رغم أننا نشارك في مناورات شمال السعودية - حفر الباطن - فاننا لم نسمع بأن عنوان هذه المناورات هو: رعد الشمال، وأن الأرقام المتداولة لحجم هذه المناورات هي: 350 الف جندي و2540 مقاتلة حربية، و20 ألف دبابة و460 هليوكبتر هجومية ومن 25 دولة اسلامية هي السعودية ودول الخليج ومصر والسودان والاردن وباكستان واليمن (؟) وتركيا.
نقرأ هذه الأرقام في صحيفة لبنانية لخبرها احترامه وصدقيته، ولكننا - كما قلنا - لم نسمع بهذه الأرقام التي تبدو اسطورية الا اذا نقلت هذه الدول كل جيوشها واسلحتها الى حفر الباطن.. وهذا مستحيل.
في حفر الباطن كان هناك ثلاثة ارباع المليون جندي من ثلاثين دولة متحالفة ضد العراق، وكان أكثرهم اميركيا رغم وجود جنود من مصر وسوريا والسعودية والتعاون الخليجي.. ولم نسمع ان أية قوات منها اصطدمت بالعراقيين.. فيما عدا وحدة دبابات قطرية في منطقة محددة جنوب الكويت!! ولم تكن هناك اسلحة بهذه الضخامة الا اسلحة الاميركيين الجوية، والاطلسيين ودبابات الفرقة 81 الاميركية التي تم نقلها بكاملها من المانيا وهي التي كانت تشكل العمود الفقري لقوات الحلف الاطلسي البرية!.
والسؤال هو: من هو مصدر هذه المعلومات التي وردت في مقال، ولم ترد في زاوية الاخبار؟!.
اغلب الظن ان المستفيد من هذا الكلام هو ايران وحزب الله ونظام الاسد، فهم بحاجة الى خصم له كل هذا الحجم من القوة المسلحة، ليصبح «الانتصار الإلهي»، او ما يشابهه، وارداً. ومن يستمع الى هذه الانتصارات التي يحققها الجيش النظامي، يكتشف انها مجرد قرى صغيرة ومواقع.. فالسبعين الف سوري الهاربين من قراهم يتجمعون الآن على الحدود التركية، وهم حصيلة القصف الجوي الروسي اولا وآخراً.
لقد ربطت مستشارة الرئيس الاسد بثينة شعبان جدية مفاوضات جنيف القادمة، بوصول الجيش السوري الى الحدود مع تركيا.. اي كما يقال اغلاق الحدود. فاذا بقيت تركيا مُصرّة على اغلاق حدودها في وجه اللاجئين، فكيف يتعامل الطارد والمطرود.. وهما سوريان؟ ام ان الحرس الثوري الايراني وحزب الله وميليشيات الاحزاب العراقية ستقوم هي «باغلاق» الحدود؟
هناك كم هائل من الحروب الاعلامية في الفضائيات وفي الصحف العربية، وكلها تستهدف عقل المواطن العربي، مع ان حروب الاعلام المعروفة كانت موجهة الى الخصم.. وليس الى عقل الناس.. وليس على الأردني الا سماع «وجهات النظر» التي يتبادلها «المتحاورون» هذه الأيام، لتجد انك تستمع الى لغات لا علاقة لها باللغة القومية. ولتجد انك في برج بابل: الكل ضد الكل!! والواحد ضد الواحد!! ولا علاقة للجميع بما يحدث فعلاً في الوطن العربي، والا كيف يعلن 34 تنظيماً على الخرائط العربية والاسلامية تعلن ولاءها للخليفة البغدادي ولداعش، مع ان التسمية مقصورة على «الدولة الاسلامية في العراق والشام»؟!