لمن عبالي يخطر الماضي....." وحتى اخر القصيدة.

الشارع الاردني لم يعد مستعدا لتقبل القرارات الحكومية  كما كان يفعل في العقود الماضية.فما ان تتخذ الحكومة قرارا اوتتقدم بمشروع قانون او تجري تعديلا على اي من الانظمة والتعليمات حتى تنطلق قوى المجتمع التقليدية والحداثية, الناشطة منها والهامسة   بطرح عشرات الاسئلة واثارة الشكوك حول مبررات هذه الاجراءات ودوافعها وغاياتها والمستفيدين منها.

العوامل التي اسهمت  في وصول الشارع لما هو عليه تتعلق  بحالة الاحباط الناجمة عن سوء  الاوضاع الاقتصادية وتنامي الدين  العام بالرغم من اعلان الحكومات المتعاقبة  بانها تتبنى برامج تقشفية وتدني  مستوى الخدمات الاساسية المقدمة  للمواطن في ميادين التعليم والصحة والبنى التحتية وتشجيع الاستثمار  والتنمية اضافة الى ضعف ثقة  المواطنين بقدرة النواب على مراقبة الاداء الحكومي وكبح رغبة الحكومات في اللجوء الى زيادة الضرائب ورفع الاسعار واثمان تلقي الخدمات بمتوالية تفوق معدلات الزيادة والتضخم في السوق العالمي والمحلي.

سرعة اتخاذ بعض  القرارات  والاجراءات الحكومية دون  التمهيد لها واعلام واشراك الجهات ذات العلاقة في البحث والتخطيط والتوعية عوامل تغذي  الروايات التي يتبناها المشككون في صحة وسلامة هذه  القرارات والبرامج.

اليوم ينشغل الشارع الاردني بقضية تعديل المناهج  والتي كانت ولا تزال مطلبا لغالبية  المواطنين باعتبارها الطريق الاوحد والاهم لتحسين نوعية التعليم وزيادة قدرة الخريجين على المنافسة في السوق  العالمي. انحسار النقاش حول فيما اذا  قل عدد الايات القرانية والاحاديث  النبوية في المناهج المعدلة واهمال قدرة المناهج الجديدة على الانتقال بالطلبة من  الحالة التي يتمحور فيها التعليم حول عمليات الحفظ والتذكر الى مستويات التحليل والتركيب والنقد والتقييم وبناء مهارات التفكير امر يثير الكثير من التساؤلات حول واقع التعليم وسلامة الاتجاهات والسياسات التي يجري العمل عليها.

الاسئلة المطروحة من قبل الشارع حول تعديل المناهج تحمل رغبة ضمنية في ان لا يحدث اي تعديل, واجابات الحكومة على اسئلة الصحافة واستفسارات المواطنين تقول بان لا تعديلات تذكر على المناهج حيث امضى وزير التربية جل وقت المؤتمر الصحفي وهو يحاول ان يبين ان من قال ان هناك تعديلات على المنهاج قد ارتكب خطأ فلا تعديلات جوهرية عليها والامور كما هي فالايات جرى نقلها من مكان الى اخر والاحاديث النبوية لا تزال موجودة والامثلة التي قيل انها استبدلت لم تستبدل فعلا.

على صعيد اخر يحتل موضوع  استيراد الغاز من اسرائيل اولوية متقدمةعلى اجندة القضايا التي تحرك قوى الشارع الاردني وتدفعه للتعبير  عن معارضته لهذا القرار ويرى الكثيرون ممن يعارضون هذا القرار انه  يشكل تهديدا للامن الوطني  من حيث  انه يتيح لاسرائيل استخدام الغاز وسيلة للضغط مما قد يؤثر على حرية القرارات ويضعف المواقف.

أمام منطق الشارع المنتقد  لهذه السياسات ترى الحكومة نفسها  بانها تقوم بافضل ما يمكن ان تقوم به من اجل المواطن وتعتبر ان الكثير مما يثار من اسئلة على ادائها  اتهامات غير منصفة يقوم بها  بعض الحاسدين والمبغضين , فقد صرح  وزير الاوقاف ان وزارته اجهضت مؤامرة لافشال جهودهم في خدمة الحج, وصرح وزير التربية بان النقد الموجه للمناهج  الجديدة جزء من حملة يقودها بعض  الفاسدين وان ما قاله نائب الرئيس الاول  راي شخصي.

في المحصلة نلاحظ  ان الشارع غير راض عن العديد من السياسات والقرارات الحكومية...والحكومة غير  راضية عن موقف الشارع الذي يعتبره بعض  اركانها موجها للنيل من نجاحاتها ...فلا انت راضي... ولا انا راضي....وايام عم بتمر ع الفاضي. رحم الله وديع الصافي فقد غنى لواقعنا قبل ان