هناك سببان يدعوان دولة من الدول النامية إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، الأول اختياري هدفه الاستفادة من خبرات الصندوق الفنية، والثاني إلزامي هدفه الحيلولة دون التوقف عن الدفع وانتظار عمليات إعادة الجدولة.
الأردن جرب الطريقتين، فقبل 25 عاماً لجـأ إلى الصندوق مضطراً، عندما نضب احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية، وعجزت وزارة المالية عن دفع الأقساط والفوائد المستحقة.
وقبل أربعة أعوام طلب الأردن من الصندوق رعاية برنامج للإصلاح الاقتصادي لمدة ثلاث سنوات هدفه الأول إقناع الدول المانحة والدائنة بأن الاقتصاد الأردني يسير بالاتجاه الصحيح، وأن المركز المالي للمملكة مأمون.
في الحالة الاضطرارية يكون البرنامج الذي يضعـه الصندوق ملزماً، والتسهيلات المالية التي يقدمها مشروطة، وبالتالي فإن هناك قدراً من التنازل عن السيادة الوطنية، وإخضاع القرار الوطني لما يراه الصندوق.
أما في الحالة الاختيارية فيكون البرنامج تأشيرياً، إن تحققت أهدافه فهذا حسن، وأن لم تتحقق فليست هناك عقوبات. ومواعيد التنفيذ قابلة للتأجيل حسب الظروف، ويبقى البلد سيد نفسه.
الصندوق لا يفرض نفسه على أحد، ولكنه ُيستدعى طلباً للمساعدة، والأردن عضو في الصندوق يملك جزءاً من رأسماله، وله حق الاستفادة من خدماته، على أن يكون في ذلك مختاراً لا مضطراً.
في الوضع الراهن يختار الأردن أن يدخل مع الصندوق في برنامج تصحيح اقتصادي جديد لمدة ثلاث سنوات، مع أنه قادر على تسديد ما يستحق عليه من أقساط وفوائد في مواعيدها، ولا يطالب بإعادة الجدولة أو أية تنازلات من الدائنين، وكل ما هنالك أنه يريد الاستفادة من مصداقية الصندوق وشهادته بأن الأمور تسير بالاتجاه الصحيح، مما يطمئن المانحين والدائنين والمستثمرين ويعزز ثقتهم.
لكن بعض الأمور لا تسير بالاتجاه الصحيح وخاصة في مجال تضخم المديونية بشكل متسارع، فمن المهم أن لا نسمح للدين العام بأن يتفاقم لدرجة تجعل اللجوء إلى الصندوق اضطرارياً وما يعنيه ذلك من الرضوخ للشروط.